في الصحافة الاردنية .. خالي الرئيس ( اوباما) .. !

mainThumb

11-01-2010 12:00 AM

محمد حسن العمري

-1-

في مقال للكاتب الروائي مؤنس الرزاز حمل ذات مرة على الكاتب الصحفي انيس منصور ، واصفا اياه بكاتب استعراضي ، لو صادف وزيرا بقاعة انتظار في المطار او في الطائرة ، فانه يفرد له مقالا من التودد

يشعرك ان معالي الوزير واياه ، مفطومان سويا ، حال اكثر الصحفيين والكتاب هنا في الاردن ، تبلغ عبارات التودد

اذ يتحدثون عن المسؤولين بعبارات منتهى الود الذي لا تجده الا بين الاصدقاء ، يلعبون الورق ، يتناولون الشاي ، على طاولة واحدة..!

كل الوزراء وروؤساء الوزرات والبشوات بمناصبهم العليا ، اصبحوا في الصحافة الاردنية ينعتون ، بمعالي ( ابو فلان!) و دولة ( ابو فلان!) والباشا ( ابو فلان!)..!

-2-

في القضاء العربي الضارب في التاريخ ، اعترض علي بن ابي طالب الخلفية لاني القاضي ناداه بكنيته ( يا ابا الحسن..!) ونادى غريمه اليهودي باسمه ، فمال هواه قبل ان يحكم في القضية ، واليوم اذ ينصب الاعلام كدوره الصحيح في نقد وتصحيح

الوضع السياسي الراهن ، وهذا الود الفائض عن ( حاجته!) بين المسؤولين والكتّاب ، لا اعرف ان كان على طريقة الحب من طرف واحد او الاستعطاف او حال المستشارين الصحفيين الذين قطعت رزقهم (!!) مدونة السلوك الصحفي التي تبنتها الحكومة الجديدة،

وعاد فيها دور الكاتب الصحفي الى المربع الاول ، حيث بدأت الكتابة وانتهت بها ، وعاد الصحفي ليصير كاتبا ، وليس موظفا من الدرجة العليا بمرتبة سفير..!

-3-

تحضرني نكتة ، معروفة ، مجملها ان جحا الذي لم يكن له اي قيمة تذكر بين قومه ، فذهب الى الخليفة تودد اليه اذا زار الحي الذي يقيم فيه جحا ان يناديه باسمه بين العوام ، فيرتفع شأن جحا ، ويصير من علية القوم ، ضحك الخلفة من فطانة جحا ، وذهب في نفس اليوم للحي الذي يقيم فيه جحا ، حيث كان جحا منهمكا في عمله حذّاءً يضرب الحديد فوق حذوة فرس يصلحها ، فشق الخليفة طريقه اليه وقال له بتودد : " اين انت يا جحا..!"" منذ زمن لم نتسامر سويا "، فعاش حجا الدور الذي وضعه فيه الخليفة ، ونسي نفسه ، وقال بسرعة وحنق وغضب : " الله اكبر ..وراي وراي انت ..حل عني عندي شغلي..زهقتني..!"

المهم ان الخليفة ، ضحك من ردة فعل جحا اذ صار بكلمة واحدة الى هذا ( الزهو!) ، وهذا الزهو الذي اجده حاضرا بقوة اذ اقرأ لساداتنا الكتاب الصحفيين منهم اكثر ، وهم يلغون التكلفة والخطاب بالمسميات الوظيفية ، على غرار ( ابو فلان) ، هذا الزهو الذي يشعرك كقارئ بالدرجة الاولى اننا لسنا بين حلقة مسؤول وكاتب ، بل بين اصدقاء مفترضين ، لا اعرف ان كانوا على طريقة انيس منصور اصلا..!

-4-

عندما يصبح الشخص – اي شخص – بمنصب عام ، فقد خرج من كل اعبائه الشخصية ، واصبح بوظيفته ودوره الرسمي ملكا للجميع ، تتهاوى فيه الصداقات المفترضة او المصطنعة لاغراض التودد ، وتبلغ الديمقراطية ذروتها اذ تتلاشى ايضا العلاقات بحدها الاكبر كالقرابة مثلا ، حصل في مصر مرة احد قادة المعارضة الكتّاب وشقيقه وزيرا ، فكان ينتقد و يكتب السيد الوزير ، وحالات كثيرة جدا حتى هنا في الاردن تجد الشقيق ليث الشبيلات مثلا في اقصى المعارضة والشقيق الطبيب غيث الشبيلات ومن قبله اباه المرحوم فرحان الشبيلات في صف اليمين ، ونائبة الرئيس السوري الحالي نجاح العطار فيما كان شقيقها الشيخ عصام العطار الذي تزعم تنظيم الاخوان المسلمين في اقصى مراحل العنف الدموي مع الحكومة السورية اوائل الثمانينات من القرن الماضي..!

والموقف السياسي في العادة خارج حدود الصداقة والقرابة اكثر ، ولا مبرر بالمطلق اليوم ان يضع الكتاّب حيث يفترض انهم السلطة الرابعة ، انفسهم بهذا الود المخطوب بلا مهر ولا عقد..!

-5-

كنت اتحدث بالهاتف بصوت مسموع في بهو الفندق مع زميل من السودان ، وتتابعت كلمة السودان عدة مرات في المكالمة ،

وبعد ان انتهت المكالمة كان يجلس قريبا مني ، رجل سوداني مهندس بحري يعمل في دبي ، وعرفني على نفسه ، وقلت له بسبب بشرته الضاربة في السمرة على خلاف السودانيين ذوي البشرة السمراء المتوسطة ، حسبته غير عربي ، من الاخوة الافارقة ، وقال بتحبب كبير " انا سوداني.." يلفظ كلمة سوداني على طريقة السودانيين الجميلة ، تلفظ ولا تكتب ، قال :" اما بشرتي السوداء لان امي كينية يعني من كينيا ، يعني اكثر الرئيس الامريكي باراك اوباما هو خالي..!"



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد