يا طلابنا بالله عليكم ما ذا حصدتم؟

mainThumb

04-05-2010 05:36 AM

 لقد كرم الله سبحانه وتعالى الإنسان وخلقه بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته وسخر له الكون بما فيه، وزوده بالقوى والمواهب ليسود الأرض، ولا يمكن للإنسان أن يبلغ غايته إلا إذا حصل على حقوقه التي ضمنها له الخالق، وأهمها حق الحياة والشعور بالأمان .




فالقتل هدم للبناء الذي أراده الله، ونهى عن التعرض له عبر كل الأديان التي كانت بلادنا مهد استقبالها ونشرها قناديل تضيء دروب البشرية. بالرغم من كون أردننا ما زال واحة أمن وأمان إذا ما قورن بدول الجوار والعالم إلا أننا وفي السنوات الأخيرة بدأنا نتوجس خيفة من تنامي ظاهرة العنف الجامعي التي أخذت تنتقل بين الجامعات دون أن ندق – جادين - ناقوس الخطر فالمشاجرات العنيفة كالمرض المعدي، لا تكاد تهدأ في جامعة حتى تبدأ في أخرى.


 

ولا نكاد نفيق من ذهولنا بعد سماعنا لقصة طالب طعن زميله بأداة حادة في الشمال، حتى يذهلنا مرة أخرى، صوت رصاص في الوسط ثم تصفعنا بعد ذلك قصة قتل وإزهاق روح بطريقة لا إنسانية في الجنوب. والأسباب كلها لا تبيح حتى قتل قطة فما هذا الاستهتار بأهم ثروات الوطن، إن هذا الشاب الذي يقتل في العشرين من العمر قد انفق عليه أهله الآلاف، وأنفق عليه الوطن أيضا آلافا أخرى في الصحة والتعليم وغيرها من الخدمات حتى إذا ما أصبح ثمرة ناضجة يرجى خيرها لأهلها والوطن تهدر بلحظة غضب ولامبالاة؟!.

 


إننا نعيش في أزمة حقيقية أزمة ثروات يرتفع فيها سعر كل شيء إلا الإنسان، ثم أين المشاعر ؟ أين الإنسانية ؟ أين زميلك الذي عشت معه جزءا من حياتك ؟. كان من الممكن أن تجعل منها أجمل الذكريات للمستقبل لقد خرج في الصباح من بيته بعد أن لبس أجمل الثياب وتطيب بأذكى الروائح ونظر إلى نفسه بالمرآة وطلب من أمه أن تدعو له فقالت نجحك الله يا بني .لم تتوقع هذه الأم وهي تنتظر أبنها على مائدة الغداء إن يعود إليها جثة ملطخة بالدماء، على يد زميله لمجرد خلاف نشأ بينهما.

 


قل لي بالله عليك أيها المستهتر كيف ستواجه قلب هذه الأم؟!. إنني فعلا أصدم عندما أسمع مثل هذه الأخبار الفاجعة لا أقول بأنني أبكي حتى تتبلل الأرض بدموعي - رغم أنها تنتابني الرغبة بذلك إلا أنني لا أجد للبكاء سبيلا – لكني أشعر بفراغ كبير في نفسي .. لا يكاد يملأه شيء أشعر كمن يسقط في هاوية مظلمة لا قرار لها..جوانبها متباعدة..أكاد أمد يدي في كل اتجاه فلا ألمس شيئا... أنادي فلا أسمع .. لا صدى .. ولا صوت ... ولا إجابة! إنني ابحث في نفس ذلك الجاني عن الإنسانية التي نتباهى بها على باقي المخلوقات. هل لم تعد سوى دافع للتسلط على الكون ؟. هل بات نحتكم إلى قانون الغاب؟ أين ذلك القانون الرباني الذي ساوى بين من قتل زميله في الجامعة بغير حق، وبين من ألقى قنبلة هيروشيما وناجازاكي فقتل خلقا كثيرا؟ القانون واضح (من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا)(ولزوال الدنيا أهون على الله من قتل المؤمن بغير حق ).

 


فمتى نعرف قيمة الإنسان الحقيقية . إنني حزينة جدا على كل شاب فقده الوطن. واشعر بالأسف أيضا على كل قاتل فان كانت نزوة شيطانية ونزعة الشر فيه جعلته ينهي حياة زميله في لحظة طيش ،فسوف يستفيق من غفلته ولسوف ينال عقوبته في الدنيا وسيخسر دراسته وأصدقاءه وراحة باله ولسوف يندم حين لا ينفع الندم فقد حكم على حياته بالتعطيل .

 


إلا أن القضية لن تنتهي فسيتعلق به غريمه يوم الحساب يخاصمه إلى ربه وليأخذن حقه كاملا. قد تكون مشاعري هذه هي مشاعر الكثيرين من أبناء الوطن تجاه من كانوا ضحية عدم قدرة الآخرين على التحكم بردود أفعالهم وعدم معرفتهم بكيفية بناء جسور التواصل . وكيفية تقبل الاختلاف مع الآخرين وهذا علم يجب أن يدرس في مدارسنا وجامعاتنا فالمشاعر وحدها لا تنفع صحيح أن رحيل كل شاب بهذا الاستهتار يحفر في قلبي عميقا . ولكم أتمنى أن ابكي عليهم جميعا فيسمع العالم كله نحيبي ويسمعوني هم بل وحتى أولئك المستهترون أتمنى أن يسمعوا بكائي الذي لم أستطع سماعه وأناأسقط في تلك الهاوية السحيقة التي لا قرار لها. لكن علينا جميعا أن نتكاتف لنوقف هذه الظاهرة عن النمو.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد