سلم الرواتب ومصعد الاسعار

mainThumb

04-08-2010 06:41 AM

اثناء جلوسي احتسي قهوتي المسائيه ، محدثا ابنائي عن بطولاتي طوال النهار ، اخذت احدثهم باسهاب وعن ادق ادق التفاصيل من تصبيحتي على صاحب محل الخضار وصاحب البقالة لقرائتي الفاتحه على ارواح الموتى والدعاء لراتبي الحزين ، واخذت احدثهم بما جرى من احداث بعضها حقيقي والكثير الكثير من نسج الخيال .



ليقاطعني اوسطهم بسؤال كم راتبك ، كم حسابك بالبنك ، فاخذت افكر بهم مستقبلاً كيف انا واي اب من مرضى الرواتب في الاردن يستطيع تلبية طلبات ثلاثة صبيان من مأكل ومشرب ومصاريف دراسة جامعية وزواج وبناء بيوت في ظل بقايا الراتب المتبقي في الصراف الالي وارتفاع الاسعار الجنوني . فقررت اجراء تجربه في احدى المباني الكبيره في العاصمه عمان بان اقوم باختبار ايهما اسرع المصعد المكتض ام الدرج المهترئ الخاوي ، فصعدت بالمصعد للطابق الخامس حيث مكتبي وقصدت الدرج لإخذ معيار زمني للنزول بالدرج والصعود بالمصعد فكانت النتيجه مرضيه لي بان الدرج اسرع بالتدحرج عليه وفيه فوائد اخرى من ضمنها تمارين رياضيه مهلكه ومنشطه للجسم والعقل ، عدا عن النوم مبكراً من شدة التعب الامر الذي يؤدي لعدم استغابتي احد من الاصدقاء او المقربين .



لكني واثناء نومي تذكرت اعادة التجربة معكوسه بان اصعد بالدرج وانزل بالمصعد ،تلك معادلات مجنونه ما بين الارتفاع السريع للاسعار والضرائب وسلم الرواتب المهترئ المتآكل . فكيف يطلب مني كموظف ان اقوم بكل واجباتي الوظيفيه بكل امانه واخلاص ، ويطلب مني ان امتثل لأوامر مديري وزملائي بالوظيفه ، تاركاً كل هموم منزلي وابنائي وواجباتي الاجتماعية خلف ظهري ويمنع علي ان اضع اي من مشاكلي العائليه على طاولتي لمناقشتها مع نفسي . فراتبي الشهري اكلت منه البنوك ، ما ابقته الخصميات الادارية والمصاريف الشخصيه و مناسبات اجتماعية ، ولم يبقى منه شيئاً لإحتياجاتي الاسرية او لمتطلبات عيشي بكرامه. اقف بطابور طويل امام الصراف الالي منتظراً دوري لسحب ما تبقى من الراتب وانا في سجال ومحاسبه وجمع وطرح وتقسيم وتسديد ديون ، حيث قمت منذ راتبي الاول ، بشطب بند التوفير من موازنتي الشهرية ، وذلك لعدم بقاء مخصصات لها لعدة سنوات . اتنقل بالراتب من خصم السلفه الدوريه المتجدده ، لخصم اقساط القرض ، وتسديد محل البقاله ، ومحل الخضار ، ومعرض المفروشات ، واقوم بتدوير دينة حماتي ، التي تغمز وتهمز على الدينه وقت كل راتب الامر الذي يجبرني لدعوتها على العشاء لارغامها على الصبر للراتب القادم .



 ان مدة صلاحية راتبي عشرين متراً ، تبدأ من الصرف الالى وتنتهي بمحل الخضار ، مما يضطرني كل شهر اعود الى منزلي ( كعابي ) واحمل كيس بلاستكي صغير يحوي اوراقي التي تم خصمها ، واحلام اطفالي برحله ترفيهيه حول وطني الذي اعشق . واستذكر باني عند قبضي اول راتب لي بالوظيفه ولشدة فرحتي به قررت ان امتطي تكسي مكتب اصفر ، وجعلت السائق يطلق الابواق امام نساء الحاره ، وندمت على هذا التصرف لاحقاً لعدم توفير اجرة التكسي لهكذا ايام . حزين راتبي كما انا، فلم يتبقى منا نحن الاثنين شيئا ، تجدني في بداية الشهر اخطط لما ساقوم بتنفيذه حين قبض الراتب من مشاريع اسرية ضخمه كنت قد خططت لها سابقاً بالاضافة لتغذية خطط خمسيه منزليه كنت قد وضعتها سابقاً من ضمنها تصليح الثلاجه وخزانة الاحذيه.



 ولكني هنا اشكر حكومتي التي تعلم باني شخص مبذر ومسرف حيث بان لها الامر بتصرفي الشقي الارعن بامتطاء تكسي عند قبضي اول راتب وظيفي ، مما اثر على موزانتي طوال حياة راتبي ، فقامت هي بتنظيم اموري الشخصية وادارة راتبي بالنيابه عني كونها تعلم باني لا استطيع ادارة اموالي وممتلكاتي ، فقامت بتقسيمه بشكل يضمن لي دوامة لامتناهية من الحسابات الشهرية من سلف وديون وقروض واقحامي بتكنولوجيا ميسره تقضي علي كما راتبي . وكوني اعشق الهدوء والراحة ،



ولا اعتراض مني على ادارة اموالي من حكومتي ، ومجرد مقترح من موظف لحكومتي بان تأخذ على عاتقها ايضا تسديد ديوني الشخصيه من الراتب طبعاً ، وبشكل شهري لصاحب البقاله ومحل الخضار وغيره من الدائنين ، لتأخذ عني عبء استلامه والوقوف بالطابور لساعات امام الصراف الالي على ان تكون هي بذاتها جابي لكل من صاحب البقاله ومحل الخضار . ليتم تحويل ما تبقى من راتبي لمحل الخضار ، بدل الصراف الالي اللعين الذي يفقسني كل شهر امام زملائي ، وبذلك اضمن سلامة حذائي من الاستهلاك الشهري ، لعلي استطيع توفير شيئ من راتبي وبدل وقوفي امام الصراف الالي لسحب بقايا الراتب يكون وقوفي امام محل خضار انا وباقي الموظفين . وسلامتكم من الراتب


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد