أمانة المشاركة في الانتخابات لضمان حق المواطن

mainThumb

11-10-2010 07:37 AM

لم يكن من المستغرب التدخل المباشر و السريع لجلالة الملك عبد الله الثاني لحل مجلس النواب الأردني الخامس عشر بعد الفشل الذريع لأداء نوابه و ما سببه من إحباط كبير لدى المواطن الأردني مما عرقل عملية التنمية السياسية و الديمقراطية في الأردن.


وأمام استحقاق نيابي جديد أتى بناء على رغبة المواطن و يعتبر فرصة كبيرة أمامه للمساهمة في بناء مجلس نيابي قوي قادر على تبني مطالب المجتمع الأردني و حماية حقوقه فإن المواطن يقف هنا أمام تحد كبير لإثبات كيانه من خلال مجلسه القادم بإذن الله و للتأكيد بأنه محل ثقة جلالته به لإعادة اختيار مرشحه بما يخدم المجتمع و الوطن .


و ليس خفياً أن سوء اختيار بعض الناخبين لمرشحيهم و الذي بني في غالبيته على اعتبارات و منافع شخصية كان بداية لفشل المجلس و أولى محطات فشل عملية التنمية السياسية و الديمقراطية , و ليس كما يقال بأن عدم مشاركة الإسلاميين أو بسبب وجود قانون انتخابي غير مجدي هما السببين الرئيسيين فقط .


فالنائب الكفؤ قادر على إحداث التغيير الذي يصب في مصلحة الوطن و المواطن حتى و إن لم يكن إسلامي التوجه و وجود قانون انتخابات لا يعكس صورة الأردن و مواطنيه الحقيقية لا يمنع الناخب بالضرورة من اختيار المرشح الكفؤ حيث يمتلئ الوطن بأشخاص مؤهلين و كفؤين و أجدر للعمل النيابي و أقدر على تبني هموم المواطن و إيصال مطالبه و حماية حقوقه .


و يمكن الوقوف عند أهم ركن من أركان العملية الانتخابية و الذي يعتبر جوهرها و غايتها و محركها و الذي يتمثل بالمواطن و مشاركته في العملية الانتخابية ابتداء لإثبات وجوده و كيانه الشخصي كإنسان يتمتع بشخصية قانونية و ذو أهلية لممارسة حقه الدستوري في الانتخاب , فالمشاركة في العملية الانتخابية تزيد من انتماءه لمجتمعه و بيئته و تساهم في زيادة المعرفة بغايات و توجهات المرشحين و برامجهم الانتخابية مما يسهم في مجمله في زيادة مستوى الوعي لدى المواطنين و في زراعة واجب المشاركة و أهميتها لدى الأبناء .


و لا يصح هنا ترديد ما يقال بأن عدم وجود مرشحين أكفاء أو بسبب مجلس سابق أثبت عدم جدارته يعتبر سبب لعدم إقدام المواطن و الناخب على ممارسة حقه في الانتخاب , فممارسة المواطن لحقه الدستوري و إن صب في النهاية لصالح مرشح غير كفؤ فانه يعتبر إثبات و تمكين لوجود المواطن كإنسان يتمتع بحق سياسي لطالما حرم منها مجتمعات و أشخاص من حول العالم .


فوجود المواطن ضمن العملية الانتخابية يعتبر تعزيزاً للتنمية الديمقراطية في الأردن و حماية أكبر لحقوق المواطنين وسلوكاً أفضل في ممارسة الحق السياسي و حصانة أكبر للمواطن ضد التخلف السياسي .


و عند الحديث عن دولة ذات مستوى و نضوج تعليمي عال مثل الأردن استمدت صلابة بنيانها من صلابة تاريخها المنحوت في البتراء فإن أي إحجام من قبل المواطن عن ممارسه حقه يعتبر تقاعساً منه في حماية حق المجتمع و حقوق أبناءه في أن يروا مستقبلاً أكثر إشراقا بل و يعتبر عاملاً مهما من عوامل وجود البرلمان الضعيف و غير الكفؤ .


فمستقبل أبنائنا يتطلب منا اختيار من نرضى أمانته و نزاهته حتى يكون النائب صادقا مع نفسه و معنا و ليكون أقدر على تبنى مطالبنا و حمايتها و تحمل مسئولياته كنائب للوطن،  و مستقبل أبنائنا لا يبنى على اختيار مرشحين يملكون برنامجا انتخابيا حافلاًً بالشعارات البراقة بينما لا تحتوي سيرتهم الذاتية على أي إنجاز أو عمل يخدم المواطن .


و من أضيق الاختيارات الحسنة أن لا يبنى مستقبل أبنائنا على اختيار مرشحين لا يحملون درجات جامعية على أقل تقدير بينما يعتبر الأردن من بين العشر الدول الأولى في العالم بنسبة عدد حملة الدرجات الجامعية و هذا يعتبر استخفافا بمستوى و صورة الأردن و المجلس النيابي و مواطنيه .


كما و يستحسن و من باب تضييق الاختيارات الحسنة أن لا يبنى اختيارنا للمرشح بناءاً على انتماء العشيرة أو العائلة أو المنطقة , أو أن يكون اختيارنا قائماً على تميز معنوي أو مادي فقد يكون أحد مرشحي المنطقة أو الدائرة أو العشيرة الأخرى أكثر جدارة و كفاءة من مرشح العشيرة أو المنطقة , فلما نحرم المجتمع من عطاء مفقود و نفضل المصالح الخاصة عن المصلحة العامة .


لن نقف كثيراً عند أهمية المشاركة الفاعلة للمواطن في العملية الانتخابية و في بيان أهمية العلاقة المباشرة بين مشاركة المواطن المبنية على إعتبارات تمكين الحق و المشاركة و حسن الاختيار و بين بناء مستقبل الأردن بوجود المواطن الواعي و المساهم الذي يساهم في صنع المجلس النيابي القوي الجدير بالمحافظة على مصالح الوطن و المواطن .


فالتجربة السابقة للبرلمان المنحلة ولايته ساهمت في عدول الكثيرين عن رأيهم خصوصاً تلك الفئة التي لم تمارس حقها الانتخابي من قبل إلى ضرورة المشاركة و إعادة خيارات الاختيار بين المرشحين بما يصب في مصلحة الوطن , حتى و إن بدا ظاهراً مقاطعة بعض الأطراف و الشخصيات المهمة للعملية الانتخابية.


فصوت الأغلبية الصامتة بدأ بالتحرك نحو التغير للأفضل و إذا ما اتفقنا على اعتبار المواطن الأردني هو محور العملية الانتخابية فأنه و من خلال أبناءه سيقوم باختيار الشخص المناسب ليضعه في مجلس النواب القادم .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد