عام جديد

عام جديد

20-12-2025 04:19 PM

حين يطرق الشتاء أبواب العام الجديد، لا يأتي برده وحده، بل يحمل معه دفئًا خفيًا، يوقظ القلوب النائمة، ويهمس للعقول أن ابدئي من جديد.
تبدأ الحكاية دون ضجيج، والسماء تراقب، والأفلاك تدور، والتوقعات تكثر، لكن العلم كلّه عند الله، وحده العليم بخفايا البدايات ونهاياتها.
تدقّ الساعة الثانية عشرة، ويعلن الزمن ميلاد عامٍ جديد.
تُصفَّر الأرقام، وتُغلق دفاتر الأمس، ويقف الإنسان أمام نفسه:
رصيدك الآن صفر…
لا خسارة ولا ربح، فقط فرصة.
فرصة أن تزرع دون استعجال، أن تعمل دون تذمّر، أن تؤمن بأن النتائج لا تُقطف في أوّل الطريق.
مشاريع القلب، والعقل، والروح، والعمل، والعلاقات، كلها تحتاج صبرًا يشبه الإيمان، وسعيًا لا يكلّ.
تمضي الأيام، ومعها تبدأ الأرباح بالتشكّل، لا دفعةً واحدة، بل قطراتٍ من الأمل، وخطواتٍ صغيرة، إن أذن الله.
فما كان لله دام ونما، وما كان لغيره ذبل ولو كثر.
وتتسارع الأحداث، كأن العام يختصر نفسه، فلا تلبث الأشهر أن تقرّبنا من رمضان، محطة الروح، وموعد المراجعة الصادقة.
نعود إلى أنفسنا، نحاسبها بلطف، ونمنحها فرصة ثانية، لعلّ ما عجزنا عنه من قبل يتحقق الآن.
وحتى إن تعثّرنا، فالله لا يغلق بابًا إلا فتح غيره، وما دام في العمر بقية، ففي الأمل متّسع.
يحلّ رمضان، فتتطهّر الأيام، وتلين القلوب، وتعلو الأدعية، وتتنزّل السكينة.
آيات تتلى، وصلوات تُقام، وأرواح تجتمع على مائدة واحدة: مائدة القرب من الله.
ثم يأتي العيد، خفيفًا كابتسامة طفل، مشرقًا كهلالٍ يعلن أن للفرح مكانًا بعد التعب.
ويمضي الوقت، ويطلّ موسم الحج، ويأتي يوم عرفة، اليوم الذي تتعرّى فيه القلوب من أثقالها، وترتفع الأكفّ برجاء صادق:
اللهم تقبّل…
وهنا ندرك أن نصف العام قد مضى، وأن الأيام، مهما اختلفت، تحمل في طيّاتها خيرًا وفرصًا لا تُحصى.
فالحياة ليست سباقًا، بل رحلة.
والبدايات تتكرر، والفرص تتجدد، والله أعلم بما تخفيه الأقدار، وأرحم بنا مما نتصوّر.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد