بطل المقر

mainThumb

08-11-2010 05:25 AM

 من خلال رصدي للعملية الانتخابية ككل في محافظتي المفرق ، وجدت قاسم مشترك بين معظم المقرات الانتخابية ، ومشهد ان لم يكن مكرر بها كلها سيكون مكرر بالغالبية منها ، فبجوار سكون منتصف الليل ، يجلس المرشح وعجوز ثمانيني يرتدي عباءة ومجموعة شباب عيونهم ترقب بفرح مرشحهم ليبدأ حوارهم بسلسلة اقتراحات عن سير العملية الانتخابية ككل ، بدءا من يافطات الدعم والمؤازرة المعلقة في جميع إرجاء المقر الانتخابي ، التي حضرت وغاب أصحابها مدعي الدعم ، وصولاً للتحليل اليومي للوضع الانتخابي و شحن همم الشباب بالعزم ، استعداداً ليوم الاقتراع .

وفي ليلة ساقتني أقدامي نحو المقر الانتخابي ، حتى أجد نفسي اجلس لأكمل دائرة لمجموعة أشخاص تباينت أعمارهم ، يتبادلون فيما بينهم حديث الانتخاب ، وأكثر ما جذبني حديث شاب يتحدث دون كلل أو ملل ، مطلع على كل شيء ، فنان وخبير بالوضع الانتخابي وملم بأعداد الناخبين الأحياء منهم والأموات ، و بأسماء كل مرشحي ومرشحات الدائرة ، وأسماء أشقائهم وأرقام هواتفهم حتى أنواع سياراتهم ....ومطلع حتى على اللجان والتجمعات الشبابية الوهمية التي تعمل بالخفاء لمصلحة ترجيح كفة على أخرى ومن توسط لديهم من المترشحين لينال الرضي دون غيره ....



وكلما حاول احد الحضور التحدث ليثري النقاش ، قاطعه ذات الشاب بصوت مرتفع ليثبت للجميع مرة أخرى بأنه بطل حلقة اليوم .


ومن سلسلة الاجتماعات الانتخابية ليستشهد بتحليلاته في الانتخابات السابقة ، وكيف زكى نجاح من , وخروج من , مستشهداً بصديق له الذي اومى برأسه دلالة على صحة القول .



تجده ظلاً للمرشح يتحرك بسرعة ويقف يرقب الجميع ، يخرج من المقر مسرعاً حاملاً هاتفه الخلوي ليشعرنا بأهمية المتصل معه ، وما ان يفتقده الحضور للحظة لنتنفس الصعداء حتى يعود ليكسر هدوء حوارنا..


تحدثنا عن الشعارات فتحدث ......تحدثنا عن الوطن ......تحدثنا عن الحب والشعر ......عن المطر .... عن ضيق الوقت ......عن الحروب ............... سكتنا جميعاً واصل الحديث ....فتحدث عن النتائج ومن سيفوز بأرقام صحيحة دقيقة ....حتى انه مطلع على رقم قطعة الأرض المقام عليها مجلس الأمة.....وتحدث عن تدخل الحكومة والتزوير وحكومة الظل ودورها .....بلغة الواثق .......يا الله كم هو جرئ ومسنود ومطلع .......وضليع ............حتى غفوت ...واستذكرت حديث جدتي (حلو لسان قليل إحسان) .

قد تجد ذات الشخص في جميع زوايا المقر في الوقت نفسه ، فقد تسأل سؤال وسرعان ما يجيب ، وما ان قدمت استفسار فما أسرع الرد ، وما قد يقوله الجميع هو خطأ في نظره ، فهو فقط المحترف في هذه المواقف وصاحب التجربة العميقة التي تؤهله ليكون الرجل الثاني بعد النائب ، وما تبقى من المؤازرين هم عبارة عن عداد أصوات فقط.



حتى استذكرت قول الشاعر لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم و لا سراة إذا جهـالـهـم ســــادوا
تهدي الأمور بأهل الرأي ما صلحـت وان تـوالــت فـبــا لا شـــرار تـنـقـاد
 إذا تـولـى ســراة الـنــاس أمرهم نمـا علـى ذاك أمر القـوم فــازدادوا
فيـنـا معـاشـر لــم يبـنـوا لقـومـهـم وان بنـى قومهـم مـا فسـدوا عـادوا


ان الوقت وقته فالكل يسترضيه ، حتى المرشح المسكين يسترضيه ، وأخاف ان يأتي يوم تكون حكومتنا تسترضيه ...ومجلس النواب يسترضيه .....ويطوف بي الخوف بان يأتي يوم ويكون أعضاء مجلس النواب كلهم من أبطال المقرات السابقين .

maenalfarhan@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد