المؤسسية الحزبية

المؤسسية الحزبية

11-12-2010 11:23 PM

عرف الأردن منذ استئناف الحياة الديمقراطية عام 1989 تشكيل العديد من الأحزاب ، أطلق عليها أو أطلقت على نفسها تسمية الأحزاب الوطنية تارة والأحزاب الوسطية تارة أخرى ، وخلال هذه المدة الممتدة لواحد وعشرين عاما" اندمجت بعض الأحزاب ببعضها وذابت أحزاب أخرى وانتهى أمرها لقلة الامكانيات المادية والثقافة الحزبية ، وبقي على الساحة منها الآن مايقارب الخمسة عشر حزبا" ، يضاف اليها الأحزاب الدينية والأحزاب العقائدية الموجودة أصلا" على الساحة ومنذ مدة طويلة .

 

     ولقد اعتمد تشكيل الأحزاب الوسطية في البدء على أسماء مؤسسيها وفي الغالب كان المؤسس أحد رموز العمل السياسي الحكومي أو من كان يشغل منصبا" حكوميا" رفيعا" بحيث أطلق اسم المؤسس على الحزب بطريقة توحي بأنه مالك هذا الحزب ، وشهدت هذه الأحزاب انتسابات بأعداد كبيرة لها تبعا" لاسم أمين الحزب طمعا" بمنصب حكومي أو استفادة ما لقاء هذا الانتساب ، وكان الأمر في بدايته مقبولا" أملا" في تجذر الحالة الحزبية وفهم الأهداف المتوخاة من تشكيل الأحزاب التي تعمل في العادة على تنمية الحياة السياسية وتثبيت أسس الديمقراطية ، الا أن هذا لم يحصل للأسف الشديد .

 

     ان الناظر الى طريقة تشكيل الاحزاب وأسماء قياداتها سواء ممن يشكلون مجلسها الوطني او لجنتها التنفيذية لابد ان يلاحظ أن الغالبية العظمى منهم وفي أكثر من حزب هم من المتقاعدين الذين شغلوا وظائف عليا في الدولة ، فترى بينهم الوزير السابق والأمناء العامين وكبار ضباط القوات المسلحة بفروعها المختلفة وكبار رجال الاقتصاد ومن شابههم ، وبذلك أصبحت هذه الأحزاب تسير بذات النمط التي تبنى عليه المصالح الحكومية من حيث تدرج الرتب حتى في النقاشات الداخلية للجان الأحزاب ، ومن سماع مايجري في الاحاديث المتبادلة مع أعضاء هذه الأحزاب يتملك المرء شعور حقيقي بأنه أمام اجتماعات حكومية صرفة ، ولربما يزيد هذا الأمر سوءا" أن معظم المشاركين مازالوا على اعتقاد واهم بأنهم مازالوا يمارسون العمل الحكومي .

 

     والناظر أيضا" لهذه الأحزاب لابد أن يلاحظ وبنظرة بسيطة غياب عنصر الشباب الفاعل الحقيقي في تكوين الأحزاب ورفدها وتنميتها وضمان استمرارها ، وهو أمر يثبت صحته الانتخابات الطلابية التي تجري في الجامعات الأردنية كل عام ، والتي تبين الغياب الكامل للأحزاب على كثرة عددها باستثناء حزب جبهة العمل الاسلامي الذراع السياسي لجماعة الاخوان المسلمين ، وتفسير هذا مرده للنظرة الوظيفية لقيادات الأحزاب والتي تخشى أن يأخذ الموظف الشاب الجديد مكانها فتعمد الى كبح مسيرته والقضاء على ابداعاته .

 

     لقد مرت فترة كافية لتدرك القيادات الحزبية أن تغييب الشباب عن الساحة السياسية والانغلاق على مجموعة المؤسسين يؤدي الى تلاشي الحزب تدريجيا" وهو ماحصل مع أحزاب عديدة انتهى أمرها وأصبحت طي النسيان ، وأن على هذه القيادات الاطلاع على التجارب الحزبية للأحزاب المشابهة لها في الدول التي سبقتنا في المسيرة الديمقراطية والأخذ منها بما يفيدنا ويتناسب معنا ، وأن التجديد هو سمة العصر وهو أساس الاستمرار والبقاء ، وهذا كله لايتأتى الا بمأسسة الأحزاب وجعل العمل فيها مؤسسيا" وتوزيع المهام بين الأعضاء كل حسب علمه وثقافته ونشاطه الحزبي ومدى صدق انتمائه لأفكار الحزب المنتسب اليه ، وبغير هذا لن يكون أمام الأحزاب الا التلاشي تدريجيا" بتلاشي القيادات القابضة على مختلف شؤون الحزب بحق وبغير حق ، وللحديث بقية .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد