العالم الرباني نوح القضاه رحمه الله

mainThumb

20-12-2010 08:00 PM

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّد المرسلين، نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أمّا بعد، فإنَّ الله عز وجل جعل العلماء ورثة الأنبياء، وجعلهم نجومًا يُهتدى بهم في الظلماء، ومعالم يُقتدى بهم في البيداء، أقامهم تعالى حماة للدين، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، ولولاهم لطمست معالمه، وانتكست أعلامه، بتلبيس المضلّين، وتدليس الغاوين . موت العلماء فاجعة عظيمة لكل من أحبهم أو سار على نهجهم .نشعر بالأمان حين نسمعهم ونملي أعيننا بالنظر إلى جهادهم في الحق وللحق وحده.


((الشيخ نوح القضاة ))- عليه شآبيب الرحمة - هو أبٌ عرفناه بحسن خلقه وحنوّه مع أبنائه ومحبيه، وصولةٌ في الحق على أعداء الدين ..


كم كنت أخشى أن يأتي اليوم الذي يموت فيه هذا الشيخ الجليل .. ولا تسألوني لِمَ؟ قلّةٌ هم الذين زهدوا في الدنيا ونعيمها كأمثاله ..


العلماء هم ورثة الأنبياء، بهم تتضح معالم الدين، وتتميز السنة، وتموت البدعة، ويظهر الحق، ويزهق الباطل، ولا تزال الأمة بخير ما دام فيها علماء مخلصون وفقهاء ورعون، يزودون عن حياض الدين، ويدفعون عنه كيد الأعداء، ومكر المبطلين.
مات العلماء انتشر الجهل والجهالة، وعاش الناس بين الأباطيل يرددونها، والضلالات يعملون بها، فتراهم يهيمون على وجوههم بلا رائد يصدقهم، أو هاد يهديهم سواء السبيل، وهذا لعمري هو الموت المحقق، والدليل على قرب النهاية.. عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبقَ عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهّالاً يستفتون فيفتونهم برأيهم فيضلون ويضلون" (متفق عليه).



وإذا مات العلماء حلت المصيبة، وأي مصيبة أعظم من موت العالم.. إنها أشد من الكوارث والزلازل؛ لأن الكوارث والزلازل تزلزل حياة الناس المادية، وأما موت العلماء فيزلزل حياة الناس الروحية والمعنوية. وإن ترابط أفراد المجتمع المسلم، علامة خير ورشد، فالمسلم يفرح لفرح أخيه، ويسعد لسروره، ويتمنى الخير له، كما يشاركه في حزنه إن ألمت به مصيبة، أو حلت به نازلة، فالمسلمون كالجسد الواحد، والجسد يتألم كله لألم أحد أعضائه، فضلاً عن فقدانه يقول الرسول عليه الصلاة والسلام ((المسلمون كرجل واحد إن اشتكى عينه اشتكى كله، وإن اشتكى رأسه اشتكى كله)) .



ألا وإن مما يحمد لمجتمعنا المسلم حَبه للعلماء الراسخين والدعاة الصادقين، والصدور عن فتياهم، والأخذ بأقوالهم الموافقة للكتاب والسنة، فما تنزل بالمسلمين نازلة إلا ويسارع الكثيرون إلى سؤال العلماء والاستنارة برأيهم . أمّا إن حل بأحد العلماء أجله المقدر وانطوت صحيفته وانتقل عن هذه الدنيا، فإن الجموع تحزن والعيون تدمع، وكأنها فقدت أباً أو أماً أو قريباً لصيقاً، ومما يؤكد هذا ما لمسه الجميع من الحزن لوفاة ((الشيخ نوح القضاه ))رحمه الله تعالى رحمة واسعة، فاللهم اغفر له وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين وأفسح له في قبره ونور له فيه وموتانا وموتى المسلمين



اخواني ، إن محبة العلماء عبادة، لما يحملونه من كلام الله تعالى وكلام نبيه وقد قال النبي : ((إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه))



وللعلماء في الدين منزلة لا تخفى، فهم الذين رفعهم الله فقال: يَرْفَعِ ?للَّهُ ?لَّذِينَ ءامَنُواْ مِنكُمْ وَ?لَّذِينَ أُوتُواْ ?لْعِلْمَ دَرَجَـ?تٍ ) يقول الإمام ابن القيم رحمه الله عن العلماء: "هم في الأرض بمنزلة النجوم في السماء، بهم يهتدي الحيران في الظلماء، وحاجة الناس إليهم أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب، وطاعتهم أفرض من طاعة الآباء والأمهات بنص الكتاب، قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: "الناس أحوج إلى العلم منهم إلى الطعام والشراب؛ لأن الطعام والشراب ُيحتاج إليه في اليوم مرتين أو ثلاثاً، والعلم يُحتاج إليه في كل وقت". وأثر العلماء لا يخفى في البلد والمجتمع، قال ميمون بن مهران: "إن مثل العالم في البلد كمثل عين عذبة في البلد ".



ولذا كان فقد العالم مصيبة في المجتمع، قال الحسن: "موت العالم ثلمه في الإسلام لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهارولكـن الرزية فقــد فذ يموت لموته خلق كثيركيف لا يقال ذلك، والنبي صلى الله عليه وسلم
يقول: ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا)) متفق عليه .



إخوة الإيمان، ما زال الألم بفقد مشايخنا موجعاً، وقد أفضوا إلى ربهم، وهو سبحانه أعلم بعباده وما قدموه في سبيل دينه، ورحمة الله واسعة، وما عند الله خير وأبقى .



ولكن الحاجة الآن ماسة إلى أخذ العبرة من سيرة العلماء والبحث في سر هذا الحب الذي ملأ القلوب وعطر الأفواه، مما تكنه جموع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها على اختلاف طبقاتها وتباعد أقطارها لعلماء الدين والملة فما إن يُتوفى احد العلماء أو الصالحين إلا وتجد الناس يتراكضون لحضور جنازته والدعاء له وهذا والله لايكون الاببركة الأعمال التي لايطلع عليها إلا علاّم الغيوب .(قُلْ هَلْ يَسْتَوِى ?لَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ?لَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُو ?لاْلْبَـ?بِ .)



بارك الله لي ولكم في القران العظيم ،لابد لمسلم الحصيف أن يقف بعض الوقفات التي يحتاج إلى تذكرها في مثل هذه االمواقف ، وما أحرانا أن نتعظ ونعتبر، وأن يعرف كل واحد منا دوره ومسؤوليته نحو دين الله تعالى، لقد نقلت إلينا كتب السيرة عن أخبار علماء الإسلام العاملين مايجعل العاقل يتعجب اشد العجب من كثرة المصلين وشهود الجنازة وإن المسلم حينما يحضر جنازة احد العلماء أو الصالحين ويشاهد هذه الجموع الغفيرة ليتذكر المقولة الخالدة لإمام أهل السنة والجماعة الإمام احمد بن حنبل حينما قال قولته المشهورة ردا على أهل البدع فقال(بيننا وبينهم الجنائز )يجب أن لا نفقد الأمل بالله عز وجل، فالذي أوجد لنا العالم الفلاني سيوجد لنا مثله أو أفضل منه، وما ذلك على الله بعزيز، فهذه الأمة أمة ولود، والخير باق فيها إلى يوم القيامة، ، أنت أيها الشاب الموفق مازلنا ننتظر منك الكثير الكثير ننتظر أن تكون أنت العالم الرباني ولن يكون ذلك إلا بمجالسة العلماء العاملين ننتظر أن تفعّل ماتعلمته إلى واقع ملموس ليس في مظهرك فقط بل في واقعك مع أبناء مجتمعك فهم بحاجة للعالم الرباني الذي ُيرى اثر علمه على محياه وعلى خُلقه وهذا والله مايبقى ويخلّد ومادونه يموت بموت صاحبه . رحم الله مشايخنا وعلماءنا فقد أفضوا إلى ربهم، ولا ينفعهم منا الآن إلا الدعاء لهم، وما خلفوه من الولد الصالح والصدقة الجارية . اللهم ارحم علماءنا اللهم وسع ونوّر لهم في قبورهم يارحمنيارحيم.لكننا لا نملك عند المصيبة إلا الصبر والاحتساب، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، هذا إذا كان موت العالم موتا حقيقيا، أي خرج من الدنيا بانقضاء الأجل المحتوم، وانتهاء العمر المعلوم، فهذا قضاء الله ولا راد لقضائه. لكن ماذا إذا كان موت العلماء موتا معنويا؟، هل نملك إزاءه الصبر والتسليم، أم أنا مطالبون بشحذ الهمم، ومواصلة العمل؛ لنرد إليهم الحياة، وإلا فباطن الأرض خير لنا ولهم من ظاهرها.



ولهذا، ما نراه اليوم من الفتن ما ظهر منها وما بطن إلا أثر من آثار موت العلماء وغيابهم، فنسأل الله العظيم أن يحفظ لنا بقيتهم، ويفسح لهم في أعمارهم، ويبارك لهم في جهودهم، وينفعنا بعلومهم، آمين، والحمد لله رب العالمين 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد