أينعت وحان قطافها

mainThumb

29-01-2011 12:00 PM

لقد انقطع خيط المسبحة وبدأت الحبات في التساقط والتدحرج حبة حبة ، فضاعت الحبات واختفت وتلاشت تماماً بعد أن داستها أقدام الجماهير ، وأغرقتها بالوحل والطين إلى غير رجعة ، بعد أن كانت هذه المسبحة ، بأيدي المظلومين والمسحوقين ، يحركون حباتها وفي كل حبة من حباتها تلعن الطغاة والظالمين وتدعوا عليهم بالويل والثبور وعظائم الأمور ، وأن يخزيهم الله في الدنيا والآخرة جزاء ما اقترفت أيديهم ، وأن يذلهم في الدنيا ويجعلهم عبرة لمن اعتبر .

 

لقد أينعت رؤوس أنظمة ديكتاتورية كثيرة في المنطقة العربية وحان قطافها اليوم وصاحبها هو الشعب ، فمن أقوى من الشعب ؟؟ ، خاصة إذا جرح في كرامته وكبرياءه وحريته ولقمة عيشه

 إذا الشعب يوم أراد الحياة** فلا بد أن يستجيب القدر ، **ولا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر** ومن لا يحب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر**  لقد استجاب القدر لشعبنا العربي في تونس الخضراء ، فقام بثورته «  عميدة الثورة العربية  » على الطاغية  زين الهاربين بن جري بعد أن طفح الكيل ولم يعد هناك مناصاً من الثورة والإطاحة بهذا الطاغية الذي أرهب عشرة ملايين مسلم وروعهم وأدخل الفزع إلى قلوبهم ونهب أموالهم ، وساسهم وزبانيته بالحديد والنار طيلة 23عاماً .

 

هرب الطاغية وعصابته بطائرته دون أن يدري إلى أي جهة يتجه ، فقد كان حينها فزعاً مرعوباً من أن تدخل الجماهير إلى قصره فتمزقهم إرباً إرباً ، وهذا ديدن الطغاة على مر الزمن ، فهم جبناء لصوص وقطاع طرق ، يخشون من المواجهة ويفرون عند أول صفرة ، لم يجد مأوى له

بعد أن اتصل بعدد كبير من زعماء العالم ، فهم كذلك يخشون أن يسبب لهم المتاعب ، وهم في غنى عنها وأخيراً حطت طائرته في السعودية ، ولكن على شروط كثيرة قبلها مرغما ، بعد أن سدت جميع الطرق أمامه ، ومن المؤكد أن يأتي يوم ليطلبه القضاء التونسي ويحاكمه على أفعاله

 

وكانت الثورة التونسية  ثورة « عنقودية » في اتجاه كل العواصم العربية « صدَّقت » عليها وزيرة الخارجية الأمريكية « هيلاري كلينتون » حينما « قرَّعت » وزراء الخارجية العرب في أحد الأيام القليلة الماضية حين انعقاد قمة المستقبل، بتزامن مع غليان مرجل الثورة التونسية، وأمرتهم ب « الإنصات لشعوبهم قبل فوات الأوان ».

 

واليوم توشك أن تسقط الحبة الثانية في أرض الكنانة ، فقد بدأت الثورة للشعب المصري البطل ، ليدافع عن كرامته وحريته ولقمة عيشه ، وينفض عنه غبار الذل والعبودية ،  والظلم والتسلط والتجبر ، والمتاجرة بكرامته ولقمة عيشه وشربة ماءه ، فأي نظام هذا الذي ثلث رجاله متغربون عن وطنهم في سبيل تأمين عيشهم ، وحفظ كرامتهم والسلامة بحياتهم من هذا الجو البوليسي الذي يكاد أن يخنقهم ،ويضيق عليهم في معيشتهم ، ويبتزهم عند الدخول والخروج ، رغم أن مصر تمتلك من الموارد والثروات والنيل وقناة السويس والأهرامات والزراعة والصناعة ما يجعلها اقتصاديا في مصاف الدول الأوربية الكبرى ،   وعندما يثور الشعب فالشعب محقا وصادقاً وثورته مبررة وشرعية وأخلاقية ، ذلك لأنها تصب في صالح الوطن والمواطنين وذلك للخلاص والخلاص فقط من نظام دكتاتوري غاشم لا يقل فساداً وإرهاباً عن طاغية تونس .

 

الشعوب العربية اليوم تخطت حاجز الخوف والرعب من حكامها الطغاة وأجهزتهم القمعية ، ولم تعد تفرق معهم  ، وثقافة الخوف والهزيمة  تلاشت من قواميسهم ، وثبت بالدليل القاطع بأن مقولة ( حط راسك بين هالروس وقول يا قطاع الروس ) هي مقولة خاطئة وأن المقولة الصحيحة والتي تعيشها اليوم معظم الشعوب العربية هي (حط راسك بين هالروس وقول على صدر الحاكم الطاغي ندوس ) لقد خرجت الشعوب العربية اليوم من عنق الزجاجة إلى فضاء أوسع وأرحب ، بل قد خرج المارد من قمقمه وآن له أن يصول ويجول باحثاً عمن حرموه وعذبوه وانتهكوا كافة حقوقه ، وسلبوه حريته وكرامته وأشبعوه ذلاً وهواناً ، ليقول كلمة الفصل لهم ، ارحلوا سريعاً فالشعب لا يريدكم ، وإن لم ترحلوا فسوف ترحلون رغم أنوفكم صاغرين أذلاء ، فنحن الشعب إذا قلنا فعلنا وإذا عزمنا توكلنا ، فارحلوا أيها الطغاة  قبل فوات الأوان  .

 

يذكرني هذا بالطاغية "نيكولا تشاوسيسكو" – حاكم رومانيا المطلق والجبار - كان في أواخر عام 1989 في زيارة رسمية إلي "إيران" وسأله هناك بعض الصحفيين عن ظاهرة (رياح التغيير التي تعصف بأوروبا الشرقية؟) في تلك الأيام.. فقال الرجل بكل ثقة وهو يبتسم   هذا صحيح، ولكن رومانيا شيء مختلف تماما ً!! .. وعندما تنتج شجرة الصفصاف كمثري سيتغير النظام عندنا" !!!؟؟؟



هكذا قال "تشاوسيسكو" بكل صلف وغرور!!!.. غرور القوة وجنون العظمة!!؟ .
ولكن وبعد عودته إلي رومانيا بأربعة أيام .. أربعة أيام فقط !!!! .. أنتجت شجرة الصفصاف .. كمثري!!!!.. كمثرى مرة مسمومة قاتلة !!! .. حيث تفجرت ثورة الشارع الروماني وخرجت الجماهير الغاضبة من عقال الخوف إلى الشوارع تعبر عن كرهها لهذا الطاغية ولنظامه الشمولي البغيض – نظام العبودية - ولتعبر عن حبها وشوقها وتطلعها للحرية.. ليفر الطاغية هو وزوجته محاولا ً الهروب من البلاد إلا أنه – ولسوء حظه – وقع في قبضة " الثوار" حيث تمت محاكمته بشكل سريع ثوري وتم إعدامه بشكل فوري أمام عدسات التلفزيون هو وزوجته في محكمة ثورية وعسكرية سريعة لا يستحق أي طاغية متكبر جبار أكثر منها !!.

 

فهل من متعض ؟؟ ألا من مدكر؟؟؟ ولعل الطغاة يفيقون ومن إجرامهم بحق شعوبهم فينتهون ، ومن سكرتهم يصحون ، ومع شعوبهم يتصالحون ، قبل فوات الأوان فلا يندمون .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد