هل يكفي المرحلة ..

mainThumb

05-02-2011 09:40 PM

في السياق رئيس الوزراء المكلف ، جاء وفق المتوقع ، ( أردني!) من إحدى اكبر العشائر ، المتداولة سياسيا ، والتي قدمت على مدار عشرين سنة من العهد الديمقراطي ، شخصيات متعددة الأطياف السياسية ، من التيار القومي والليبرالي والإسلامي والوطني ..!! نجح خلال هذا العهد في مجلس النواب عدد منهم يمثلون كل هذه الأطياف ( د ممدوح العبادي – د احمد العويدي – نضال العبادي – د محمد ابو هديب ...) ، ولم يكن ذلك غريبا في عشائر العبابيد الواسعة ، غير ان ذلك يشوبه تحفظات كبيرة ، في الوقت الذي يمكن القول ان حكومة سمير الرفاعي قد سقطت بالفعل ، وهي حكومة ( مدير شركة !) لرئيس وزراء من اصل غير اردني و يمثل ( التوريث السياسي !) الذي يطيح اليوم برؤساء عرب متجذرين ..!




و على غرار ، التبرير التاريخي الذي جاء في العواصم من القواصم لرد فتنة الخلافة ، فهذا ما ساقه المؤيدون للرئيس الجديد ، فجاءت العواصم والقواصم لترد دور الرئيس عن تزوير الانتخابيات والملفات الساخنة في عهدة السابق ، وهو ما لا يراه مثلا الدكتور عبدالله النسور الذي تحدث في اول ظهور له عبر التلفزيون الاردني بعد سقوط الحكومة ، فيما يؤرخ له العرب بجمعة الرحيل (!!) ، يوم الجمعة الفائت ، عندما قال ان الرئيس البخيت اما ان يكون غير قادر على ادارة الاجهزة التي زورت الانتخابات ، وهذا يجعله مسئولا عن تقصيره في حجم المنصب الموكل له والمحاسب عليه امام جلالة الملك ، اوان يكون هو الذي ادار عملية التزوير وهي برائ الدكتور النسور جريمة وطنية مكانها امن الدولة ..!!




وبصرف النظر عن الموقف الذي يبرر ما حصل في عهد البخيت وموقف المعارضة ، فثمة فروقات لا بد من الاشارة اليها بين عهدين : 1- لم تكن حكومة السيد سمير الرفاعي بحكومة رئيس وزراء من اصل فلسطيني عبر الشارع العام ، وان كان هو كذلك ، فثمة حكومات سابقة تولاها رؤوسا من اصل غير اردني ، كان وحه المعارضة لها من هذا المنطلق ، كحكومة رئيس مجلس الاعيان الحالي السيد طاهر المصري ، لكن المعارضة الاردنية لحكومة سمير الرفاعي هي بالمطلق لم تأتي من هذا السياق ، فثمة ارث تاريخي لمعارضة الأردنيين لحكومات الرفاعي ( وراثيا ) بسقوط حكومتي جده ووالده على ذات المنوال ، وان كانت الدعوات المتوالية لإسقاط حكومة الرفاعي الاخيرة كان في همساتها دعوة لتولي رئيس وزراء من أبناء العشائر الأردنية ، ومن المتقدمين في السن ، لتخفيف ضغط الشارع العام الذي جعل تحالف المعارضة الإسلامي والوطني لهذه الحكومة كبيرا..!
 



2- لم تتعرض حكومة الرفاعي لأية ضغوط على مستوى سياستها الخارجية ، فخلالها لم تكن ثمة أحداث جسيمة على المستوى القومي ، وقد هدأت فيها قضيتي فلسطين والعراق ، وكان جل القضايا المطروحة هو في المحور الداخلي ، وعلى رأسها القوانين الكارثية التي اقرت في عهده وفي غياب مجلس النواب ، وكلها اججت الشارع العام ، ناهيك عن ازمة وزرائه مع الشارع العام ، ولذلك فمن المنطق القول ان حكومة الرفاعي سقطت لعدم مقدرتها على استيعاب القضايا الاردنية الداخلية ، الاقتصادية والسياسية والانتخابات ، وهي قضايا ستظل عالقة سواء كان رئيس الوزراء ، ( مدير شركة !) او متقاعد عسكري ، يتقاضى دخلا محددا بالقانون اخر كل شهر ، هذا الدخل لا يساوي معشار موظف خاص بمنصب رفيع او حتى ، مدير اقليم العقبة او مؤسسة الضمان التي تعتبر مؤسسات حكومية بوفق القانون..!!




3- انفتاح الرئيس المكلف على البرلمان والأحزاب ، لم يكن هو قرار الرئيس المكلف ، فهو قرار ملكي رفيع ، استبقه جلالة الملك بحوار على طاولة مستديرة مع قيادات الحركة الاسلامية ، وهو عنوان مرحلة جديدة من الاصلاح السياسي الذي انتكس منذ الانتخابات عام 2007 التي تمت في عهد الرئيس المكلف وبغير معرفته كما هو معلوم اليوم ، واعتقد ان حجم معارضة الاخوان لتكليف البخيت قد تراجع بشكل سحيق ما بين اول يوم للتكليف وبين لقاء جلالة الملك الذي يعتبر لقاءه بهم هو عنوان اخر لفتح الباب امام حضور برلماني قادم لهم ، باعتبار انه من الصعب دخولهم الحكومة ، وهذا باعتقادي الشخصي مؤشر على انتخابات بلدية قادمة سيشارك بها الاخوان بقوة يتبعها قبل انتهاء دورة مجلس النواب التي هي اربع سنوات وبقي عليها ايضا اربع سنوات كاملة ، وربما لن تصل الى هذا الحد ، ويحجم الكثير من السياسيين اليوم عن الحديث عن حل مجلس النواب باعتباره حق دستوري لجلالة الملك وهو ما بدأ به الرئيس المكلف ثم اعتذر عن هفوته الدستورية فيه..!
 




4- خطاب التكليف الملكي جاء مقتضبا وواضح المعالم " تكون مهمتها الرئيسية اتخاذ خطوات عملية وسريعة وملموسة، لإطلاق مسيرة إصلاح سياسي حقيقي" وفيه دعوة واضحة الى الانفتاح على القوى السياسية والعيش الكريم وتعديل قاون الانتخاب ، واختيار "أبناء الوطن القادرين والمؤهلين والملتزمين بالرؤية الإصلاحية الشاملة" وفي العبارة الأخيرة اشارة لا اقل من ان يقال انها في مكانها ، حيث ترهلت حكومة الرفاعي بعدد كبير من الازمات استدعت تعديلات وزارية شملت اكثر من ثلثها ، وكان كل تعديل فيها اعتراف صريح بفشل الطاقم الوزاري ...! يمكن القول ان التكليف الملكي ، لهذا الحكومة اتخذ منحى ابعد ، من مجرد تكليف بتشكيل الوزارة ، ورغم ازمة الرئيس المكلف مع حكومته السابقة المأزومة ، فمن الواضح ان ثمة استهلال طبيعي لتفكيك العقد السابقة..!
 




5- كانت الدعوات السابقة وعبر قوى سياسية و شعبية لاسقاط الحكومة السابقة تدعو الى تولي رئيس وزراء مخضرم ، ومن عشائر اردنية كذلك ، و توالت أسماء كثيرة في مجملها تمتلك ارثا سياسيا متوسطا ، لا يمكن وصفه بالمأزوم ، مثل ناصر اللوزي وهو في عمر متوسط رشح منافسا لسمير الرفاعي عند تشكيل الحكومة السابقة ، و عبدالرؤوف الروابدة واحمد عبيدات وكلاهما متقدم نسبيا في السن ، وعبد الهادي المجالي الذي كان يشكل ( معارضة الظل) لحكومة الرفاعي ، والدكتور النسور الذي امسك بزمام المعارضة منذ جلسة الثقة بالحكومة ، وتراجع اسم فيصل الفايز باعتباره رئيسا لمجلس النواب ، ولم تكن ثمة اسماء كثيرة مطروحة على الساحة ، و قليل ممن تداول اسم الدكتور البخيت الذي هو ايضا في العقد السابع من العمر ،نظرا لما عرف بازمة انتخابات عام 2007 ، لكن التكليف الملكي جاء للدكتور البخيت وبرؤية جديدة ابسط ما يقال انها تختلف بالكلية عن حكومته السابقة..! اليوم يتطلع الأردنيون ، الى رئيس وزراء ينهض بالبلد من كبوة كبيرة تترافق مع حالة عربية شاملة من الانفجار الشامل ، ولا تكفي المتطلبات رئيس وزراء ( أردني !) فقط لانه من أبناء العشائر ، ويتقاضى دخلا غير فاحش بين عموم الشعب الذي هو من الطبقة المتوسطة وما تحتها ، يمتد الواقع الراهن هذا إلى ابعد من ذلك ، يمتد إلى ما جاء به خطاب التكليف الملكي بحرفيته ..!!!
 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد