تحصين الوحدة الوطنية .. خط أخضر

mainThumb

28-02-2011 11:08 PM

جميعنا متفق على ان الوحدة الوطنية خط احمر لكن الحديث في مسالة تحصين الوحدة الوطنية يعتبر خطا اخضر، بل اصبح ضروريا الان تحديد ادوات تحصين الوحدة بشكل واضح حتى نفوّت الفرصة على كل من يراهن على الفتنة لا سمح الله ، وخصوصا اننا على عتبة جديدة لصناعة اردن حديث تزامنا  مع التغيرات الواسعة التي  تشهدها الساحة الاقليميه التي تفرض علينا تحديات جديدة للتعامل معها بحكمة وعقلانيه.



بداية لا بد ان نذكر حقيقة واضحة، ان الشعوب العربية في معظمها بما فيها الشعب الاردني لم تختار هويتها الوطنية ، بل تمت في عصر الدول ذات السيادة التي اوجدها الاستعمار الاوروبي بتحديد حدودها السياسية من خلال اعتراف  منظمة الامم المتحدة بها كدول مستقلة ذات سيادة، فمنذ نحو قرنٍ ونيّف، قرر آخرون بالنيابة عن ابناء فلسطين هويات عدة متشابكة تشابك فيها مسألتهم، ومنهم من قرروا لأنفسهم الهوية الوطنية طوعا ودون اكراه.



هنا ندخل في صلب الموضوع وقبل ذلك لا بد من الاشارة الى مفهوم الهوية  الوطنية الذي مازال ملتبسا عند الكثيرين  فالهوية الوطنية  ليست معطىً محدداً، جامداً، انها عملية منفتحة على مؤثرات عدة، تتأثر بها،  منها مكان الولادة والاقامة والعمل والمدرسة والجامعة والأصدقاء التي ارتبطت بها ذكرياته وأحلامه، اضافة الى اللغه، والدين، وانتمائه لعائله معينه أو عشيرة، جميعها تشكل معاً عناصر هويته ، وبذلك نستطيع اعادة تركيب الهوية وترتيب العناصر التي تكوّنها من دون وجل أو خجل.



ومن هذا المنطلق نقول ان معظم الذين ولدوا على ارض الوطن الاردني  وارتبطوا بالمكان منذ طفولتهم باحلامهم وذكرياتهم جيلا بعد جيل وانصهروا في وحدة واحدة مع باقي اطياف المجتمع الاردني من خلال التصاهر واختلاط الدم وحصلوا على وثائق رسمية لميلادهم وجوازات سفر اردنيه بارقام وطنيه هؤلاء اردنيو الوثيقة والهوية ولا احد يزواد على احد وهنا اتحدث بالذات عن شريحة محدده قبل قرار فك الارتباط  من قبل منظمة التحرير الفلسطينيه ، الذي كان قرار سياسيا ولم يترجم هذا القرار السياسي الى خطوات قانونية ،فلم يعرض على مجلس النواب الاردني لاقراره واصدار قانون يعالج فك الارتباط قانونيا ،ولم يعدل قانون الجنسية الاردني الحالي فبقيت المسالة تتأرجح وعلى ارض الواقع استمر التجنيس بناء على قانون الجنسية الاردني الذي شرع في زمن وحدة الضفتين ،فخلق معضلة حقيقة تتمثل في تحديد البعض لهويتة الوطنية وهو يرى مسألةَ وجوده وحتى هويته تتراقص على أمواج السياسات الدولية ، وقضيته المعلنة تصاب بسهام انكار الغريب او تخلي القريب، فهو من جهة يريد الجنسية الاردنية ليحصل على حق العمل والصحة والاقامة والسفر والترشح والانتخاب  ومن جهة اخرى يشعر بداخله ان هويته الوطنية هي فلسطينية ،وإني لمدرك تماماً أن هذا التأرجح في تحديد الهوية أمر مثير للارتباك  للفلسطينيين أنفسهم،وحتى للاردنيين، وخصوصا أن عدونا جميعا ، لم ينفك يحاول تذويب الهوية الوطنية الفلسطينة بهدف انكار وجودهم وصولاً الى انكار حقوقهم المشروعة.



وحقيقةً... يدرك أبناء فلسطين واخوتهم وحتى أعداؤهم والغرباء البعيدون عنهم، ان جل حريتهم هو في تمكنهم من اختيار هويتهم، ولتحقيق الاستقرار والانسجام مع انفسهم اولا كما للغير، من دون أن يفرض عليهم أحد مضمون تلك الهوية، ولا ينبغي أن تكون حريتهم أنقص من حرية غيرهم.

 

 وبناء على ذلك على كل واحد ان يختار هويته الوطنية بقناعة تامه ، فمن اختار طوعا ان يكون اردنيا فليس له حق العودة والتعويض فلا يعقل ان الاردني يطالب بحق العودة والتعويض ويحق له المطالبة باملاك الاجداد اينما كانت  كاردني فقط ، ومن اختار ان تكون هويته الوطنية فلسطينية فنكبر ذلك فيه وله حق العمل والصحة والاقامة والتنقل متساويا مع حقوق الاردنين عدا حق الانتخاب والترشح والانضمام لعضوية الاحزاب والجمعيات الاردنية ، وان يتم ذلك بقانون يشرع من قبل مجلس النواب استنادا الى قرار فك الارتباط وهؤلاء فقط لهم حق المطالبة بالعودة او التعويض وبذلك يتحقق الوضوح والانسجام بيننا جميعا كاخوة نحمل هما واحدا يهدف الى تصحيح خللٍ ظالم في النظام الدولي لحق بشعبنا واخوتنا الفلسطينيين، فتكون له دولته السيدة كسائر الشعوب وبذلك نفوت الفرصة على مشروع الدولة اليهودية الذي بات هدفه واضحا للجميع وهو القيام بالترانسفير ونزع الجنسية الإسرائيلية عن بعض حامليها من العرب الفلسطينيين أوعن جلّهم في وقت قريب سوف يداهمنا جميعا، وبهذا نتمكن من تحصين الوحدة الوطنية  ، ومجابهة مساعي العدوالمحتل في مشروع الوطن البديل يدا بيد متماسكين ومتوافقين على العهد كما كان اجدادنا الاوليين وتحصين جبهتنا الداخلية من خلال الاصلاح السياسي باقرار قانون انتخاب عصري واقرار قانون لفك الارتباط واقرارتعديلات على قانون الجنسية الاردنية كرزمة واحدة معا ، وليس الاصلاح السياسي، كما يتداوله البعض حاليا باقرار قانون انتخاب عصري ودسترة الدستور الاردني فقط بل هي رزمة واحدة تشملها جميعا ،تتم معا بتوافق وطني شامل ، حتى نكون يدا واحدة لمحاربة فساد الحكومات وتحقيق الاصلاحات جميعها فهي اصبحت ضرورة ملحة وعاجلة في هذه المرحلة الحرجة من حياة الشعوب الحرة ، حمى الله الاردن وشعبه الابي تحت راية سيد البلاد الملك عبد الله الثاني حفظه الله ورعاه .

 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد