الى دولة رئيس الوزراء مع الإحترام لدولتكم والإحباط لنا

mainThumb

27-03-2011 10:13 PM

تعتبر إدارة الأزمات في كافة المجالات من أهم أنواع الإدارة لأنها تعكس دراية وحكمة القائمين عليها في تقييم الوضع والظروف وتحليهم بالصبر وضبط النفس وترتيب الأولويات والتصرف بما يتطلبه الموقف وذلك من أجل إستيعاب الأزمة وتقليل إنعكاساتها السلبية. أما إدارة الازمات من خلال المكاتب المكيفة والغرف المغلقة والقائمة على التعالي وسيل الإتهامات للآخرين وتحميل ورمي الأزمة في وجوه الآخرين، فهي لا ترقى الى أكثر من كونها من نوع "الفعل ورد الفعل" الإنفعالي في التعامل مع كل ما يمس الوطن والمواطن. وينسى من يتبنون هذه الطريقة بإدارة الأزمات أن معرفة سبب الازمة هو نصف الحل وليس الحل كله. 

نحيي السيد معالي وزير الخارجية على تصريحه، لقناة الجزيرة، الذي إتسم بالعقلانية والثقة والمهنية العالية والذي ينم على دراية وخبرة في التعامل مع الأزمات والتواصل والتنسيق الدائم مع قيادتنا الهاشمية الحكيمة. كما أن الشكر موصول لمدير الأمن العام الذي شرف الأردن والأردنيين بتواجده بميدان الأزمة والإعتذار لكل الجسم الصحفي ،من صحفيين وقنوات، عن أي إساءة غير مقصودة من أي فرد من أفراد أبنائنا قوات الأمن وغيرهم. وهذا ما نرفع به رؤوسنا ونفتخر به كأردنيين، فالخطأ وارد وقد نلتمس له العذر على إعتباره إنفعالاً لحظياُ ولكن غير المقبول هو عدم الأعتراف بالخطأ والإصرار عليه والتعامل بترفع وكبرياء مع المواقف.

مجموعة من التساؤلات أحملها ، كغيري من الأردنيين ، لدولة رئيس الوزاء الذي نكن له كل الإحترام والتقدير، التساؤلات بسيطة و خطيرة في آن واحد وعدم وجود إجابة عليها منعتتني من النوم ليلية البارحة...هذه التساؤلات يا دولة الرئيس تصيبني، كغيري من الأردنيين، بالإحباط  والإشمئزاز وغيرها من الآثار النفسية والجسدية والتي قد تدعوني بزيارة المستشفى بأقرب وقت للتأكد من فحولتي النفسية والجسديه ، وقد أقوم بإرسال فاتورة العلاج لدولتكم بإعتباركم مسؤولون عن تراقص هذه التساؤلات في رؤوسنا. انا لا أبالغ يا دولة الرئيس ،فالتساؤلات وإجاباتها لا تتعلق بشخصكم الكريم ولا بفئة المواطنين أمثالي(مواطن من دون شَرْطة) ولكنها تتعلق بوجودنا جميعاً وبديمومة هذا الوطن الذي يسكننا كدمائنا وأرواحنا وأحلامنا..... التساؤلات بسيطه جداً ومباشرة وعفوية وليس بها أي نوع من الحذلقة أو القراءة  ما بين السطور أو التأمل والخبرة  في دهاليز السياسة والصحافة.

تساؤلاتنا البريئة جداً يا دولة الرئيس تتلخص فيما يلي: هل إتهام دول عربية شقيقة هو الطريقة المثلى لإدارة الأزمة؟.هل من مصلحة الأردن معاداة إخوتنا وأشقائنا العرب وإفتعال الأزمات معهم لحل أزماتنا الداخلية ؟. ولو سلمنا مع دولتكم أن المعلومات التي جاءت بتصريحكم الناري صحيحة ومن مصادر موثوقة ،فلماذا لم يتم التعامل مع هذه المعلومات عبر القنوات الدبلوماسية مع الأشقاء العرب بدلاً من زرع إفتيل أزمة خارجية معهم؟.
ولوسلمنا بذات الفرضية المبنية على مبدأ المؤامرة ،فهل يعطي هذا العذر لأي أحد عدم التعامل مع الأزمة بالحكمة والتروي؟. ألأ تقتضي الحكمة بان نتتعامل مع الأزمات حسب نوعها ومقدار أثرها السلبي على الوطن، وليس على أساس مصدرها او مفتعليها؟. 

أما التلفزيون الأردني "المرحوم" منذ زمن بعيد، والذي تدعونا معظم برامجه الى الإستفراغ القهري والمصنف عالمياً ضمن أكثر الطرق والوسائل للتدرب على تحمل الضغط النفسي والعصبي ومحاربة الإكتئاب والكبت بكل انواعه، فقد أظهر "المرحوم" على شريطه الإخباري وخلال برامجه تفاصيل كاملة لكل الأحداث في الدول العربية والأوروبية  وآسيا والهند والسند والصين وبلاد الواق واق،  وتناول الوضع في الأردن بإقتضاب وخجل ،وكأنه يتكلم عن قضية عرض أو شرف، وعلى مبدأ "إذا بليتم فاستتروا".

تعودت دائماً بان أذيل ما أكتب بالإعتذار لأصحاب العطوفة  والسعادة والسيادة والمعالي،خاصة، عند التحدث في أمر يمس صميم تخصصهم ومجالهم وأن ألتمس منهم التحلي بسعة الصدر وتقدير حرصنا على هذا البلد... ولكن اليوم لا أحس بأنني مدين للإعتذار لأي أحد، وهذا ليس من باب التعالي، ولكن لأن الأمر الذي نتكلم عنه قد تعدى الأشخاص والمؤسسات والوزارات وقضايا الفساد، كما أن الامر لا يمس الوطن فحسب ولكنه يمس وجود الوطن نفسه ووجودنا معه جميعاً، فالوطن وأمنه خط أحمر والتعامل مع أي أزمه قد تعصف به يجب أن ترقى لحجم هذا الوطن وحبه في قلوبنا جميعاً وفوق كل الأشخاص وبعيداً عن أي مجاملات.

 إلا اننا وفي نفس الوقت فإننا نلتمس لكم يا دولة الرئيس عذر المحب وحرص الأب على هذا الوطن... كما نود من دولتكم بالمقابل إلتماس العذر لنا حيث أن ما نعبر عنه هنا ليس وجهة نظر وإنما هي وجهة وطن.

اللهم إحفظ هذا البلد آمناً مطمئناً يا رب العالمين

                                                                        المهندس بلال العودات
المملكة العربية السعودية – جدة
        belalmtahmad@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد