لا تخافوا على برقش

mainThumb

18-05-2011 12:26 AM

كثر الجدل مؤخراً حول فكرة نقل الكلية العسكرية الملكية من موقعها الحالي في مدينة الزرقاء إلى موقع جديد في منطقة برقش التابعة لمحافظة عجلون ، فهناك من يؤيد وهناك من يعارض فكرة النقل ، ولكل وجهة نظره التي نحترمها ونقدرها.



الرافضون للفكرة ينطلقون من الخوف على هذا الجزء الجميل من غابات عجلون باعتبارها منطقة نظيفة لم يصلها العبث البشري ، ولم تعكر صفو سمائها سحب الدخان الملوث المتطاير من المشروعات الصناعية وعوادمها ، مثلما هو الحال في المدن الكبيرة ، ولا يخفي الرافضون لفكرة نقل الكلية العسكرية إلى برقش خوفهم من أن هذا المشروع الكبير سيأتي على إعدام آلاف الأشجار الحرجية المعمرة ، الأمر الذي سيغير من واقع المنطقة ويضمها إلى دائرة الخطر على اعتبار أن هذا المشروع سيؤثر كثيراً على آخر بيئة نظيفة في الأردن من وجهة نظرهم.



يعلم الجميع أن للقوات المسلحة الأردنية التي أرست قواعد بناء المملكة الأردنية الهاشمية منذ تأسيس الإمارة في بدايات القرن الماضي الدور العظيم في بناء مؤسسات الوطن والمحافظة على منجزاته ومكتسباته ، باعتبارها كبرى المؤسسات الوطنية وأهمها على الإطلاق ، فهي التي أطلقت العنان لطاقاتها البشرية منذ البداية للانخراط في عملية البناء جنباً إلى جنب مع التدريب والتأهيل  للقيام بواجبها الوطني في حماية الوطن والدفاع عنه ، والمساهمة في العملية التنموية التي احتل فيها الجيش العربي الدور الطليعي من بين مؤسسات الدولة ، نظراً لما تتمتع به المؤسسة العسكرية من خبرة في جميع المجالات ولديها طاقات بشرية مؤهلة جعل منها عنواناً لكل نجاح ، ومثالاً يحتذى في الانجاز والعمل والبناء.



لم تأت فكرة نقل الكلية العسكرية الملكية إلى منطقة برقش من فراغ ، ولم تكن الفكرة ارتجالية خالية من الرؤية الصحيحة التي تخدم القوات المسلحة الأردنية وتخدم رسالتها وطبيعة تدريب ضباطها ، فمنطقة برقش تلبي متطلبات التدريب العسكري كبيئة جغرافية مناسبة للتدريب المنسجم مع دور القوات المسلحة في الدفاع عن ثرى الأردن الطهور ، وقد جاء اختيار برقش بناء على دراسات مستفيضة قامت بها القوات المسلحة الأردنية التي لا تقدم على خطوة كهذه إلا بعد التأكد من جدواها وفائدتها كما هو عادة القوات المسلحة في التخطيط المدروس الذي يمكن اعتباره من أسرار نجاحها.



وبعد أن استقر الأمر على نقل الكلية العسكرية إلى برقش وخرجت الفكرة إلى الواقع ، برزت ردود فعل مؤيدة ، وأخرى معارضة لأسباب يعيدها البعض منهم إلى البيئة وقطع الأشجار ، والبعض الآخر إلى الذكريات الجميلة للكلية العسكرية في موقعها الحالي.



وبناء على ذلك ، استجابت القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية لمطالب جهات عديدة بإعادة النظر في بعض المخططات تفادياً لقطع أعداد كبيرة من الأشجار الحرجية المعمرة والاكتفاء بأقل مساحات ممكنة للإنشاء ، علماً بأن منشآت الكلية الجديدة في برقش لن تقوم على المساحات الخضراء ولن تأتي على جزء كبير من أراضي المنطقة ، إنما اختيرت لتكون على مساحات قليلة الأشجار ومستملكة من المواطنين ، وستكون مبانيها صديقة للبيئة تنسجم مع التكنولوجيا المتطورة في هذا المجال الذي تراعيه القوات المسلحة وتهتم به أكثر من اهتمام القائمين على البيئة أنفسهم ، وهنا جدير بالذكر أن جميع معسكرات الجيش العربي على اختلاف حجمها ومواقعها هي معسكرات صديقة للبيئة يراعى عند إنشائها التقليل قدر الإمكان من الآثار السلبية على البيئة المحيطة ، لذلك نجد جميع المعسكرات مهتمة بزراعة الأشجار والمحافظة عليها ، ويعطي عادة القادة التعليمات الواضحة في هذا المجال.



لا أرى أي ضرورة للوقوف في وجه مشروع نقل الكلية العسكرية إلى برقش ، فهذا المشروع من شأنه أن يخدم محافظة عجلون وأهلها ويوفر لهم فرص العمل الكثيرة ، خاصة وأن هذه المحافظة تفتقر إلى المشاريع الحيوية ، وأما الخوف من القطع الجائر للأشجار خوف غير مبرر لان القوات المسلحة قادرة على أن تزرع مئة شجرة مقابل كل شجرة تقتضي ضرورات البناء والإنشاء إزالتها ، وبفضل العناية التي تنالها الشجرة من نشامى الجيش العربي فانه وبوقت قصير ستتحول المنطقة إلى غابة ربما تكون أكثر كثافة مما كانت من ذي قبل.



الكلية العسكرية في موقعها الجديد ستكون من طراز فريد ، وستكون من أفضل المعاهد والكليات العسكرية على مستوى المنطقة والعالم ، مما يساعد في جذب التلاميذ إليها من الدول الشقيقة والصديقة ، فلا تقفوا في وجه هذا المشروع الكبير ، ولا تخافوا من تأثيراته السلبية على بيئة عجلون ، فالقوات المسلحة أحرص على المحافظة على البيئة أكثر من أي جهة أخرى.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد