رؤية في العملية الانتخابية الجديدة في الأردن

mainThumb

09-06-2011 12:11 AM

بدأت عجلة الإصلاح في الأردن تدور رحاها بشكل جيد نزولا عند رغبة الشعب الأردني بالإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وتحقيقا لرغبات وتوجهات صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين المفدى الذي أخذ يبادر شخصيا قيادة عمليات الإصلاح بنفسه بسبب ضعف إدارة السلطتين التشريعية والتنفيذية بأخذ زمام المبادرة في معالجة الخلل في الحياة العامة والذي بدأ ت آثاره تظهر على كافة طبقات الشعب من خلال تفشي البطالة والفقر وانتشار الفساد والمحسوبيات أضف إلى ذلك زوال الطبقة الوسطى التي اعتبرها عمود التوازن في المجتمع، وأعتقد جازما بأن زوال الطبقة الوسطى من أي مجتمع يعبر عن فشل السياسات المتبعة في الدولة في تحسين حياة المواطنين والرفاه المجتمعي،





 كذلك فإن سياسة الصوت الواحد التي تم اعتمادها في الأردن للعديد من الدورات الانتخابية للبرلمان قد أفرزت للمجتمع نتائجا عكسية وعلى رأسها تكريس مبدأ العنصرية والنظرة الضيقة المحدودة في والقضاء على الروح الوطنية عند الأفراد ذلك ان عملية الولاء والانتماء أصبحت ضيقة ومحصورة بمنطقة ضيقة مما نتج عن ذلك ظهور النزاعات وإشعال روح العصبية القبلية من جديد كما لو كنا في حياة الجاهلية؛ ودليلنا على ذلك تلك المسلكيات التي نشاهدها في جامعاتنا التي تحولت من دور للعلم الى مكان للصراعات والمشاكل وهذا انعكس على طالب العلم ذاته فصار جل اهتمام الطلبة البحث عن المجموعة التي توفر له الحماية والدفاع عنه ضد مجموعة أخرى من محافظة أخرى او قبيلة أخرى بدلا من التركيز على البحث والدراسة ناسين أنهم أبناء وطن واحد يشتركون بالهموم والمصالح الوطنية. وبهذا قد أشعلنا في فكر الطلبة البحث عن نقاط الخلاف وإثارة النعرات باختلاف توجهاتها القبلية والسياسية والفكرية والاجتماعية والإقليمية،





يبحث كل منهم على إثبات ذاته من خلال هذه المشاكل بدلا من البحث عن نقاط الالتقاء والتعاون مع الآخرين، ظاهرة مجتمعية تقوم على العنف إذن اعتدنا على سماعها في جامعاتنا كسلوك مترسخ عند الطلبة ونجدها على أوجها أوقات الانتخابات لمجالس الطلبة على سبيل المثال لا الحصر. ولهذا جاءت عملية الإصلاح لقانون الانتخاب المقيت (قانون الصوت الواحد) علنا نصلح ما أسده هذا القانون، وقد سمعنا على شاشات التلفزيون الأردني وعلى لسان بعض المسئولين إلى استحداث قانون انتخابي جديد يقوم على مبدأ القائمة المفتوحة،





 هذا أمر جيد ويبدو أنه سيكون أفضل من قانون الصوت الواحد، ولكن أرى أنه تعتريه بعض أشكال التخبط وعدم الوضوح ولربما يفرز لنا إشكاليات مجتمعية وسياسية نحن بغنى عنها ، هذا التخبط المتمثل بزيادة عدد أعضاء مجلس النواب واستحداث (15) مقعدا تحت مسمى نواب وطن وأتساءل... ماذا عن النواب الآخرون أليسوا نواب وطن بنظر هذا القانون؟! وأود هنا أن أدلي بدلوي عارضا وجهة نظري المتواضعة من مواطن متواضع وهو أن يفتح باب التصويت للمواطن لأي نائب يرى أنه يمثل الصالح العام ويمثله شخصيا من أي منطقة موجودة في الأردن فربما أجد أنا كمواطن في مدينة اربد مثلا ما يمثلني حق تمثيل في محافظة معان لأمنحه صوتي، لماذا لا يمكنني التصويت له ألسنا أبناء وطن واحد؟!





 فلتتشكل القوائم الانتخابية فلا ضير بذلك ولكن ما نرجوه ونصبوا اليه بأن يفتح الباب لتشمل القائمة أشخاصا من دوائر انتخابية أخرى، هنا نستطيع أن نقول أن هذا النائب او ذاك نائب وطن وليس نائب منطقة. وكم أتذكر وأنا شاب في مقتبل العمر تلك التجربة الانتخابية الأولى عام 1989م التي أفرزت لنا مجلسا قويا ومتميزا بأدائه حقيقة . ومن ناحية أخرى لا بد أن يتبنى قانون الانتخابات الجديد الأحزاب السياسية وتشجيعها كون الأحزاب الوطنية تحمل برامجا مختلفة ورؤية واضحة لخدمة الوطن والمواطن على أن تكون أجندتها معلن عنها أجندة وطنية عنوانها الولاء والانتماء للوطن وليس لجهات خارجية هذا الخوف المترسخ في نفوسنا منذ خمسينيات القرن الماضي ولم يأتي قانونا لينظم عمل الأحزاب ويشرف عليها جيدا.





وما فشل الأحزاب أيضا في القيام بواجباتها ومسؤولياتها إلا قانون الانتخابات الحالي الذي يتحمل جزءا كبيرا عن مسؤولية فشل الأحزاب، مما أدى إلى قيام النقابات المهنية الموجودة أصلا للرقي بالمهنة والعاملين بها إلى القيام بالعمل السياسي كبديل للأحزاب السياسية وهذا خلط كبير وفوضى لا بد من وضع الأمور في نصابها. ويمكن للأحزاب أيضا أن تكون رديفا لمجلس النواب فيكون لها دور رقابي لكشف مواطن الخلل ويمكن للأحزاب أن تساهم في بناء الأردن الحديث وترسخ مبادئ الحوار واحترام الرأي والرأي الآخر وبهذا يقبل الشباب للانضمام بدافعية الى العمل الحزبي دون خوف أو تلكؤ فينتعش الحراك السياسي وتصبح الأحزاب قادرة على تنفيذ برامجها في بناء المجتمع الذي نريد مع التأكيد مرة أخرى على ضرورة المراقبة للتأكد من صلاحية برامجها وتوجهاتها الوطنية وبناء دولة القانون والمؤسسات القادرة على بسط هيبة القانون على الجميع دون استثناء وبهذا نبني دولتنا الديمقراطية والتي يكون فيها للفرد والجماعات الحق في الحياة والاحترام والحق في الوجود دون حرمان أو إقصاء لأحد.




 هذه بعض اللمسات السحرية التي قد تساعد في علاج بعض التشوهات التي اعترت الحياة العامة، آملا أن نرى وطننا العزيز وهو يتحرر من عبودية الفساد والمحسوبيات ويصبح مهدا حضاريا تشع منه الحضارة والعلم ونكون الأنموذج الذي يحتذى ونحن هكذا حقا ولكن نريد الأفضل دوما لوطننا نشع أملا وحبا وعطاء بلا حدود وطن يحترم فيه الفرد في مجتمعه ووسطه الذي نعيش فيه باحترام معتزين وفخورين بانتمائنا لوطننا العربي


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد