التحرش بالمحارم .. ناقوس مرعب ولكن يجب أن يدق!!

mainThumb

23-06-2011 03:31 AM

بعد سماعي بخبر إغتصاب طفلتين بعمر الزهور من قبل شقيقهن، سأعيد مقال لي نشرته قبل فترة ليست بالطويلة يتحدث عن نفس الموضوع لعلنا نراجعه سوية، موضوع مؤلم وقاسي وغريب وصعب وتقشعر له الأبدان السوية ولكنه خطير، الزنا أو التحرش الجنسي من المشاكل المعضلة التي تواجهنا في زمان تردت به الأخلاق وتشوهت به العلاقات وغزتنا المظاهر والعادات والتقاليع الغربية والغريبة وبدأنا نسمع ونشاهد ما لم يكن يخطر ببالنا أن يحدث يوما، فإن كان الزنا ومقدماته بحد ذاته جريمة وذنب بكل الأعراف والأديان السماوية الصحيحة، فكيف بحال من يفعل هذه الفعلة النكراء المشينة بأحد وجب عليه أن يصون حرمته ويحفظ كرامته ويصله لا بأفعال خادشة وجارحة لكل عرف ودين بل يصله بالمعروف والصون وحفظ العرض والكرامة الإنسانية والجسدية، الأرحام أو المحارم تتعرض هذه الأيام لأخطر جريمة يمكن أن تقع عليها ...





 ولكن من الفاعل هذه المرة؟ إنه أب أو أخ أو ابن أو عم أو خال أو ... أو ... الذي من المفروض أن الشرائع السماوية حرمت عليهم الزواج بمن يعتدون عليهن حتى لا يجول بخاطر أحد أن يفكر بذات محرم بشكل جنسي منحرف ... فما أسباب هذه الجريمة؟ وما هي نتائجها الكارثية؟ ما الحلول؟ وهل يمكن تجنبها قبل الوقوع بالمحضور؟ إن الجنس طاقة تحتاج إلى توجيه رشيد وإلا أصبح سيفا يطيح بالرقاب ويفتك بالأسر، لهذا فإن توعية الأبناء منذ الصغر وتعليمهم الأماكن الحساسة في أجسامهم وأن هذه الأماكن يحضر مسها من أي كان سواء كان قريبا أو بعيدا، فبهذا نحمي الأبناء من الجنسين من التعرض أو القيام بهذه الأفعال الشاذة، بل يجب على الوالدين مراعاة عدم المزاح مع أبنائهم من خلال مداعبة هذه الأماكن حتى لا ينشأ الطفل متعودا أن لمس هذه الأماكن يكون من باب الملاطفة والتقرب واللعب، ويجب على الوالدين التأكيد على أبنائهم أن يصارحوهم بكل ما يحدث معهم ولا يخافوا من العقاب. وهناك نقطة مهمة يغفلها الكثير أحيانا وهي التفريق بين الأبناء في المضاجع وقد يتساهل بعض الناس فيتركون أولادهم الذكور والإناث ينام بعضهم إلى جوار بعض ثقة منهم بهم، واعتمادا على البراءة والجهل الجنسي المودعة فيهم، وينسون أن الغريزة الجنسية عاتية بطبعها تحتاج إلى ما يصرفها عن استرسالها في الحرام، وهذا ما نجده في هذه الوقاية النبوية: "مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع" (1).





إن غياب الإلتزام بالدين الصحيح، والوعي السليم به يمكن أن يجلب علينا ألوانا من الانحراف قد تكون أقرب إلينا مما نتصور، فلا يغفلن أحد عن رعيته التي استودعه الله إياها فإنه عنها مسئول يوم القيامة. إن كانت هذه تدابير وقائية تحمي المجتمع من جريمة "زنا المحارم"، فإن الرقابة الفردية التي مردها أن الإنسان عبد لله، سيحاسبه عن كل صغيرة وكبيرة، لهي خير كفيل للوقوف عند حدود الله، وإن الالتزام والسير في طريق الله تعالى والسعي لابتغاء مرضاته، والطمع في جنته، كفيلة بأن تجعل المرء أبعد ما يكون عن هذه الطريق، وإن كان له شهوة، ففي المباح مرتع لمن شاء، أما الابتعاد عن الفطرة السوية فينزل المرء إلى منزلة البهائم بل أقل وأضل منها بكثير، وما يثبت صدقية ما ندعي أن معظم الدراسات حول هذا الموضوع تبين أن فقدان الوازع الديني أو ضعفه من الأسباب الرئيسية لحدوث هذه الجرائم واتساع رقعتها. وما أبلغ وأحسن ما قال العلامة الحنفي ابن عابدين: "إذا بلغ الصبي عشرا لا ينام مع أمه وأخته وامرأة..... إلى أن قال: فالمراد التفريق بينهما عند النوم خوفا من الوقوع في المحذور، فإن الولد إذا بلغ عشرا عقل الجماع، ولا ديانة له ترده فربما وقع على أخته أو أمه، فإن النوم وقت راحة مهيج للشهوة، وترتفع فيه الثياب عن العورة من الفريقين، فيؤدي إلى المحظور وإلى المضاجعة المحرمة خصوصا في أبناء هذا الزمان فإنهم يعرفون الفسق أكثر من الكبار" .





 وقد وضع الشرع تدابير تحول دون رؤية المحارم بعضهم لعورات بعض حتى لو كانوا أطفالا! ومن ذلك بيان حدود العورة بين المحارم، وكذلك أيضا من وجوب الاستئذان بينهم، ولمزيد من الإحكام في هذا الباب أوجب الإسلام على الأطفال المميزين أن يستأذنوا في الدخول على آبائهم وأمهاتهم في الأوقات التي يتصور أن يتم فيها الاتصال الجنسي عادة بين الزوجين، والتي يحب أن يجلس فيها الإنسان متخففا من ثيابه، كاشفا بعض ما لا يظهر منه أمام أبنائه، قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ "(2) وذلك حتى لا يقع بصر الطفل على صورة ترتسم في ذهنه، بحيث يستدعيها من ذاكرته حينما يمكنه التفكير فيما لم يكن يفكر فيه وهو صغير، إذ إن رؤية الصور الجنسية تطبع صورة ذهنية، بل هياجا حين يتكرر النظر، ويدفع للإثم إن حانت له فرصة في حال ضعف أو نزوة .




 والمعاصي التي يرتكبها الإنسان هي التي تثير غرائزه لفعل مثل هذه المصائب حيث يكون في حالة لا يفرق فيها بين المرأة الأجنبية وأمه أو أخته ، مثل إدمانه الكحول والمخدرات واعتياده على مشاهدة العري والفسوق في شاشات التلفاز أو إظهار المرأة لعورتها أمام المحارم ولبس ما لا ينبغي وهذه مصيبة أكبر نغفل عنها فنجد الكثير من النساء يعتقدن أنه ليس هناك حدود لعورة المرأة أمام محارمها رغم أن عورة المرأة أمام محارمها هي بدنها كله إلا ما يظهر غالبا كالوجه والشعر والرقبة والذراعين والقدمين، فوجود هذه المغريات والمقدمات الشيطانية مع غياب الحس الديني لشخص فقد القدرة على التمييز الذهني السليم واختلت فطرته السوية التي خلقه الله عليها يكون الطريق معبد لمثل تلك الأفعال الشيطانية.





 قد يحاول بعض ممن ارتكبوا هذه الجرائم الدنيئة أن يبرروا فعلتهم بالفقر والبطالة والحالة النفسية السيئة، وهذا عذر أقبح من ذنب فكيف تدمر أسرتك وتهدم أساسات مجتمعك بعذر كهذا، فلو أن كل عاطل عن العمل أو مكتئب أو فقير لجأ لهذه الفعلة لأصبحنا نعيش في حظيرة الرذيلة، ولكننا نؤكد أنه يجب التركيز على هذا السبب وعدم إغفاله ومحاربة الفقر والبطالة؛ لأنهما الوحش المفترس والباب الكبير الذي يُدخل البعض في طرق الشذوذ والفساد والجريمة. هذه الفعلة النكراء قد تتجاوز نتائجها الكارثية مجرد تدمير الأسرة وضياع مستقبل الضحية وهو أكثر الأشياء المؤلمة في موضوع كله مؤلم وموجع، هو جرح يزيد من نزف هذه الجريمة ودعوة للضحية بأن تتذكر هول ما عانت منه من قريب تخلى عن كل الأعراف الدينية والإنسانية، فقد ينتج عن هذه الفعلة طفل بريء يأتي لهذه الدنيا بطريقة غير سوية وغير شرعية دون أي ذنب له بعد أن كان قد تعرض لعدة محاولات لإنزاله طبعا قبل أن يتشبث في رحم ليست مخصصة له، ولو علم ما ينتظره عندما يخرج إنني على يقين تام أنه كان سيُنزل نفسه طوعا قبل أن يخرج لهذه الدنيا، من عظم المصيبة التي كان هو نتاجها فالاسم الذي سيرتبط به طوال حياته أنه "طفل سفاح".




 تطرقنا لهذه المشكلة لا يعني أننا نحب أن تكون ظاهرة منتشرة في بلدنا الحبيب أو حتى في البلدان الأخرى ولكنها موجودة ويجب طرحها بعقلانية ومناقشة أسبابها برويّة وتأني والخروج بتصور واضح ومنهج مدروس، حتى يتم السيطرة على هذه الآفة قبل أن تفتك بالأسر فهي غالبا ما تسبب شرخا عائليا من الصعب بل من المستحيل حتى أن يلتئم أو ينسى، ويجب تفعيل دور الرقابة الأسرية وعدم إغفال الأبناء من الجنسين والتواصل الدائم معهم والتحدث معهم عن المشاكل التي يعانون منها وتوعية المرأة والفتيات والأطفال من قبل بهذه الأمور، خاصة في ظل الاعتقاد السائد لدى الكثيرين بأن حل مثل هذه القضايا يكون إما بالتستر على الجاني، خوفا من الفضيحة، أو أنها تحلّ بعد فوات الأوان، ويجب تفعيل دور المدارس والمرشدات التربويات في التوعية؛ لأنه من المفروض أنه عندما يواجه الطالب أو الطالبة أزمة معينة أن تكون المرشدة أو المعلمة أول من يلجأ أو تلجأ لها، حل أي مشكلة يبدأ دائما بطرحها ومعرفة أسبابها ومحاولة حلها أو التخفيف منها قدر الإمكان ولا يكون الحل بالتستر على المجرم خوفا من العار وحفاظا على شرف العائلة الكريمة، ولن تحل أي مشكلة أبدا إن وضعنا رأسنا كالنعامة بالرمال وقلنا أنها موجودة في مجتمعات أخرى ولا علاقة لنا بها، وأن طرحها سيثير المشاكل والفتن، فالطرح العقلاني السليم لا يمكن أبدا إلا أن يثير تفكير العاقلين المنطقيين ليحاولوا إيجاد الحلول ويثير الجاهلين لإثارة المشاكل.




 اللهم ردنا إلى دينك ردا جميلا واحفظ أعراض المسلمين والمسلمات في كل مكان ولا تخرج علينا جاهلا أو فاسقا أو متفلسفا ويقول أننا ندخل الدين في كل شيء، وأنا أقسم بالذي لا إله غيره إن حل مشاكلنا كلها يكمن بالعودة الحقيقية إلى ديننا الحنيف وتطبيق الشريعة السمحة على كل مفاصل حياتنا. 1- رواه أحمد وأبو داود، وصححه الشيخ الألباني.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد