صحيفة السوسنة الأردنية

بداية نحترم دولة الأستاذ أحمد عبيدات الرجل الوطني المنتمي لوطنه وشعبه وقيادته والذي خدم الأردن في مواقع مختلفة ولا زال يخدم ..؟!! .

وأنوه أن جميع الأطراف الحزبية والسياسية والنقابية والشخصيات المستقلة وجدت في شخص دولة أحمد عبيدات المناسب في قيادة الجبهة الوطنية للإصلاح وخاصة جبهة العمل الإسلامي - التي يسجل لها الذكاء في الاختيار حتى لا تكون الواجهة أمام الناس- لامتلاك دولته القدرة في الطرح كشخصية جامعة لا منفرة وذات عمق عشائري..؟!!

بعد الاستماع إلى دولته في المحاضرة التي قدمها في مجمع النقابات المهنية/اربد وإجابته على التساؤلات والتي كان بعضها ساخناً , نقدم قراءة نقدية اجتهدنا فيها معبرين عن وجهة نظر نلخصها في الآتي:

1- كان خطاب دولته خطاب دولة وموجه بحرفية عالية وهو الخطاب الذي اعتاد المواطن على سماعه طيلة عقود وهو أن الحل لدينا , "فنحن نفكر عنك ونحن نقرر عنك وعليك التنفيذ" والذي يٌجذّر مبدأ التهميش للكتل البشرية من المشاركة في صنع القرار وتحقيق مستقبلها الآمن سياسياً واجتماعياً واقتصادياً .

2- طرح مبدأ أن الجبهة هي المنقذ الوحيد للمواطن الأردني المهمش والمستعبد , والمستبعد عن كيانه ومكانته التي يجب , والمصانة دستورياً ذلك بأن الشعب مصدر السلطات , فقد طرح دولته الجبهة كوصية على مصلحة الشعب الذي يجب عليه "الانطواء" تحت مظلتها إذ  كان يريد الإصلاح الذي يرتئيه , بغض النظر عن مشاربهم الفكرية والسياسية والعقائدية .

3- يعرض وجهة نظر الجبهة للإصلاح الذي لا يأتي إلا من خلال الحوار وبالتالي فإن البيروقراطية السياسية التي تتميز بها الجبهة وتضم الكثير من الأسماء المجربة في العمل الحكومي ، أو من خلال الأحزاب السياسية التقليدية المنطوية تحت مظلتها والمعروفة بأسمائها وبعض المستقلين – مع احترامنا لكل الأسماء وما قدمت- والتي ستفضي إلى المحاصصة مع الحكومة والدولة في بعض المكاسب الآنية المناصبية وخاصة للأطراف التي تشاركت مع دولته لأنها تعلم أنه - وكما أجزم أيضاً- بأنه لا يسعى إلى منصب , فقد تجاوز هذا منذ وقت بالإضافة إلى حكم السن وبعض المواقف التي كانت مثار خلاف مع القصر .

4- بناءً على ما تقدم في البنود السابقة فإن الجبهة تسعى إلى احتواء الحراك الشعبي وتهميشه المتواجد في الشارع والذي يقوده الشباب الذين تجاوزوا كل الأسماء والمسميات التقليدية إيماناً بأن التغيير والإصلاح لا يمكن تحقيقه من خلال الحوار في الغرف المغلقة أو في المحاضرات والندوات والتي جُربت كثيراً على مدى عقود ماضية فتكون النتيجة استمرار النهج المتبع من الحكومات المتعاقبة في محاصصة بعض الأطراف والأسماء وتهميش المواطن والكتل البشرية عن المشاركة في القرار السياسي والاقتصادي وبالتالي استمرار التبعية العمياء التي كانت ولا زالت تفضي إلى استغلال هذا التهميش في الاستحواذ على مقدرات الوطن وأموال العامة .

5- وكأهداف تأسيسية لاحتواء الأطراف السياسية في الأردن ومحاولةً من الجبهة في احتواء الشارع من زيادة ٍ في الزخم واللحاق بالشباب للشارع وركوب الحدث للمطالبة بالإصلاح , إضافة إلى منع الانفلات خارج قدرة الدولة والجبهة على إدارتها وقطف ثمارها - وأقصد هنا- إبقاء الحراك إذا لم تستطع الجبهة احتواءه إبقاءه في حدوده الدنيا القابل لإدارته واحتوائه من قبل الحكومة خلال هذه الفترة المتأثرة بالربيع العربي .

6- الإشارة وبطريقة مبطنة ومن خلال رؤية بعض الأطراف في الجبهة أن المواطنة مصانة والتحذير من تهديد الوحدة الوطنية وبالتالي فإن عدم الحديث عن عمليات التجنيس العشوائية غير المستندة إلى أي قانون واضح , والخاضعة للمزاجية والمصلحة والتي تهدف إلى تطبيق أحد بنود اتفاقية وادي عربة , وتدعو إلى مساعدة الأخوة الفلسطينيين على التوطين في الدول المستضيفة , كما وسيؤدي استمرار عملية التجنيس إلى إفراغ الأرض من سكانها لصالح الكيان الصهيوني فتلغي إسرائيل من قاموس المواطن العربي "والفلسطيني خاصة" نظرية الأرض المحتلة والشعب الباحث عن تقرير المصير وبالتالي إقامة الوطن البديل كأمر واقع .

7- رأينا أن دولته قد استخدم الأسلوب الحاد في رده على بعض الأسئلة – وما هو إلا أسلوب ٍ يمتاز به خطاب الدولة – وخاصة ما طُرح من جانب من تحدث باسم جماعات دعت وبكل جرأة في طرح قضايا مفصلية , والذي اعترف بأنها وضعت يدها على الجرح.. فكيف يكون من يضع يده على الجرح مطالباً معالجته بأنه أراد الباطل..؟!! مستغلاً الحس والبعد العاطفي مغيباً البعد العقلاني والمنطقي في استقبال السؤال وفي الإجابة دون إيضاح ما هو الجرح المقصود وما العلاج اللازم .

8- وقبل المحاضرة بيومين قال أحد أفراد مؤسسيها وقيادتها وفي ديوان إحدى العشائر في اربد بأن قيادة الجبهة تعاني من بعض الخلافات وخاصة في جانب التمثيل والمحاصصة وأخذ أدوار في المقدمة والذي قد يؤدي لانشقاق. وهذا ما يؤكد وجهة النظر في قبول أطراف بعينها بقيادة دولته للجبهة , وبهذه الرؤية والطرح في الوصول إلى الإصلاح لتحقيق أهداف وغايات شخصية آنية وضيقة لأفراد وأحزاب كمحاصصة مع الدولة بفرض الأمر الواقع تؤكد أن الجبهة طرف أساسي في عملية التقسيم , بعيداً عن الشعب وحقوقه الأساسية في المشاركة في صنع القرار كمصدر للسلطات .. لذلك أرى أن دولته يعي هذه الرؤية والغاية لدى شركائه من خلال خبرته الطويلة في المواقع المختلفة والمتطابقة مع ما تعي الدولة من ذلك إن لم تكن شريكة في تكوين وتأسيس الجبهة على مبدأ المحاصصة ...

9- وضحت الجبهة ومن خلال نفس الشخص ونفس المكان بأنها لا تدعو إلى الشمولية في التكوين والعمل والطرح حتى لا يكون الاستحواذ والسيطرة والوصايا , في حين تدعو كافة مكونات المجتمع الأردني بالانطواء تحت مظلتها وبالتالي تطالب بما لا تدعي , والذي يؤكد أن الوصايا ومنهج التبعية وعدم الشراكة مع الكتل البشرية في صنع القرار هو المتبع من قبل الدولة وحتى الأحزاب التقليدية ..؟؟!!

إن الدولة ومن خلال الجبهة وغيرها من الوسائل , تحاول أن تقدم بدائل للإصلاح من نوع خلق الانطباع لدى العامة كأنها تجري عملية إصلاح.. فنرى أن الجلاد قد أصبح رحيماً .. والمستبد يبكي غياب الديمقراطية وشراكة الشعب.. هي لعبة تبادل الأدوار والاصطفاف , واستمرار النهج في الاستبداد وعرفية الإدارة الأساسية , واستمرارية اختزال حماة الوطن بزمرة , وتهميش المرجعية وتجاوز الشرعية.. إنها فوضى السياسة وسطوة المستبد...!!