معضلة ضم الضفة الغربية ودسترة فك الإرتباط

mainThumb

10-08-2011 04:39 PM

أصدرت حركة دستور 1952 بياناً تندد فيه بالمطالبة بدسترة فك الإرتباط بالضفة الغربيــة وأنه لا يجوز دستورياً  لأي كان التخلي عن أي جزء من أراضي المملكة الأردنية الهاشمية وبذلك فإنهم يـّدعون بأن قرار فك الإرتباط من الأصل غير دستوري ومن هنا أود التوضيح بالرجوع لجذور الموضوع فمنذ إحتلال فلسطين الحبيبة عام 1948م تم إنشاء حكومة عموم فلسطين في منطقة غزة تحت رعاية الأب الروحي لها الشيخ أمين الحسيني وبقيادات واعدة شُكلت من  أعضاء المجالس البلديةالمنتخبة ومؤسسات المجتمع المدني حتى تأخذ صفة الشرعية الشعبية والتي أخذت شرعيتها أيضاً من جامعة الدول العربيــة وأصدرت جوازات سفر فلسطينية استمر العمل بها حتى نهاية الخمسينيات من القرن الماضي إلا أنه تم تحييدها ومضايقتها مما أضطر أعضائها للإنتقال من غزة إلى القاهرة ثم لبنان وإندثرت تلك الحكومة وللاسف بجهود عربية، ولا بد الإشارة هنا بموضوع مرتبط تماماً ألا وهو بروتوكول الدار البيضاء الذي تمخض عن القمة العربية في الرباط والذي نص على عدم تجنيس الفلسطينيين شريطة معاملتهم معاملة المواطنين في البلد التي يقيمون فيها إلا انه لم يطبق رغم توقيع أغلب الدول العربية عليه، فنعلم كيف يعامل أبناء الوثائق بقسوة ومضايقة في أغلب الدول العربية، وتضاربت قرارات الجامعة العربية حيث صدر قرار آخر في عام 1970م ينص على أن إكتساب الفلسطينيين جنسية أخرى لا يعد مبرراً لحذف أسمائهم من سجلات اللاجئيين.
 
وعودة لذي بدء بخصوص ضم جزء من فلسطين وتسميته بالضفة الغربية حيث بادرت الأردن بالفكرة رغم معارضة جامعة الدول العربية لذلك حيث وجهت إنذاراً للأردن لفصلها من الجامعة إذا ما أقدمت على ذلك كما وعلقت الجامعة بأن دخول الجيوش العربية لفلسطين لم يكن إلا للحفاظ عليها وتحرير ما أحتـُل منها ولم تكن الجيوش العربية محتلة لها، حيث نوهت بأن دخول الأردن كأحتلال لما سمته الأردن بالضفة الغربية لنهر الأردن، واستنكرت الأمم المتحدة ذلك وأعتبرته إحتلالاً أيضاً إلا أن بريطانيا والباكستان أعترفتا بهذا الضم وأعتبرته شرعياً وضغطت الأولى على أعضاء الأمم المتحدة للأعتراف بذلك،ومن ثم أضطرت جامعة الدول العربية للإعتراف بذلك ولكن على أن هذا الجزء من فلسطين هو وديعة لدى المملكة الأردنية الهاشمية، وعليه واستجابة لضغوطات من جهات مختلفة على الأردن تم في عام 1988م عملية فك الإرتباط بما يعرف بالضفة الغربيــة وعودتها لأحضان السلطة الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للفلسطينين على ترابهم الوطني وفي الشتات وهنا يتضح بأن قرار ضم (الضفة الغربية) هو غير الشرعي، وانه لا بد من استكمال الإجراءات والبرتوكولات القانونية والسياسية لهذا الإجراء والتعاون مع السلطة الفلسطينية لإصدار جوازات سفر للفلسطينين حتى لمن هم في الشتات شريطة معاملتهم معاملة الأردنيين في حقهم في الإقامة و العمل والتنقل وما إلى ذلك، ولا أدعو هنا لسحب الجوازات الأردنية من أخوتنا الأردنيين من الأصول الفلسطينية ولكن هنا لا بد من وقف عملية التوطين والتهجير وتفريغ فلسطين من اهلها تحت شعارات لم يتم تحديد مفهوم واضح لها مثل الوحدة الوطنيــة والقومية العربية وغيرها لتمرير تلك المؤامرة على الأردن وفلسطين وضياع الهويتين لصالح مكاسب دنيوية وأن كل من يقف في وجه هذه المؤامرات يعتبر معادياً للوحدة الوطنية والقضية الفلسطينية ومتآمر مع الصهاينة رغم أن الحقيقة عكس ذلك تماماً.
 
إن تلك الخطيئة التاريخية لضم جزء من فلسطين (الضفة الغربية من النهر) هي التي أوقعت الحكومة الأردنية في خلافات وصراعات بين هويتين عربيتين من المفترض أنه تجمعهما وحدة الدين والقومية العربيــة ضد العدو الصهيوني المحدق بالمصالح العربية وتعود حكوماتنا المتعاقبة بالإصرار على هذه الخطيئة ولكن بطريقة مبطنة بإصرارها على عدم دسترة فك الإرتباط ب (الضفة الغربية) حيث ميعت الهويتين الفلسطينية والأردنية وخلفت صراع يهدد الهويتين بالزوال وتضييع حق العودة والمفارقة بأننا ما زلنا نحتفظ بما يسمى بالمخيمات الفلسطينية والسواد الأعظم من سكانها هم أردنيــون ولكن من أصول فلسطينية ولم يصدر قرار بالسماح لهم بالإنخراط في القوات المسلحة إلا منذ فترة وجيزة وهذا ما يضعف ولائهم وإنتمائهم لتراب الأردن وشعورهم بأن مواطنتهم غير كاملة علاوة على تدني الخدمات في البنى التحتية وغيرها كما هو الحال أيضاً في الكثير من القرى بل والمدن الأردنيـــة ، ومن جهة أخرى نجد تضييق الخناق على أبناء العشائر في القطاع العام وفتحه أمام الأردنيين من أصول فلسطنينية وهنا تكمن المشكلة والمعضلة بأن الوضع الحالي بعدم دسترة فك الإرتباط وتمييع الوضع وشعور أبناء العشائر بأن هناك تهديد لطمسهم وتحييدهم عن مطابخ صنع القرار وازدياد الفقر والبطالة بينهم ومن الجهة الأخرى شعور الأردنيين من أصول فلسطينية بمواطنتهم الناقصة وقد يكونوا جادين في أمور وفي أخرى حاصلين على حصة الأسد وشعورهم بأنهم غير مرغوب فيهم على تراب الأردن لا كمواطنين ولا كضيوف وهذا مخالف للواقع بشكل عام ، ولكن هذا الشعور هو الذي يخلق صراعاً ظاهراً وخفياً وكله قد يحل بدسترة فك الإرتباط لوقف التوطين والتجنيس وكذلك حفظ الهوية الأردنية لكل الاردنيين من أبناء العشائر ومن شتى المنابت والأصول ، كما سيـُعرف الفلسطيني بشكل واضح لحفظ هويته وعليه حفظ حق العودة لفلسطين وتحديد ملامح الهوية الوطنية الأردنية لإنهاء هذا الصراع الذي أنهكنا رغم المحاولات  المستمرة لإخفائه والتغاضي عنه باسلوب التسكيت والإتهامات وهذا ما أخاف الحكومات المتعاقبة وخاصة الأجهزة الأمنية من المطالبات المتصاعدة بالإصلاحات ووقف الفساد


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد