الحراك الشعبي , إلى أين .. !!

mainThumb

15-08-2011 02:01 PM

يمتاز الحراك الشعبي في الأردن بسلميته , وهو مـتمسك بهذا الخيار مثلما يتمسك بهويته الشعبية ومتجاوزاً في أفقه كل القوى السياسية التقليدية في المطالبة بالاصلاح الحقيقي الذي يعيد السلطات إلى مصدرها (الشعب) كما كان العقد في بداية تأسيس الدولة الأردنية , وفي قراءة الطرح والرؤية لهذا الحراك نجد أنهما إمتداد لثوابت الشعب الأردني التي تمخضت عن مؤتمراته التي عُقدت في بداية نشأت الدولة وما قبل , وبالتالي فإن هذا الحراك ومطالبه سيكون البوصلة في المراحل القادمة بأن لا يخرج الوطن عن هذه الثوابت (الدولة المدنية الحديثة).

الحراك الشعبي يرفض منذ البداية أي تدخل خارجي في فرض صياغة المستقبل وشكل المرحلة القادمة في البنية العمودية السياسية للدولة الأردنية وإدارة مؤسساتها , كما ويرفض الحراك الإنزلاق في تجارب بعض الدول العربية في سيناريو ثوراتهم بإراقة الدماء أو التنكيل والتشريد , رغم تعرض المسيرات السلمية إلى محاولات إخمادها بالعنف من قبل الدولة وآخرها ما حدث في الكرك , حيث انحاز كل الحراك الشعبي وفي كل المحافظات إلى الرفض والاستنكار والفزعة , فكان الحجيج إلى الحرية , هناك في كرك الأحرار والهية , فالحراك متيقن أن من وراء هذا التأزيم هو النمط الليبرالي الجديد الذي ساد في العقد الآخير من الدولة , ونهجه الرأسمالي الكمبرادوري السلطوي الذي أحاط بالنظام , مُمسكاً بمفاصل القرارات السيادية وتهميشها للشعب بإبعاده عن القرارات السياسية والاقتصادية , فاستباحت ما يملك هذا الوطن وشعبه من مقومات ومؤسسات , وإبعاده عن عمقه القومي وجغرافية تاريخه المتوارث عبر الأجيال , منفذة مخطط صهيوني إمبريالي من أجل حماية مدللتهم إسرائيل , على حساب الأوطان والشعوب العربية وحريتها وكرامتها .

الحراك الشعبي في كل المحافظات يجمع على رؤية واضحة بتحقيق الدولة المدنية الحديثة , تكون هي الراعية للمواطن بتأمين العدالة الإجتماعية , واستعادة كل ما خصخص من ممتلكات ومؤسسات هي ملك للشعب وليس لأشخاص , تكون فيها السيادة مرجعيتها الشعب مصدر السلطات.
الحراك الشعبي متمسك بثوابت الآباء والأجداد ثوابت ومقرارات مؤتمر 1928 , مؤتمر الهم الوطني والقومي , نستذكر هذا المؤتمر وما نتج عنه من مقررات وثوابت الشعب المتوارثة , هي بوصلته تعيد الدولة كلما حادت عن هذه الثوابت , في ذلك المؤتمر حذروا من مستقبل نعيشه , هذا النهج الليبرالي الذي حول الوطن إلى شركة يملكها ثـُلة من الكمبرادوريين , المتآمرين على الوطن وهويته , فجاء الحراك الشعبي ليؤكد ما أوصى به الأوائل , بالاستمرار في نهج التحرر والمقاومة في وجه الصهيونية, حماية للأردن من عزلها عن عروبتها وتاريخ جغرافيتها , ولفلسطين من الابتلاع والتهويد .

نحن أمام خيار واحد لا يمكن للوطن أن يتجاوزه أو يبحث عن غيره , فكان نضالاً يـُسجل للشرفاء , ونسعى له الآن عبر الحراك الشعبي الواسع لتحقيق هذه الثوابت , فقرائتهم للمستقبل وخشيتهم على الوطن , نعيشه في حاضرنا , فكأن هؤلاء الأحرار حاضرون بيننا , ينطقون الهم ويقررون المستقبل ..؟؟
إذا كان كل الأردنيين ومعهم النظام لا يريدون عبور أنفاق مظلمة لا نعلم أين نهايتها ولا يُحمد عُقبى مرورها , فلما لا يكون السبق في التحول إلى الدولة المدنية الحديثة , فيكون المؤتمر الوطني السادس (2011) , وتكون ثوابت التاريخ أوراق عمل مؤتمرنا , فنحمي الأرض والإنسان جغرافيته وتاريخه , وتكوين جبهة وطنية مع من يمد يده لنا في تشكيل جبهة وطنية وقومية في مقاومة الصهيونية , لتحريرالأرض وتقرير مصير شعب عاش عقوداً من البطش والقتل والتهجير .
    
ما أحوجنا إلى هذا المؤتمر الذي ينتقل بنا من حالة التردي والتشرذم والعهر السياسي , ونهجه المستبد التآمري , إلى حالة الدولة المدنية وسيادة القانون , حالة جمعية لفكر الأردنيين بعيداً عن سيناريوهات ما حولنا من دول شقيقة سادها القمع والقتل , حالة جمعية لفكر الأردنيين لإسقاط طبقة كمبرادورية ومحاسبتها على جُرمها في سرقة الوطن وتشويه التاريخ والهوية , حالة جمعية لفكر الحراك الشعبي لتحقيق دولة المؤسسات والقانون لشعب يملك سلطاته .

إن المتقاعدين العسكريين دعوا إلى عقد مؤتمر وطني ممثل لأطياف وفئات الشعب الأردني , وهم من نسيجه ولهم رمزيتهم أنهم قادمون من المؤسسة العسكرية , لا يمثلون الأردنيين جميعاً ولكن يحملون في طيات رؤيتهم هماً وطنياً للدولة الأردنية باحياء تاريخه الموشح بالزيف الإمبريالي , وقومياً في منادتهم لتشكيل الجبهة الوطنية والقومية في مواجهة الصهيونية ومخططاتها لتحرير الأرض المحتلة التي ألغيت من أوراق مسؤولياتهم , وتقرير مصير شعب زوروا هويته وأسقطوا حق العودة من رزنامة أفقهم... المتقاعدين لا يمثلون الأردنيين أطياف وفئات ولكنهم يمثلون الأردنيين جغرافية وطن وهوية , فما أحوجهم إلى العمل الجاد مع كل الشرفاء من أبناء هذا الوطن في عقد المؤتمر وانجاحه .

أي مؤتمر وطني قادم , مالم يحمل في أوراقه ومقرراته ملف الوطن الجغرافية والتاريخ , وحق العودة وجبهة المقاومة والتحرر وإلغاء التبعية , والعدالة الاجتماعية وعودة مقدرات الشعب , لن يكون معني به الأردنيون , وليس إصلاحاً حقيقياً كما يريده الحراك.. .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد