خارطة طريق سورية
الرسالة التي حملها اجتماع المعارضة بالمخابرات الإيرانية لم تجد حتى تعليقاً رسمياً من قبل النظام السوري ولا من أنصاره، وكأنهم لم يسمعوا، ممارسين بذلك ذات الصيغة في نداءات سيقت إليهم إبان اقتحام الجيش لمدينة درعاً، فوضع الساسة السوريين في أذن طين والأخرى عجين، لتتدهور الأوضاع وتصل إلى ما وصلت إليه اليوم، كما يفعلون اليوم بخبر محاولات حليفهم الأساسي الإيراني الذي يحمل رؤى وأفق أوسع منهم، بالبحث عن بدائل لهذا الشريك ولو على المدى البعيد، كونه يحمل رؤى للمستقبل أكثر منهم بكثير.
سواء اختلفنا أيضاً مع الحراك الشعبي أو الانتفاضة الشعبية السورية أو اتفقنا معها، فمن يتحمل مسؤولية هذا الحراك بالمحصلة وبشكل مباشر هي أنظمة لم تستطع تحقيق عدالة اجتماعية ولا انفتاح لشعوبها فخنقتها وجعلتها تتسول حقوقها وتستجديها وتأخذها فتات على شكل هبات من النظام، هذا الكلام طبعاً لا ينطبق على سوريا أو ليبيا وحدهما، فليبيا كانت حالة منفردة بعد ما يزيد عن أربعين عاماً من التخلف وانعدام القطاع الصحي والبنية التحتية للدولة، بينما هنالك نموذجين لهما إيجابيات مقارنة بالسلبيات، لكنهما مارسا عبر سنوات من حكمها كل المبررات التي حملت شعوبهما للتحالف حتى مع الشيطان ضدهما.
أذكر أنني جئت للأردن في العام 2000 وقبلها سبقتها زيارات في التسعينيات، وحينها كان واضحاً انتشار لما يزيد عن مليون عراقي يعملون ضمن ظروف إنسانية صعبة، كما وتولدت حالة تهدم اجتماعي في داخل هذه الطبقة العاملة رافقه عمل بالدعارة كان مشهوراً في حينها بالأردن، وهذا ليس إفرازاً اجتماعياً من داخل المجتمع العراقي المحافظ بقدر ما هو انعكاس لحالة الجوع التي وصل لها الشعب العراقي وجعل للأسف يصل لهذه الحالة من التردي وانهيار طبقته الوسطى تماماً، جراء الحصار الدولي على العراق، في حين كان الرئيس العراقي السابق صدام حسين يصرف ملايين الدولارات في بناء قصور جديدة في هذه الفترة، ويبني طبقة تجار حروب أشهرها طبقة المهربين لمنتجات كثيرة من بينها رفاهيات القصور كالكحول والكافيار الروسي والسوجار الكوبي للطبقة الحزبية الملتصقة بالسلطة.
كذلك الأمر بالنسبة للنظام السوري فقد ربى النظام في سوريا عبر ما يزيد عن أربعين عاماً طبقة مشابهة من تجار الحرب، وطبقة من المهربين الذين يقودهم أبناء عم الرئيس أبناء جميل الأسد، وتضخم المجتمع، ولم يصل للحد الذي وصل إليه المجتمع العراقي إلا أنه ضاق ذرعاً بالقمع والمعتقلات المرافقة للجوع.
يحسب لهذين النظامين الشموليين بأنها استطاعا تحقيق نهضة علمية في العراق وسوريا، لكنها للأسف أسفرت فيما بعد عن تهجير الكفاءات منهما بسبب انعدام الحرية والفقر وبناء طبقات فاسدة مستأثرة بالحكم وانتشار الفساد بكل هيكل الدولة.
سقط نظام صدام حسين على يد حلفائه السابقين الأمريكان، في حين النظام السوري سيسقط ليس بسبب تحالفه مع الأمريكان كما فعل صدام، إذا ما تجاهلنا دوره في عاصفة الصحراء ووقوفه ضد العراق وحربه عليها إلى جانب قوات النيتو، إنما جراء عدم قدرته على القضاء على الطبقة التي ساهم فيها النظام من الفساد إلى جانب خنق الحريات بحجج مختلفة من بينها الممانعة والمقاومة التي بقيت شعاراً كبيراً خاوياً من أي تطبيق، فالهدنة المعلنة مع الاحتلال منذ عام 1973، وعدم رده على الضربات الإسرائيلية لمواقعه في داخل سوريا، والمفاوضات المباشرة وغير المباشرة تؤكد خواء هذا الشعار.
قد يكون النظام السوري اليوم جاداً بالإصلاح، لكن للأسف هذا الإصلاح الذي يأتي بعد فوات الأوان، بعد الدم والقمع والقتل، كان بإمكانه، أي النظام السوري أن يبدأ بحلٍ سياسي وإصلاحي لأزمته الحالية، قبل أن يلجأ للحل الأمني وليس العكس، واليوم هذا النظام بحاجة لخارطة طريق تخرجه من الأزمة قبل أن يقضي كسابقه البعثي في العراق، ويضع سوريا في مصير مجهول بين معارضة غير واضحة الأفق موزعة على يسار بلا مشروع، وطائفيين من أمثال السلفيين، ومعارضة مخترقة من قبل الإسرائيليين والأمريكان من أمثال البيانولي، ومفكرين يحملون مشاريع لكنهم لا يجدون شارع يلتفت لمشاريعهم مثل الدكتور برهان غليون والطيب تيزيني وعارف دليلة وميشيل كيلو وآخرون.
وخارطة الطريق هذه لا بد أن تبدأ بحل ما يسمى حزب البعث، وقف احتكارات الشركات لصالح مقربين من عائلة النظام، والوقوف بشكل جدي على عمليات الاستفراد بالسلطة التي يقوم بها أعضاء البعث وأقارب الرئيس، والدعوة لانتخابات تشريعية ورئاسية بوقت محدد، وقبل كل شيء إعادة النظر في مسألة توزيع الثروات في سوريا.
وإلا فإن الحالة العسكرية الليبية ستكون الحل بالنسبة للشعب الذي يرى اليوم أن لا عودة للخلف، وسيجري البحث عن ملاذ آمن لقوى مسلحة بشكل جدي قد تكون حلب مثلاً لقربها من تركيا أو جسر الشاغور والمناطق الجبلية المحيطة به، هي المنفذ لتشكيل بنغازي السورية والبدء منها بمعركة مع النظام ستؤدي لتدمير لا يريده أحد للدولة السورية. وبكل الأحوال القادم لن يكون أفضل لكنه للأسف الضرورة التي تحملها هذه الانتفاضات الشعبية والتي انطلقت في الأساس من مطالب إصلاح اقتصادي سواء في تونس أو مصر أو ليبيا أو سوريا.
*كاتب ومخرج
*salahatm@hotmail.com
ترامب يتوعد بالرد بعد مقتل 3 أمريكيين في كمين داعش بسوريا
ألمانيا: اعتقال خمسة أشخاص بتهمة التخطيط لهجوم إرهابي
استشهاد فتى فلسطيني برصاص الاحتلال غرب جنين
إصابة شخصين بحادث تدهور شاحنة على أوتوستراد المفرق – الزرقاء
نشميات U14 يتوجن بلقب غرب آسيا للواعدات
مشاجرة في إربد تسفر عن إصابة شخص والأمن يباشر التحقيقات
إقرار موازنة 2026 .. غياب الموقف الجماعي للكتل النيابية يثير أسئلة
أمانة عمان تعيد 18.9 ألف دينار لمواطن ألقاها بالخطأ
دراسة: جائحة كورونا كشفت تفاقم العنف البنيوي ضد النساء
سوريا تدين هجوم تدمر وتقدم التعازي لعائلات الضحايا
إلغاء قانون قيصر: تحول إستراتيجي يعيد رسم مستقبل سوريا
الهواء في 34 % من شوارع سحاب غير نقي
الأردن يدين هجوما إرهابيا تعرّضت له قوات سورية وأميركية قرب تدمر
ميسي يعلّق على مواجهة الجزائر والأردن في مونديال 2026
سوريا وفلسطين إلى ربع النهائي كأس العرب .. خروج تونس وقطر
بلدية أم الجمال تعلن عن وظائف في شركة تغذية
وظائف شاغرة في وزارة العمل والأحوال المدنية .. تفاصيل
وظائف في الصحة وجهات أخرى .. الشروط والتفاصيل
اكتمال ملامح ربع نهائي كأس العرب 2025 .. جدول المباريات إلى النهائي
توضيح حكومي حول أسعار البنزين والديزل
فصل نهائي ومؤقت بحق 26 طالباً في اليرموك .. التفاصيل
إطلاق أطول رحلة طيران تجارية في العالم
باراماونت تقدم عرضًا نقديًا مضادًا للاستحواذ على وارنر براذرز
وظائف في مؤسسة الاقراض الزراعي .. الشروط والتفاصيل



