الإخوان .. والوطن البديل

mainThumb

22-09-2011 11:08 AM

قضية الوطن البديل , أخذت أبعاد كثيرة على الساحة الأردنية , سواء في الجانب الشعبي من خلال حراك القوى الوطنية المتعددة وفي جميع مناطق الوطن , أو من جانب النظام , وآخرها حديث الملك أمام نخبة من المثقفين والأكاديميين , وقد تباينت الأطروحات ما بين التحذير والتخوف من خطر الوطن البديل , إلى التنبيه من وجود تطبيق فعلي ومن ثم فرضه كأمر واقع , كل ذلك في ظل وجود توجه أمريكي وصهيوني له أطراف في الداخل الأردني من تيارات تدعم هذا التوجه , أما التنويه الذي لا بد منه , أن التيارات والقوى الوطنية كان لها السبق في التنويه لقضية الوطن البديل منذ بدء حراكها الاحتجاجي المطالب بالإصلاح والعدالة الاجتماعية الذي انطلق من ذيبان في بداية هذا العام , فقد حذرت القوى الوطنية , من الآلية المتبعة من قبل تيارات التوطين من الاستمرار في عملية التجنيس (التهجير الناعم للفلسطينيين) , وذلك في ظل غياب قانون للجنسية , مـُقـَيد باعتبارات ومعايير صارمة , من أهمها التوزيع الديمغرافي للسكان , وبالتالي وقف التوطين الذي سيؤدي كما حذرت التيارات والقوى الوطنية , إلى فرض أمر واقع وهو الوطن البديل , رافق ذلك وجود تيارات سياسية داعمة للتوجه ألتوطيني , في الحراك المطالب بالإصلاح , والذي همش هذه القضية في أطروحاته(بقصد أو بغير قصد) , وعدم الالتفات إلى خطورتها سواء على نتائج الحراك والإصلاح القادم , أو على الوطن , دولة وشعب وتاريخ وهوية , هذا التيار رافقه بعض كُتّاب تعرضوا بالإساءة للأردنيين وعمقهم العشائري بأوصاف مقيتة واتهامات بأنها إقليمية وعنصرية وتهديد للوحدة الوطنية .


هذا التوجه , رافقه وجود مجموعة متنفذه ممن يسيطرون على القرار السياسي السيادي في الدولة الأردنية, والتي لا يعنيها من الوطن سوى المحاصصة , والحديث عن الحقوق المنقوصة , وامتلاء جيوبهم من بيع مقدرات الوطن ومؤسساته , من خلال عملية الخصخصة المشؤومة التي أبعدت الدولة عن مواطنيها , وهذا التيار كانت القوى الوطنية تحذر من وجوده وممارساته , حتى جاءت اللحظة الحاسمة في كشفهم من خلال وثائق ويكيليكس , فكانت الصدمة الشعبية من الأسماء المقرونة بالتوجه , إلى إفراغ الدولة من مقوماتها ليصبح القرار الإداري والسيادي بيدهم للاستمرار في تنفيذ مخططاتهم .

وكعادتها جماعة الإخوان المسلمين (حزب جبهة العمل الإسلامي) القفز على الحدث .. بعض قيادات الإخوان (د.رحيل الغرايبه مثال) يكتبون عن خطورة الوطن البديل , وهي نقطة تحول تسترعي التوقف عندها , الإخوان كانوا يرفضون وبشكل قطعي طرح موضوع الوطن البديل , أو التوطين والتجنيس على طاولة الحوار , سواء مع القوى السياسية والوطنية , أو مع الحكومات , أو حتى مع الأمريكان , ولا ندري إن كان هذا التوجه في طرح خطورة الوطن البديل , رأي شخصي للكُتـّاب , أم بداية توجه جديد للجماعة يؤكد حالة القفز , يرافق ذلك وجود أشخاص يدعون إلى دسترة ما يعرف بحق العودة في التعديلات الدستورية , وبالتالي لا يمنع هذا التوجه من الاستمرار في التجنيس والتوطين (التهجير الناعم) في ضوء هذا الغطاء الدستوري , وبالتالي عملية فرض الأمر الواقع وهو الوطن البديل , وهو التفاف على ما تطالب به القوى والتيارات الوطنية , بدسترة أو قوننة فك الإرتباط , وإيجاد قانون للجنسية يراعي المعايير المتعارف عليها , بالإضافة إلى ديمغرافية الشعب الأردني , واتهام القوى والتيارات الوطنية بالنظرة الضيقة والإقليمية والعنصرية بحجة الوحدة الوطنية .


يقول الدكتور رحيل غرايبه فكرة (الوطن البديل) خطر حقيقي, والأردنيون يشعرون بخطورة هذا المشروع ويشكل هاجساً دائماً ينغص حياتهم, ولا يمكن إزالة هذه التخوفات بالتطمينات, إذا لم يتم ترجمتها إلى مشاريع وطنية واضحة وشفافة, يشارك فيها الشعب الأردني مشاركة فاعلة ومنتجة, عبر مسارات واضحة تؤدي إلى مآلات أكثر وضوحاً. ويحق للأردنيين أن يشعروا بالخوف وعدم الطمأنينة لأسباب كثيرة وعوامل لها وجاهتها ولا يمكن التغافل عنها.

ثم يقول هذا الموضوع المهمّ والخطير يجب أن يكون محلاً للحوار الصريح والمكاشفة, ولا ينفع فيه الوعظ, والتطمين اللفظي, أو إطلاق الاتهامات, والتنابز بالإقليمية والعصبية, نحن نحتاج إلى حوار موضوعي بين العقلاء والنخب والزعماء من الطرفين من أجل التوصل إلى حل يطمئن ذوي الأصول الشرق أردنية بالحفاظ على هويّتهم الوطنية التي لا تتعارض مع إسلام أو عروبة, وأنّ مشروع الإصلاح لا يسير باتجاه تحقيق الرغبة الصهيونية الأمريكية وعملائها.

ثم يقول وفي الوقت نفسه يطمئن ذوو الأصول الفلسطينية بالحفاظ على حقوقهم ومكتسباتهم بعدالة, وأنّه لا تعارض بين مشروع الإصلاح الذي يجب أن ننخرط فيه جميعاً, مع مشروع مواجهة العدوّ الصهيوني المحتلّ الذي يهددنا جميعاً, ويهدّد أوطاننا ومستقبلنا ومستقبل أبناءنا, والذي يجب أن ننخرط فيه جميعاً أيضاً, وهذا يحتاج إلى روح وطنيّة عالية يتمتع بها الطرفان في هذا الظرف الاستثنائي الخطير من عمر الأمّة, بعيداً عن المحاصصة, ونفس الاستحواذ على المكاسب ونفس تقاسم الكعكة بشراهة في غيبة الحس النضالي الوحدوي الأصيل البعيد عن منطق المزاودة والتذاكي أو التغابي. انتهى الاقتباس .


القوى والتيارات الوطنية لم تُـقفِل الباب يوماً أمام أي شخص أو توجه أو قوى سياسية , لمناقشة موضوع التجنيس والتوطين وخطورة الوطن البديل , بل العكس قد دعت مراراً للوصول إلى اتفاق بين جميع الأطراف , للتوصل إلى آلية , تمنع الاستمرار في التحول الناعم إلى الوطن البديل , كاستحقاق مرافق للإصلاح القادم , ليكون الاستقرار المجتمعي والسياسي في الدولة الأردنية التي نريد جميعا , والملاحظ أن كُتّاب الإخوان لم يطرحوا أية آلية تؤدي إلى الحل , فلم يكن سوى تعبير إنشائي دعائي لاختراق قادم للقوى والتيارات الوطنية, التي أصبحت هي الأقوى في الشارع , ولشعورهم بأنها تتجه إلى التوحد في تيار واحد , يملك وجهة نظر واقعية في حل قضية الوطن البديل , ووقف التهجير الناعم , والتصدي للمشروع الصهيوني , وحماية الوطن وهويته , وبنفس الوقت يملك رؤية للإصلاح القادم , الذي يحقق الدولة المدنية , والعدالة الاجتماعية , والنهوض بالمحافظات , وعودة مقدرات الوطن , ومحاسبة الفاسدين , وإسقاط طبقة الكمبرادور الراعية للتوجه الأمريكي – الصهيوني التي تـَكشّفت بعض أسمائها في وثائق ويكيليكس وخيانتها للوطن وهويته .


القوى والتيارات الوطنية , تناضل على أكثر من جبهة لحماية الوطن وهويته ومقدراته , فهي تناضل ضد النهج ألتوطيني , وتضغط لأجل تحقيق الإصلاح الذي يحقق الدولة المدنية والعدالة الاجتماعية , وتناضل لأجل إلغاء التبعية للقوى الخارجية المتمثلة بالأمريكان والصهاينة , وفي نفس الوقت , تبحث عن قوى تعمل على فرض واقع جديد في مقاومة الصهيونية ومخططاتها , وتحرير الأرض وتقرير المصير للفلسطينيين , وإقامة دولتهم على أرضهم , فهل يَصدُقْ الإخوانيون فيما يطرحونه هذه الفترة , من تبنيهم للرؤى الوطنية بشكل علني , فيشاركون غيرهم النضال من أجلها ..؟؟


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد