الأغلبية الصامته والتمثيل النيابي

mainThumb

18-10-2011 04:43 PM

 ما زالت الأغلبية الصامته , على الرغم من تجذر الممارسة الديمقراطية بأشكالها المتعددة في العديد من المجتمعات , ما زالت هذه الأغلبية على صمتها وافتقاد الرغبة في المشاركة في فعاليات الديمقراطية وممارساتها , أو المشاركة السياسية في القضايا العامة تشكل ظاهرة اجتماعية تشكل مثلبة في القيم الديمقراطية.

وقد شغلت تفكيرعديد من المحللين الذين خرجوا بتفاسير لهذه الظاهرة تتمحور في أهم أسبابها حول ضعف الثقة في الأشخاص الذين يمتهنون العمل السياسي بشكل عام وفي سياساتهم وبرامجهم التي تطغى عليها صيغ الخطابة ويمتلئ جسدها بالوعود التي يتنصلون من فشلهم في تحقيقها بأساليب التبرير المملة دون اعتراف بأي تقصير أو تفسيريحترم العقول وما يتبع انتهاء عملية الانتخابات من إغفال الفائزين لآراء ناخبيهم وتجنب وانقطاع الصلة بهم وبمواقفهم من قضايا وطنهم العامة .

لاحظ المحللون والأكاديميون ظاهرة تراجع اقبال الناخبين عن تأدية واجب التصويت في الانتخابات المختلفة متنازلين بذلك عن حقهم الديمقراطي الذي قد يؤدي إلى نتائج ليس فقط لا تفيدهم بل قد تلحق الضرر بمصالحهم ورغباتهم .وبالفعل فقد أصبحت نسبة الممارسين لهذا الحق في أعرق الدول ممارسة ديمقراطية تتراوح , بشكل عام في أفضل حالاتها مابين 40-50% في (دون أدنى اعتبار لنسب 99% وما يزيد عنها في النظم الديمقراطية الصورية ) .

 وهذا في حد ذاته يصيب ادعاء الفائزين في الانتخابات المختلفة المقاصد بأنهم يمثلون جميع الذين شاركوا في التصويت , ومنهم من يذهب , كالنواب على سبيل المثال , على الادعاء بأنهم يمثلون الشعب كله ويعبرون عن الإرادة الشعبية , يصيب هذا الادعاء, بعلة تجعل منه مجرد مقولة يعوزها قدركبيرمن المصداقية التمثيلية ويجردها من الدقة الموضوعية في معنى التعبيرعن إرادة الناس ومضمونه.

 وحقيقة الأمر فإن الفائزلا يمثل في أي انتخابات إلا الذين صوتوا له بغض النظر عن الأسباب التي دفعتهم الى ذلك .

 ولندلل على ذلك بالمثال التالي : بافتراض إجراء انتخابات في بلد ديمقراطي عريق ما يبلغ عدد سكانه 10 ملايين نسمة , منهم حوالي 30% دون سن 18 عاما ً إضافة إلى غير المؤهلين للتصويت لأسباب مختلفة , يكون حق التصويت لسبعة ملايين ناخب .

فإذا كانت نسبة المشاركين ممن يحق لهم التصويت 50% من مجموعهم , يكون عدد المقترعين الفعلي 3,5 مليون ناخب , فإذا حصلت الكتلة الفائزة على أغلبية 51% من مقاعد مجلس النواب والتي تجد حقها في تبوؤ السلطة , تكون عمليا ً حائزة على أصوات حوالي مليون واحد وثمانماية ألف من المؤيدين , وهذا الرقم يشكل 17% فقط من المواطنين من مجموع السكان الذين ستحكمهم الفئة الفائزة . فهل يحق لهم ادعاء الشرعية التمثيلية للشعب والتعبيرعن إرادته ؟؟!! ولا يلتبس علينا الأمر بمقولة نائب وطن , كما يقول نوابنا في العادة , ومقولةممثل للشعب ومعبر عن إرادته , لأن بينهما فرق يسهل تمييزه , لأن الوطن للجميع والنائب لناخبيه .

* تم بحث هذه الظاهرة بالتفصيل في كتابنا "الديمقراطية الحرية التعددية " دار أزمنة للنشر عمان ,2011


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد