الربيع العربي بين الشرعية والاغتيال

mainThumb

16-11-2011 06:10 AM

بداية لا بد أن نعرج على مسببات الربيع العربي وبشكل مقتضب.. هذا الفعل التاريخي الذي يكاد أن يحجز سطوراً في زمن التاريخ.

للربيع العربي مسبباته المختلفة والتي تناولتها الكثير من الأطروحات والدراسات سواء عربياً أو عالمياً , ولا يخفى على أحد أن هذا الحدث الذي صُنف تحت ما يعرف بالثورة أو الربيع العربي , يتفق المعظم أن الأسباب متشابهة في معظم الدول العربية إن لم يكن جميعها(الظلم , الاستبداد, الكرامة , الحرية , الفقر , البطالة , .. الخ) .

بداية , كانت الثورات العربية سلمية , فبعضها حقق المرحلة الأولى بسلميتها(تونس ومصر), وبعضها , لجأ إلى التسلح , والاستعانة بمن اغتصب حريتنا وكرامتنا عقوداً في استعماره(ليبيا), وبعضها , لا زال في طور الفعل , حيث في سوريا تطالب غالبية المعارضة تدّخل حلف الناتو (كما في ليبيا) , بينما ما يلفت نظر المراقب , أن اليمن الذي يتميز بامتلاك شعبه السلاح بكثرة وأنواع متعددة , لم يلجأ إلى العنف والاقتتال أو الاستنجاد بالناتو , بل على العكس , كانوا الأكثر سلمية , فكانت موافقتهم على المبادرة الخليجية(بقيادة قطر) والمجحفة بحقهم .

الفعل التاريخي , للفكر المجتمعي لدى الشعوب العربية , بدأ دون مؤثرات أو تدخل خارجي , سوى مسببات الربيع العربي المختلفة , فكانت القوة المحركة واللازمة لحالة السكون التي افتعلتها الأنظمة العربية لشعوبها , فكان الفعل الذي يسير نحو مستقبل التاريخ .
فيزيائياً , الجسم يحافظ على حالته الحركية (متحرك أو ساكن) ما لم تؤثر عليه قوة تغير من هذه الحالة ...

أمريكا (ومن خلفها حلفائها) والمتعارف, على أسلوبها الجديد , وخاصة بعد خوضها تجارب سابقة أصبحت غير فاعلة (أفغانستان والعراق) , قامت خلال السنوات الماضية بتكثيف الدراسات والأبحاث لمعرفة مسببات الإرهاب (المرتبط بالإسلام كما تعتقد) , وما هي البيئات القابلة لاحتضانه , فخلصت دراساتهم , أن الشباب العربي ونتيجة لمسببات الربيع العربي , يصبح بيئة خصبة لنمو وتعاظم الفكر المتطرف الإرهابي , والذي ساعد على ذلك ما خلُصت إليه الدراسات , أن الأنظمة العربية القائمة أصبحت غير قادرة على توجيه العامة , نحو ما رسم لها , بإبقائها في حالة السكون, أو عدم قدرتها على تجديد أدواتها في ظل مسببات الربيع العربي , وذلك في ظل التوجه العام من أمريكا وحلفائها في التعايش السلمي التابع للكيان الصهيوني , إضافة إلى المحافظة على مصالحها في المنطقة .

في ظل رفض الأنظمة العربية , التحول إلى الحد الأدنى من الديمقراطية الصورية , والتي ادعت يوماً بأن التغيير لا بد وأن يكون من الداخل , وأن لكل دولة ظروفها , وبالتالي نوع الديمقراطية الصورية الخاصة .

لقد وصل الكبت الشعبي وخاصة لدى الشباب العربي ذروته , حيث كانت المعلومات تشير إلى ذلك , ولكن, لم تصل مراكز البحث في دراساتها , متى يكون الزلزال الشعبي الذي سيهز العالم والعروش , فكانت شرارته المفاجئة لكل العالم في تونس ومصر , بالفعل التاريخي الذي كانت تشير إليه دراساتهم وليس الدراسات العربية (كل شيء تمام التمام) , تشير إلى حدوثه وليس في توقيته , من هنا , جاء الدور الأمريكي والذي تقوم به , بفعل قدرتها في التأثير على هذا الفعل ولكن ليس إيقافه الذي لا تستطيع , وإنما بالتأثير على تسييره باتجاه المصالح والغايات التي تريد.


هذا يعيدنا إلى الحالة اليمنية , وثورتها السلمية , التي أصبحت شبه مهمشة من الإعلام العربي , وحتى الحراك الغربي الرسمي مقارنة مع الحالة السورية , وبمقارنة بسيطة نجد أن القتل والعنف في الحالة اليمنية كان من جانب النظام فقط (القصف بالطائرات) , وعدد القتلى اليومي يفوق أعداد القتلى في الحالة السورية , بالإضافة إلى الانتشار الجغرافي الأوسع , والذي يشمل كل البلاد اليمنية , على عكس الحالة السورية , ومع ذلك مورست عملية التجميد والفرملة , للفعل التاريخي للثوار اليمنيين بتعليمات أمريكية وتنفيذ خليجي , خوفاً من الامتداد والتقادم بحكم الجوار, ليبقى الخليج مسكوناً بعباءات سطوتهم على حرية الشعوب العربية .
ما يثير الأمريكان من الفعل العربي الشعبي , أنه يرفض التبعية والعمالة , وينحاز لمصلحته القومية وقضاياه العربية , بعيداً عن المصلحة الأمريكية وارتباطاتها الصهيونية , فكان التأثير الذي لا بد منه لما تملك من قدرات , بالإضافة إلى الأدوات المتمثلة بالأنظمة العربية المسكونة بتبعيتها , والقادرة على تسيُّد المشهد المرتبط بالمال الخليجي , فنلحظ هذا الدور من العهر العربي المنظم, والمدفوع بالعمالة والتبعية للغرب ومشروعهم الصهيوني , في قرار جامعة الدول العربية الآخير , فكان الفعل القطري الخليجي , بتضخيم الحالة السورية , لتتجاوز الحجم الأكبر في اليمن , والمُـلاحِظ في المشهد العربي سواء الرسمي المتخاذل أو المد الشعبي في حراكه نحو التحرر , تكوّنت اصطفافات جديدة , فتشكلت المعادلة من الأنظمة , وبالتشارك مع تيارات , لم يخطر على بال المنطق بسبب فعلها المعادي في الماضي , بأن تصطف في حضن الرؤية الأمريكية للمنطقة ونموذجها التركي , الذي تسارع في الصعود , كنموذج , قابل للتطبيق في المنطقة العربية وهو التهجين لهذه التيارات على الطريقة الأمريكية - التركية .

سياسة الكيل بمكيالين كانت واضحة , وهي ما عانى منه العرب على مر عقود متتالية أجحفتهم حقوقهم التي استبيحت , ومن المقارنة بين الحالة اليمنية والحالة السورية , يتضح مدى التطبيق في هذه المكيالية , التي تسيدتها رائحة النفط , لإنتاج أدوات جديدة , قادرة على الاستمرار في تقديم الشعوب العربية قرابين في معابد التبعية والخيانة .

لقد سعت خليجيات الجزيرة منذ بدء الربيع العربي , على وأد الفعل التاريخي للشعوب , والمحافظة على الأدوات القديمة للمشهد العربي , ولكن , كان الطوفان الشعبي أقوى من جبال ملحهم , فبدأت باللجوء إلى احتواء التدفق الشعبي , وخلق أدوات متطابقة مع رغبتهم في قتل الروح العربية .

ونسأل أنفسنا هل استطاعت دول العهر والعمالة من خلال الجامعة العربية اغتيال الربيع العربي؟؟ وهل تجاوزت الجامعة العربية صيف الربيع العربي..؟؟!!!


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد