لا تسعَوا إلى الصلاة

mainThumb

10-12-2011 01:57 PM

(عن "أبي هريرة"؛ "عبدالرحمن بن صخر"، رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: "إذا أُقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون، وأتوها تمشون وعليكم السَّكِينة، فما أدركتم فصلّوا، وما فاتكم فأتموا". السعي: الإسراع في المشي.).
كثيراً ما نرى مَن يسرع الخطى في مشيه إلى الصلاة، بغية إدراكها كاملة أو جزء منها، بل ارتقى ذلك إلى الهرولة فالركض، حتى بات أقرب إلى الظاهرة، وهو ما ينافي التوجيهات النبوية، الواردة في حديثه عليه الصلاة والسلام في أعلاه.
ولهذا السلوك مضار وسلبيات يتأثر بها ليس المصلي الساعي نفسه فحسب، وإنما ـ أيضاً ـ المصلون الآخرون، وحتى الإمام، والمشاة، وسائقو السيارات؛ فمشيه مسرعاً أو هرولته أو ركضه، قد يعرضه للتعثر بشيء ما، كالحجر؛ فيسقط على الأرض، أو تسقط أشياؤه، كحافظة النقود والوثائق الشخصية، أو قد يصطدم بغيره من الناس، أو بعمود، أو شجرة، أو حائط، أو تصدمه سيارة، أو حتى قد ترتخي ملابسه، إلى جانب ما يحدثه من تشويش على المصلين والإمام، من لحظة دخوله حرم المسجد، نتيجة أصوات نَفَسه ولهاثه وما تخبئ جيوبه من نقود معدنية ومفاتيح. وفي كلّ الأحوال والحالات، يفقده ذلك توازنه في المشي، ثمّ توازنه في الصلاة؛ فتختل طمأنينته، التي هي ركن من أركانها، كما يفقده السَّكِينة والوقار.
ويشتد الضرر المتولد من ذلك، في حال كان الطريق الذي يسلكه المصلي، محفّراً، أو ضيقاً، أو مزدحماً بالمشاة والسيارات، أو مبللاً بالماء والزيوت، أو غارقاً بمياه الأمطار، أو مياه "المواسير المكسورة" ـ وما أكثرها ـ أو الثلج.
وهذا السلوك مثلما يصدر عن بعض غير المميزين، وكذلك بعض المميزين والأحداث، فإنه يصدر ـ أيضاً ـ عن بعض الراشدين وكبار السن.
وما ينطبق على الساعي إلى المسجد على رجليه، ينطبق بعض منه على الساعي بسيارته أو درّاجته؛ فهناك مَن لا يراعي قواعد المرور ولا الإرشادات والتوجيهات المتعلقة بالسلامة العامة؛ فيخالف الأنظمة والقوانين، بحجة إدراك صلاة الجماعة؛ فيزيد سرعة سيارته، أو يقطع الإشارة الحمراء، أو لا يعطي غيره من مشاة وسيارات الأولوية، أو يتجاوز الآخرين في أماكن غير مسموح فيها بذلك، أو يصفّها بما يعيق حركة السير، أو حركة دخول المصلين المسجدَ وخروجهم منه، أو يصفّها في المواقف الخاصة بسيارات المعوّقين، أو مواقف سيارات النساء، إن كان رجلاً، أو خلف سيارات العاملين في بيت الله ـ كالإمام والمؤذن ـ أو أمامها، أو في مواقف الجيران، أو أمام بوابات بيوتهم.
إنّ الذهاب إلى المسجد ينبغي أن يكون بالمشية التي اعتادها كلّ مصلٍّ، سواء بكّر في ذلك أو تأخر، والمتأمل إدراك صلاة الجماعة مع الإمام من ألفها إلى يائها، يحرص على الحضور لأجلها قبل إقامتها، بعدما يكون قد جهّز نفسه لها ـ من طهارة وتطيب ولباس ـ في وقت يسير.
وحيثما كان المشي إلى الصلاة، تكن السَّكِينة، وحيثما كان الإسراع فيه إليها (السعي)، يكن الاضطراب، فمهلاً مهلاً.     


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد