من يصلح ويكافح من .. ففاقد الشيء لا يعطيه

من يصلح ويكافح من  ..  ففاقد الشيء لا يعطيه

25-12-2011 03:13 PM


غاب عن الدولة الاردنية النظر شموليا للاصلاح ، ومكافحة الفساد بحيث ابتدأت من نقطة متقدمة ، وذلك بالتغاضي عن رموز للفساد ، وصبغهم بلون المصلحين في بلد يعرف منتميه ما تسعى الحكومة لاخفاءه بعد ان اصبح العالم قرية صغيرة ، وتوسعت ابواب الثقافة والاطلاع ، فما لا يظهر في تقارير الحكومة ، وعلى الفضائية الاردنية يستطيع المواطن الولوج اليه عبر النت ، والتويتر ، والفيس بوك ...الخ . 

لقد ارتأيت الكتابة بالاشارة ، ودون التعرض لاشخاص بعينهم ، أو مراكز بحد ذاتها حتى لا اتهم باغتيال الشخصية والافساد ، وبذا اتلمس مواطن الخلل ، ولن يجرؤ أحد على اظهار نفسه سيما وأن الفاسد والمفسد والمعتدين على المال العام ... الخ يعلمون في قرارة أنفسهم أنهم المقصودين بكتابتي ، ولا مانع عندي من ان يكنوا لي ما يستطيعون من الضغينة والحقد ، وهو أقصى ما يستطيعون كون الرزق على رب العباد . 

ما زال المواطن الاردني ينظر يمنة ليرى فاسدا ومفسدا على رأس عمله في السلطة ، لا بل ويمنح الحصانة مرارا وتكرارا على الرغم من ان اخراجه من موقعه سابقا كان نتيجة لانكشاف امره ، وتورطه غير المشوب بأدنى مواطن الشك بالفساد والافساد والسعي لتقويض دعائم الوطن فخروجه كان نتيجة لحراك أوصله الى منزله ، وأقصاه عن موقعه بعد ان استأجر أكثر من عقار عجز اصحابها عن بيعها أو تأجيرها بأبخس الاثمان ، بأسعار خيالية كبدت خزينة الدولة مبالغ طائلة هدر من خلالها المال العام ، ووجه سلطة الى الهاوية بوضع مقومات التعيين فيها ضمن رؤيته الضيقة بالغاء الاسس السابقة المعتمدة ، وتغول عليها ...الخ .

 وبالنظر يسرة يرى اناسا بالسلطة ب/1 سبق وان أكد رئيس وزراء ومديرا لجهاز امني بأن وصولهم الى الموقع كان بتزوير ، وبالالتفاف على الدستور والقانون ، وان جيوبهم وحساباتهم البنكية امتلأت بنقود كانت نتاج جهد وعرق الاردنيين والاردنيات ، وموافقاتهم الضمنية والعلنية على بيع مقدرات الوطن ، ودعمهم لحكومات ثبت فساد بعضها ارتقى الى أرقام متماثلة لم يسبق الوصول اليها بالتاريخ حتى في عهد الاحكام العرفية ، فمن أين لمن باع بيته وأراضيه لصرفها على الوصول الى موقع معين بيوتا وعقارات وسيارات ...الخ مع الاخذ بعين الاعتبار أن السماء لا تمطر ذهبا ، وكيف تملك فلان او علان اسهما في شركات تعود لمستثمرين الا نتاج حماية لها بمواجهة الحكومة وعامليها ، ولعدم تطبيق الانظمة والقوانين بمواجهتها خوفا مما سيصدر عن الفلان او العلان من رد فعل .

 ولقد أصبح لهذه السلطة أ كوتات في التعيين والترقية ، واصبح التجاوز من السلطة للمطالب سببا للمسائلة والاستجواب ناهيك عن استخدام طريقة تجربة الصح والخطأ في التشريع ، والتشريع لمصلحة ضيقة ( طبعا لم احدد مؤقت أم دائم ) ، والاعتداء على اعمال سلطة اخرى ...الخ .

 ويرى اناسا بالسلطة ب/2 سبق وأن تم اقصائهم عن مواقعهم لشبهة هنا وثبوت فساد هناك يتمتعون بحصانة تمنع ملاحقتهم ، وسؤالهم عما اقترفوه الا ضمن طقوس معينة ينظر من خلالها أحدهم الى ما سيحل به مستقبلا اذا ما وافق على ملاحقة زميله فيحزم أمره على الاتجاه بعكس بوصلة الاصلاح حماية لنفسه اولا . 

وبالنظر الى الامام يرى السلطة ج ، والتي طلب من أحد الزملاء رئاستها فرفض ، وعند سؤالي له عن سبب رفضه أجاب بذات الاجابة التي وجهها الى الطالب ( لقد انحدرت هذه السلطة في الخمس سنوات الماضية انحدارا يحتاج الى خمسين سنة من الاصلاح ، وترأسي لها في هذه المرحلة لن تظهر نتائجه ، وبالتالي سأكون من عناوين الفساد ، وعليه رفضت ) ، هذه السلطة المسكينة خاضعة للسلطة أ ، ويكفي أحد العاملين فيها أن يطبق نصا قانونيا ، او يتخذ اجراءا ، او يرفض طلبا، أو يحاول مكافحة فسادا او مفسدا ليركب جناحين يطير بهما الى أحد الاماكن البعيدة عن سكنه ، أو بيته ليقبع فيه استيداعا أو تقاعدا اذا حالفه الحظ ، فمجرد عدم الرد على الهاتف الموجود في موقع آخر قد يفضي الى ما لا يحمد عقباه .

 وبالنظر الى الخلف يرى جهة وليس سلطة تعمل وفقا لثقل المتنفذين في السلطات ، تحاول جاهدة ان تقوم بواجبها ، ولكن اذا جد الجد فانها تنجذب الى مراكز القوى وتتناسى ما أوكل اليها من مهام وتتراجع عن مواقفها السابقة مبررة ذلك بمصالح الوطن ، ناسية انها عونا للفساد بهذه الطريقة ، ومتحججة بأنها احالت أرقاما كبيرة من الفاسدين والمفسدين الصغار متمسكة بقاعدة ( ابن الحرام لا تدزه بقع لحاله ) بخصوص الحيتان ...الخ ، ويرى حلقة وصل امتهنت القرصنة بايصال ما تريد من ردود فعل بالشارع الى صانع القرار ، واخفاء معظمه ، فلا عتب عليهم بالنظر الى ماضيهم وقيودهم وطريقة وصولهم ، فلولا جهود الوالد لقبع احدهم في منزله يستجدي مصروف يومه منه . 

لقد اعجبتني حكمة الختيار الذي أصر على الطلب من أبناؤه ان يحضروا البيضة التي سرقت أولا على الرغم من ان الدجاجة والخروف والجمل سرقت لاحقا بقوله لو اعدتوا البيضة لما سرق الجمل . 

ان الاصلاح يقتضي ان يقوم به الراغب فيه والمؤهل له مع استبعاد قوى الشد العكسي ، والتي تسعى الى الاختباء خلفه سيما وان أيا منهم سيكون مؤهلا ليقبع في أحد مراكز الاصلاح والتأهيل المعتمدة أملا في اصلاحه واعادته الى المجتمع شخصا مؤهلا كمواطن عادي . 

ولا حجة لأحد بالقول ان حل السلطة الفلانية سيكون نهاية للسلطة العلانية ، فعلى الشرفاء التضحية سيما وأن الواجب الوطني يحتم اجتثاث الشجرة الخبيثة من جذورها ، والا عادت لتنو بقوة من جديد ، وسيعصى اجتثاثها مستقبلا ، فشرط الاصلاح ومحاربة الفساد الاول أن يكون بأيدي المصلحين ، والا بقينا في مستنقع الفساد آخذا بقاعدة فاقد الشيء لا يعطيه .

 واخيرا لم تعجز الاردنيات ان يلدن قيادات فذة شريفة تحب وطنها وتحافظ على مكتسباته ومقدراته ، ترضى برزقها ، ولا تسعى لتعبئة جيوبها ، ولنا في ذلك عبرة فيمن لاقوا وجه ربهم الكريم مدينين لا يملكون الملاليم لأن عملهم كان خدمة للوطن والمواطن لا متاجرة فيهما ، فالثراء ليس من مقومات القيادة ، فالكريم انفق على كرمه ولم يورّث أولاده ، ومن يفهم نبض الشارع ويتفاعل معه يسكن قرب القبور لا في القصور ، وضحايا الفساد الغابر أقدر على رد الحقوق لاصحابها نتيجة لتجربتهم المريرة ، فارحمونا من ماض مؤلم ومستقبل مظلم يرحمكم الله ، والله من وراء القصد .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد