رواية ديزل – علي هصيص

mainThumb

02-01-2012 09:59 PM

قد يظن القارئ حين يقع على عنوان الرواية انه أمام رواية ساخرة أو انه سيقرأ نصا عن شخصيات كرتونية مثل شخصية توم سوير لكنه يجد نفسه واقفا أمام كوميديا سوداء أو تراجيديا موجودة في كل مدينة أو قرية أو حارة. وسوف يجد أن الشخصيات الموجودة في الرواية موجودة أمامه في المجتمع مع اختلاف الأسماء. الأجواء مشابهة لما تصوره أفلام المخرجين السود في هوليود عن البؤس والشقاء والجريمة والتفكك الأسري. أو هي شبيهة بالمجتمع الذي عاشت فيه( تس) في بداية رواية توماس هاردي.

شخصيات علي هصيص في معظمها هي شخصيات هامشية تقع في أسفل السلم الاجتماعي وهي تقع خارج التصنيف الطبقي من حيث الوضع الاجتماعي أو السلوكي. هم ببساطة عصابة صغيرة تافهة تواجه الحياة بعد سجن زعيمها المسمى ديزل. والديزل هو الحاضر الغائب في الأحداث . إذ رغم وجوده في السجن ومعظم أحداث الرواية تحدث بغيابه إلا أن القارئ يجد شبحه هائما مسيطرا على كل الأحداث.

 كل هذا لا ينفي وجود شخصيات من الطبقة الوسطى في الرواية. هذه الطبقة المتأرجحة بين محاولة صعود السلم كما يحصل مع جمال أو بين محاولاتها لعدم الانجرار إلى القاع كما يحصل مع ناهد وأمها التي انجرت إلى بيع الشرف في سبيل صعودها. وأظنها محاولة من هصيص لإدانة هذه الطبقة فجمال انتهى به الأمر بعد نجاحه إلى الهجرة وناهد انتهت إلى الدعارة.

شخصيات الرواية (الحارة) ليست مسطحة بشكل كامل لان القارئ سيجدها تعبر عن أفكارها بطرقها الخاصة. فهم شاركوا في مظاهرات من اجل فلسطين ويشعرون بحنين خاص إلى تلك المظاهرات والديزل يعبر عن نفسه بالغناء ويتذوق الفن الجميل والمشهد الأخير للديزل وحواره مع أمه الموجودة في القبر هو أكثر المشاهد سوداوية في الرواية وأكثرها جمالا وهو يدل على نفسية مركبة ربما اكتسبها الديزل لوجوده في السجن.

علي هصيص لم يعتمد نظام الفصول لتقسيم الرواية بل اعتمد نظام الشخصيات لعنونة كل فصل وهذه تحسب له لأنه بهذا الأسلوب سيبعد القارئ عن الشعور بالملل  ويبقيه مشدودا إلى نهاية الكتاب. فكل فصل هو بمثابة سيرة ذاتية لكل شخصية بكل مكوناتها. وهذا ما يعطي القارئ شعورا بالقفز عند تنقله من شخصية إلى شخصية.

الكاتب استعمل اللغة العامية في حوارات في حوارات الشخصيات بل حاول جاهدا أن ينقل اللغة الحقيقية لشخصياته وهذا ما يدفعنا لان نتفاعل أكثر معها ويعطينا شعورا أننا نعيش أجواء الرواية  أو أن هذه الشخصيات موجودة أمامنا وهذا الإصرار من علي على نقل اللغة بواقعيتها دفعه في بعض الأحيان إلى استعمال حرف g اللاتيني مكان حرف القاف في حواراته وهي حركة لا داعي لها ولا ادري ما هو دافع الكاتب إلى استخدامها.

الكاتب في بداية الرواية يطرح تساؤلات عن الذي يتحمل انهيار المجتمع ويدعو القراء إلى التفاعل معه عبر بريد الكتروني وضعه في مقدمة الرواية للإدلاء برأيهم ولكنه عن قصد أو بدون قصد يحمل النظام التربوي مسئولية هذا الانهيار. الرواية تستحق القراءة وأظن أننا في الأردن أمام كاتب حجز لنفسه مقعدا بين الكبار عبر رواية ديزل


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد