إحـنا غـيـر!!

mainThumb

04-01-2012 10:04 PM


من حق كل أمة من الأمم أن تزهو بما تملكه من مقومات تحفظ لها استقلاليتها السياسية وكرامتها الوطنية من جانب ,والاعتزاز بتراثها وتقاليدها المتراكمة التي لا تصطدم بحقائق التقدم وحتميته ومنطلقات التطوروضروراته الذي تتسابق في مضماره إنجازات الدول في عصر العولمة المترافق بالمعلوماتية والمتسلح بالمعرفة التي تصنع الأمم منها مناهج تقدمها المتزامن مع عصرها . 

أما القيم الإنسانية التي تماهت مع حضارات الإنسان المتعددة والمختلفة , لا تشكل مصطلحاتها وقيمها مصدرا ً للتباهي والزهو,فهي كما كانت منذ أزل وجودها تمثل فصلا ًمن فصول موسوعات كل الحضارات التي شهدت وجودا ً عليه شهادة تاريخية لا جدال في وقائعها , فقيم العدالة والحرية والمساواة والكفاية والأمن الفردي والجماعي ليست حكرا ًعلى منظومة قيم مرتبة بلغة أو ثقافة أو حضارة أمة بعينها , وإنما مجال التباهي بها يكمن في درجة تبني قيمها والتماهي مع منطلقاتها المفاهيمية ومعادلات تطبيقها على أرض الواقع. وإذا كانت للأمم لغات مختلفة, وتقاليد متنوعة , وتراث مرتبط بتاريخها يمكن لنا أن نتقول بخصوصية معالم حضارية معينة ومحددة فقط لتلك الأمة , سواء أكانت أمة موحدة كما في الصين واليابان وأندونيسيا وتركيا ,أو ممزقة بإرادتها المقصودة سياسيا ً, برغبة منها أم برهبة من مجرد التفكير في التوحد, كما العرب وكوريا. 

يجوز لنا ونحن نتقول بمثل تلك الخصوصيات أن نستعين على بناء جمل تتحدث عن إننا لسنا كما هم ,وإحنا غير!!عندما نقارن أوضاعنا بأوضاع محددة بتلك الأمم. أما حديث الأردني إن له خصوصية على السوري أو اليمني أو السعودي فهو منطق يقع في خطأ التمييز بين الخصوصية وبين التعددية والتنوع التي تنشأ في اللهجة ( وليس اللغة ) أو بعض التقاليد الثانوية نتيجة تعدد المكونات الإجتماعية العرقي والديني والإثني , فكيف بنا عندما نقدم تحليلنا السياسي وندخل في تبرير حالنا "بالخصوصية "التي ندعي بها "إحنا غير" !! لا تجعل من الحدث في سوريا مثلا ًغير قابل للتكرار بالمطابقة في الأردن أو السعودية ؟؟!. 

كل البشر يأكلون الخبز ويشربون الماء, ويسعون في جمع الثروة ويطمحون للسلطة .... , وكل بشري في الفيزيولوجيا له نفس المكونات العضوية وسلوك بالأمزجة المختلفة طبيعيا ً وليس تفوق جينات أو عصب إحساس أو قدرة عقلية . 

الخصوصية بين الحضارات تتلاشى شيئا ً فشئيا ً, والتعددية في الأمة مكون طبيعي , أما القيم الإنسانية والمؤثرات الثقافية والانفعالات الثورية فإنها أقرب إلى بعضها وإلى فكرالفرد أينما كان وتبنيه لها في أي زمان, من قرابة الأخ لأخيه. فليس من الحكمة على سبيل المثال, أن نتصدى بقسوة العبارات والتهديدات المبطنة للحراك الإسلامي في الأردن, ونحييه وننشد له بالأناشيد الحماسية المنفعلة والصياغات المقدسة في سوريا.ولا نستهين بفهم الناس وعقولهم بأن نصرة الحكومة البحرينية ليس بدافع طائفي, وتجييشنا ضد الحكم في سوريا بأنه وطني ( وليس بدوافع طائفية).وأن نقارن نجاح الثورة في تونس التي تصدت مكونات مجتمعها الشبابية للطغيان , ومن ثم في مصر ,بنجاح اليبيين في قتل القذافي بالاستعانة (وهذا تعبير مخفف لإدارة الناتو- أميركا للحرب) بالقوات الأجنبية في الحرب على النظام . 

وقد تمنينا نحن المواطنين العرب من الأغلبية الصامته أن لا تتكرر تجربة العراق التي تألم لها تاريخ الأمة وسيظل يعاني من هذا الألم فترة طويلة , حيث سيظل تاريخا ً خجلا ً مما اقترفت أيدينا ولم تتعظ التيارات المسيسة مما حدث فتكررت الفعلة في ليبيا,والبعض اليوم يتمنى ذلك في سوريا !,( ظنا ً منهم أن لا أحدا ًأفضل من أحد ), فلا يسيل قلم المحللين, وكتاب المقالات إذن بالصراخ و بالادعاء " إحنا غير " إذا وجدت دول عربية نفسها تعاني من مأزق سياسي, أو ثوري !!, فتدخلت قوى الاستعمار ذاته مباشرة أو بطريقة غير مباشرة ودعم غير محدود , يقتتل فيه المواطنون ويجني " الداعمون الثمار", فلا يعود ينفع إعلام "هتلر"المرافق لقوى الأجانب وأنصارهم ولا إعلام الحلفاء وأعوانهم ولا إعلام الماركسيين والليبراليين ومؤيديهم.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد