جزاء المفسدين في الأرض

جزاء المفسدين في الأرض

06-01-2012 03:05 PM


نسمع كثيراً هذه الأيام عن الفاسدين والمفسدين ومحاربة الفساد ونحن إذا تصفحنا كتابنا الكريم دستور الأمة ومنهج حياتها لوجدنا جميع الحلول لكل التساؤلات التي تدور حول الفساد بكل أصنافه وأشكاله وقد ذكر الله تعالى في كتابه العزيز وصفاً دقيقاً للمفسدين في الأرض وجزاؤهم في الدنيا قبل الآخرة ومن ذلك قوله تعالى: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) المائدة:33 . 

وفي الحديث النبوي الشريف من رواية أنس بن مالك رضي الله عنه قوله : أن رهطاً من عكل وعرينة أتو رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله إنا كنا أهل ضرع ولم نكن أهل ريف فاستوخمنا المدينة فأمر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذود أن يخرجوا فيها فليشربوا من ألبانها وأبوالها ، فقتلوا راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستاقوا الذود فبعث رسول الله عليه السلام في آثارهم فأتى بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وثمل – أي فقأ – أعينهم فتركوا في الحرة حتى ماتوا على حالهم. لقد نبهنا الله تعالى على خطورة الإفساد في الأرض بقوله سبحانه: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) الروم:41 وللفساد أسبابه وصوره وأهله وللمفسدين جزاء ولهم من يقاومهم. 

وأما أسباب الفساد: فقد أشار إليها القرآن في قوله نعالي (كلا إن الإنسان ليطغي أن رآه استغني). وأما صوره، فتتجلي في:

 أ- محاربة شريعة الله، أو الاستهزاء منها، والعمل علي تغييرها.

 ب- إهمال شريعة الله، وعدم العمل بها، والادعاء بعدم صلاحيتها لهذا الزمان.

 ج- ظلم الناس وإذلالهم، والتحكم في أرزاقهم، وكتم أنفاسهم، وحبس حرياتهم.

 د- التخلي عن نصرة الضعفاء والمظلومين من أبناء هذه الأمة، الذين يعانون من احتلال العدو لأرضهم، وانتهاك أعراضهم......الخ 

و- تشويه صورة الصالحين المصلحين، حتى لا يلتف الناس حولهم، وينصلح بهم ما أفسدوه. 

ح-إشاعة الفاحشة في مجتمع المسلمين، وبث روح الهزيمة في نفوس شباب هذه الأمة، التي هي ( خير أمة أخرجت للناس) آل عمران:110 

لذلك يعتبر الفساد آفة من آفات المجتمع؛ لأنه يعمل على تدمير الوطن وإذلال المواطن, وخلق الكثير من المشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والأمنية، ولا يمكن لأي مجتمع أن يتقدم ويرتقي طالما انتشر الفساد فيه!!!!.. 

أما الفاسدون فهم أشد خطراً على المجتمع.. لما يقوموا به من نشر للفساد مستغلين مناصبهم ونفوذهم, أو الثغرات الموجودة سواء بالقانون أو اللوائح, أو من خلال سيطرتهم على المناقصات الحكومية من خلال شبكات من الفاسدين تعمل معهم ولصالحهم ويتعدد أوجه الفساد وأساليبه المتنوعة, وتساهم جميعها مع الفاسدين في صناعة الفساد (مثل): حجب المعلومات وانعدام الشفافية, ,والتدخلات الرسمية, وتغليب المصالح الشخصية والتنظيمية ,والاستثناءات الممنوحة في القوانين والأنظمة والواسطة والمحسوبية, وتراجع الأخلاق و القيم والمبادئ, (وعدم التمسك بالشريعة السماوية). إن سوء الأحوال الاقتصادية, وازدياد أعباء الحياة, وارتفاع نسبة البطالة لدى غالبية الشعب, وازدياد عدد الفقراء, يوفر المناخ الصالح للفاسدين وللفساد الأخلاقي والاجتماعي والسلوكي, وهكذا تكون التربة صالحة لصناعة الفساد, حيث يبدأ الفاسدون بنشر سمومهم وتجنيد الناس لذلك فالمشاكل الاجتماعية والأخلاقية وغيرهما, أساسهما بيئة اقتصادية سيئة تدفع الناس إلى الفساد, وتجعل هدفهم الوحيد هو الكفاح والصراع من أجل البقاء وبأي ثمن. 

وفي الحديث النبوي الشريف " مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة ، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفله. فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقها، فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا!!!.

 فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا، ونجوا جميعاً. ولهذا تجب مقاومة الفساد والمفسدين بكل وسيلة عاقلة حكيمة ممكنه.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد