المصالح الحيوية والمصالح الآنية

mainThumb

28-01-2012 08:14 PM

المصالح الحيوية والمصالح الآنية د. سميرعميش بين حيوية المصالح الدولية وبين مجرد المصالح العابرة يقع خلط المحللين والكتاب والمفكرين حين يضطرون إلى مناقشة مواقف الدول إزاء قضية ما .

 الكيان الصهيوني , ومصادر نفط الدول الخليجية العربية , , تشكل إضافة بالطبع ,إلى الاعتداء المباشر على الكيان الجغرافي , مصلحة حيوية للولايات المتحدة الأميركية , ومعنى ذلك أن عليها أن تدافع عن هذه المصالح بكل ما تملك من وسائل ومنها دخول حرب مع الطرف الذي يهدد أيا ً من هذه المصالح ,فكيف إذا تجرأ على تهديد أكثر من مصلحة منها . وهو الأمر ذاته معنية به الدولة الروسية وأي دولة أخرى تملك موازين قوى مسخرة في خططها المركزية للدفاع عن هذه المصالح .

 تنفرد أميركا في تبني هدف الحفاظ على قوتها العسكرية التي تمكنها من البقاء الدولة الأقوى عسكريا ً, ومطمح التفرد في سوق النظام العالمي الجديد إلى حيث تشاء إرادتها السياسية دون منازع أو منافسة أي قوة أومجموعة قوى عالمية أخرى. 

ولكن التحدي الذي تجابهه القوة العسكرية الأميركية من القوى العسكرية للدول الأخرى, ليس في تكافؤ قدرة تلك الدول العسكرية التدميرية مع مثيلتها الأميركية, وإنما في إسقاط هذه القوة في درك القدرة التدميرية التي لا تحقق الانتصارالسياسي وإفشالها من مجرد إمكانية تحقيق أهدافها , وتجريدها من جبروتها الخائب وإصابتها بخيبة الأمل التي تعيد التاريخ إلى مساره العادل في أن القوة في أعلى مستوياتها تمكن مالكها من الهيمنة , ولكن هذه الهيمنة باهظة التكاليف من جانب ,ومحفزة على إثارة الغضب من جانب الآخرين الذين سيسعون إلى مواجهة هذه الهيمنة والتصدي لها بتكتيكات تحرج القوة الكبرى في تعاملها مع هذه التبدلات الدائمة والمستمرة ,مما يديم نهج السياسة الأميركية أسيرة اللجوء إلى التبجح بسلطة القوة , وتوتر الرغبة في الحفاظ على إدامة الهيمنة , وهذه بدورها تحتاج إلى عسكرة الفكرودوام القلق من أي تطور يحدث على تغيرالقوى في أي دولة أخرى , ولكنها أي هذه الهيمنة لم يثبت إنها قادرة على الوصول إلى هدفها أو التمكن من تحقيقه . 

فقد دمرت القوى الأميركية مع حلفائها المختبئين خلف دروعها افغانستان , والعراق , ولكنها تجاهلت كل أهدافها المعلنة وطوت صفحتها أمام ما واجهته من مقاومة ومعاندة حيدت قوتها العسكرية وأظهرت عقم تزامن هذه القوة مع قدرة سياسية تفاوضية تحفظ ماء الوجه , وتحترم هيبة القوة العسكرية الضخمة.

 الكيان الصهيوني ,كمثال آخر المعتد بقوته العسكرية الطاغية لم يستطع أن يعيش طوال فترة احتلاله لفلسطين إلا كمجتمع متأهب داءم القلق على مستقبله , يعسكر السياسة ويجيش الاقتصاد , ويثير مخاوف المحتلين ويهيج العواطف العالمية , على الرغم من مساندة كل القوى الإمبريالية لهذا الكيان .

 تنجح القوة العسكرية في الهيمنة والسيطرة التي لخص مبادئها هنري كيسينجر ( صديق المرحوم السادات ) بأن السيطرة على منابع النفط تسيطر على الدولة ( الدولة النفطية ) وأن السيطرة على مصادر الغذاء ,تسيطرعلى الشعوب!!. تنامي قوة العراق , دمرها الأميركيون بحجج ديمقراطية وإنسانية, ارتكبوا خلالها مذابح مرعبة في السجون وعلى الأرض, بجرائم يندى لها جبين الإنسانية فقد اعتمدت على خطة عمل ممنهجة حاقدة لوزير الدفاع الأميركي حينها , وخرجوا من العراق بخيبة كل قيمة ادعوها لأن مخلفات القوة لا قيمة إنسانية لها فهذه القيم مقتصرة على قوة العلم والمعرفة . وها هم اليوم يواجهون تنامي قدرات إيران العسكرية بتخبط وارتباك , ومحاولات إضعاف أصدقائها في سوريا وفي لبنان دون حرمة لحياة مواطن أو او مراعاة لتمويل عمليات القتل التي تمارسها مجموعات سوف يلتقيها الجنود الأميركيون في معارك أخرى كما فعلت القاعدة , وهو الدرس الذي لم يستوعبه طغيان القوة الأميركية وغطرستها بعد .

 روسيا والصين والهند وغيرها , دول استعادت مواقعها في السياسة العالمية بتأثير مباشر (وإن لم يكن علنيا ً كما تفعل كل من الهند والصين ) على مواقف الأميركيين تجاه القضايا الدولية , وأجبرتها على تغيير استراتيجياتها العدوانية تجاه شعوب العالم الأخرى,لتنقل ثقل قواتها إلى الجوانب الآسيوية وشواطئها بعد أن أخذت الصين تتمدد قواها البحرية والصاروخية عبر البحار التي تقود قواتها ( وكذلك الهند ) إلى حيث يرغبون القتال , ولا تستبعد الحدود الجغرافية الأميركية .

 في الشأن السوري يقف الاتحاد الروسي موقفا ً ذا طابع استراتيجي يمثل لها مصلحة حيوية في الحد من التمادي الأميركي – الأوروبي في التدخل المباشر في إرادة الشعوب الأخرى بشراء بعض قواها وإسنادها بالقوة التي يتوهمون أنها تضمن لهم الصداقة معها .

وكان من السذاجة محاولات بعض الدول والقوى المعادية لسوريا وإيران وحزب الله , أن تتحدث مع الروس بالمصالح الاقتصادية أو المواقف الآنية من قضايا سياسية وتكتيكية تهم السياسة الروسية وتتعلق بأمنها الداخلي,حيث تجلى عقم الفهم للتمييز بين المصالح الاستراتيجية الحيوية وبين المصالح الآنية والتكتيكية,في حين يبدو إن المصلحة الحقيقية والحيوية للروس يقع في علاقتها الحالية مع هذه الدول بما تمثله من قوى وطنية في مواجهة سياسات الهيمنة الإمبريالي


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد