قراءة الحدث 14 شباط .. رسالة سياسية

mainThumb

16-02-2012 10:01 AM

إضراب المعلمين يستمر , والتماسك يزداد , والرؤى تتأطر بأبعاد تتجاوز القيمة المادية (علاوة التعليم) , وذلك بأن المعلمين قرأوا تعنت الحكومة بعدم قبولها بأي نتيجة من نتائج الحوار , أو المبادرات التي قُدمت لحل الأزمة هي معركة سياسية , فالحكومة تقوم بخطوة استباقية من رغبتها في اغتيال نقابة المعلمين , وتحويلها إلى صفة صورية لا تملك من المعلمين قوتهم الفكرية والعددية , ومنعاً لهذا الجسم الاجتماعي من أخذ المساحة التي يستحق على مساحة الوطن الاجتماعية والسياسية في المرحلة القادمة .

 ردّ المعلمون على قراءتهم لنوايا الحكومة , بالاعتصام الحاشد والتاريخي على الدوار الرابع(دوار المعلمين) في قلب العاصمة عمان , والذي قدرته وكالة الأنباء الألمانية بـ 26 ألف , فكانت الرسالة واضحة لمن أراد أن يقرأ أو يفهم , فقد ضمّ الحشد كل الأطياف الاجتماعية والسياسية في الأردن , فكان المشهد يعطي صورة مثالية عن الشعب بكافة أطيافه ومنابته , الرسالة واضحة إلى الدولة الأردنية بأن اللحظة التاريخية قد صنعها المعلم ويعيد وضعها في مقدمة الحدث , لتفصل بين مرحلتين , الأولى رفض ما قبل الربيع العربي من تهميش وفساد وغياب للعدالة والحرية , والثانية استحقاق ما يجب في ظل الربيع العربي , بتغيير النهج الذي كان يمارس على الشعب .

 الإصرار من المعلمين على الاستمرار في إضرابهم لم يعد لأجل مطالبة مالية , فالأمر أخذ منحى أكبر, مرتبط بالكرامة والهيبة والمكانة , ومقرون بالحرية والعدالة والمشاركة , نظراً للتجييش الحكومي من خلال بعض وسائل الإعلام أو الأقلام المأجورة للمجتمع المحلي , للنيل من المعلم ودوره الوطني الذي يحاول جاهداً استعادته , فاستطاع المعلمون من اجتياز كل العقبات واستطاعوا امتصاص كل الضربات التي وجهت إلى تماسكهم وتوحدهم حول الفكرة , وبالمقابل تتمسك الحكومة بحمقها عن قراءة المشهد بواقعه الحقيقي , وتصرُّ على فهم الأمور كما يُزين لها ممن يتآمر على المعلمين ونقابتهم القادمة .

 الحكومة واهمة إذ تعتقد بأنها تمتلك القدرة على الاستمرار في تهميش المعلمين وتحييدهم عن دورهم الحقيقي في المشاركة في صنع المستقبل للوطن والإنسان . المعلمون قدموا رسالة واضحة وجلية , بأنهم الفئة القادرة على أن تكون جامعة لكل الأطياف في منظومة الشعب القادرة على القيادة , وقدرتهم في السيطرة على الفكرة التي يمتلكون , وما ذهب إليه البعض من التخوف من الصعود على إضراب المعلمين أو استغلاله , هو أيضاً واهم كما هي الحكومة , وما هذا الطرح في التخوف إلا للنيل من حراك المعلمين وتماسكهم لإعطاء الحكومة المبرر في عدم تنفيذ مطالب المعلمين وتهميشهم , فهم يدسون السم في الدسم ولا يختلفون من حيث المبدأ عن الأقلام المأجورة . 

فهل تريد الحكومة أن تـُبقي ذهنية المعلمين الجمعية مرتبطة بالقيمة المادية وإبعاده عن المنظومة التعليمية ومكوناتها..؟! وهل تسعى الحكومة إلى تحييد المعلم عن صنع المرحلة القادمة من المشاركة في رسم الإصلاح الحقيقي تحت عنوان الحرية والعدالة..؟! وهل تسعى الحكومة إلى إسقاط المعلم كقيمة اجتماعية وفصله عن مجتمعه الذي يُساعد في بنائه..؟! وأخيراً , كيف يقرأ دولة الخصاونة مستقبل حكومته عندما تُحاصر برياح الإعتصامات..؟!


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد