الربيع الملكي والربيع الجمهوري

mainThumb

03-03-2012 05:22 PM

الربيع العربي خضع للتحليل والتنبؤ والتفسير شأنه في ذلك شأن اي ظاهرة سياسية ،والمعلوم ان شرائح واسعة جداً من الشعوب العربية قبِلت هذا الربيع دون تحفظ ، وبعضها قبلهُ مع بعض التحفظ نتيجة للأعداد الكبيرة التي سقطت من الشهداء . والبعض الآخر قبِل مراحل من هذا الربيع (ثورة تونس ، ومصر) ورفض مراحل اخرى انطلاقاً من قناعات مفادها ان الذي يحدث الآن ليس عربياً خالصاً ، ولكن هناك أيادي خفية تلعب وتعبث بمستقبل هذه الامة . وانا هنا لن اعالج ما اذا كان هذا الربيع عربياً ام ان أجره مدفوع مسبقاً، ولكن الذي لفت انتباهي هو ان ربيع الأنظمة الملكية اختلف عن ربيع الأنظمة الجمهورية ، وهذا صحيح في المطلق، ولكن لماذا هذا الاختلاف .

إن الرئيس او النظام السياسي في الانظمة الجمهورية التي تعرضت لثورات وبعد ان بقي لفترة طويلة في الحكم _ اقلها ثلاث وعشرون عاماً، واكثرها اثنان واربعون عاماً لم يقبل فكرة تداول السلطة بشكل سلمي او التخلي عنها طواعية حقنا لدماء المواطنين ، بل قاوم رغبة الجماهير في التغيير ورفض العودة الى الدستور الذي تم الاعتداء عليه بشكل صارخ ، وعندما عاد هؤلاء الحكام الى الدستور بعد فترة طويلة من البعد عنه ، تفاجئوا انهم ليسوا اكثر من موظفين يمارسوا السلطة لحساب المواطنين وليس لحسابهم ، وايقنوا ان النهاية باتت قريبة بل ستكون سيئة ان هم تخلوا طواعية عن السلطة ، بعضهم رفض وقاتل وقُتِل ، والبعض الآخر حاول التمسك بالسلطة الا انه ونتيجة لتعاظم الضغط الشعبي جنحوا الى القبول بترك السلطة انطلاقا من ان الاخر مرغما لا بطل ، كما حدث في تونس ومصر واليمن وما سيكون بسوريا بإذن الله.

اذن هذا الربيع كانت شمسه حارقة واشواكه قاسية قتلت البعض وأدمت البعض الآخر .والحقيقة ان السبب في عمليات القتل التي صاحبت مظاهرات واحتجاجات المواطنين لم يأتِ من فراغ ، ولكنها جاءت بعد ان ادرك هذا الرئيس وذلك الزعيم الأوحد انه لايملك السلطة ولا الوطن وإنما دقت ساعة الحساب التي أعلن عنها القذافي والتي عندها يُكرم المرء او يُهان .
 
أما ربيع الأنظمة الملكية فلا تكاد تلحظه لولا الحراك الشعبي الذي ظهر في المغرب والاردن مضافاً اليهم مملكة البحرين التي لديها وضع مختلف تماماً يتمثل في ان ازمتها لها امتدادات خارجية وطائفية .

والنقطة التي اختلف فيها ربيع الانظمة الملكية عن ربيع الانظمة الجمهورية هي حرصها على حقن الدماء وعدم قمع المتظاهرين وارهابهم، لأن الانظمة الملكية ادركت ان الجماهير لاتريد تغيير انظمة الحكم بقدر ما تسعى إلى محاربة الفساد، والدخول إلى مرحلة جديدة تؤطر العمل السياسي وتؤسس لمرحلة جديدة. وهو الامر الذي يعني ان الحراك السياسي في الدول ذات الانظمة الملكية لم يستهدف رأس النظام أو النظام نفسه ، بل اتجهت المطالب وتأججت بحثاً عن اصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية وادارية لخصتها الشعوب وبالذات الشعب الاردني بمحاربة الفساد.

وهنا استطيع ان اقول ان الربيع العربي في الانظمة الجمهورية استهدف تغيير الانظمة السياسية لانها سلبت السلطة واعتدت على الدستور ، واخضعت الدستور لرغبات الحكام وحولوا السلطة التي يمارسوها من سلطة منظمة تخضع لأحكام الدستور الى سلطة مشخصة تخضع لأهواء ورغبات الحاكم ، وارتبطت الدولة بمواقفها وسياساتها بالحاكم وليس بالمؤسسات ، اما ربيع الانظمة الملكية فلقد استهدف الاصلاح ومحاربة الفساد واستعادة الولاية العامة للحكومة .

وهنا نلاحظ توافق النظامين الاردني والمغربي الذي وصل حد التطابق على ضرورة تعديل الدستور وتفعيل مواده وتطويره وعدم الاعتداء عليه وضرورة اشراك مؤسسات المجتمع المدني في الوصول الى صيغة توافقية تعزز الحريات السياسية .

لذلك اتسم ربيع الانظمة الملكية بالاهتمام بدماء المواطنين وهذا الأهم ، وشرع في إقامة الإصلاحات وتبناها ، وأعلن عن دعمه للحراكات الشبابية المطالبة بمحاربة الفساد ومحاربة رموزه .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد