انتصار أم امتحان تاريخي للإخوان المسلمين?

mainThumb

01-04-2012 10:19 AM

إذا كان فوز الإخوان المسلمين ومن تحالف معهم في انتخابات نقابة المعلمين, هو "بروفة " للانتخابات النيابية المقبلة, فإن انتصارهم هو أيضاً امتحان لبرنامج وأولويات الشكل الأوسع والأكثر تنظيماً للإسلام السياسي في الأردن والبلاد العربية. فقيادة الإخوان لنقابة المعلمين هي الاختبار الأهم لموقف التنظيم من التعددية والتنوع العقائدي والسياسي.

تاريخياً اهتم تنظيم الإخوان بالقطاع التعليمي, اضافة إلى المساجد والوعظ الديني, باعتبار أن الثقافة التعليمية والدينية هي مفاتيح التأثير الأهم في عملية تغيير القيم المجتمعية وردها إلى منظومة القيم الدينية والأخلاقية المٌحافظة التي تتناسب مع دعواتهم الدينية والدروس الفقهية.

بناء عليه كانت مشاركة الإخوان في الحكومات, بشكل مباشر أو من خلال أسماء مقربة من التنظيم , كانت تشمل وأحياناً تقتصر على وزارات التعليم والأوقاف لما لها من مردود إستراتيجي للتأثير في ثقافة الأجيال و جذبها إلى القاعدة الشعبية للتنظيم وأفكاره.

الملاحظ دائماً أن منظومة الإخوان المسلمين لا تعتمد فقط على زيادة عدد المنتظمين في صفوفها بل على حشد وتوسيع القاعدة الشعبية غير المنظمة, إذ أن فكرة "الرجوع إلى الدين" وشعار "الإسلام هو الحل " هي مفاهيم فضفاضة مكنت وتمكن الإسلاميين من بناء مخزون انتخابي أوسع من قاعدتها التنظيمية.

لكن الفوز بقيادة نقابة المعلمين يتحدى غموض الشعارات وينقلها إلى مرحلة التطبيق وبالتالي الامتحان الحقيقي لقدرة وإرادة تنظيم الإخوان بالمساهمة في بناء واحترام التعددية السياسية والثقافية للمجتمع الأردني.

بعيداً عن التحريض والتخويف أتوجه إلى الإخوان , محاورة لكن بكثير من التحدي, بسؤال جدي حول نواياهم وقدرتهم على النجاح في امتحان التعددية و احترام تنوع المجتمع الأردني.

لا أقصد التنوع الديني تحديداً بل التنوع السياسي والمعرفي والثقافي, خاصة أن قيم الإسلام كما أفهمها لا يمكن اختصارها بتحديد أو فرض لبس معين , بل بالتسامح واحترام معتقدات الآخرين من مسلمين ومسيحيين, من متدينين وعلمانيين, قد لا تعجبهم رؤى تنظيم الإخوان المسلمين السياسية والتعليمية والاجتماعية.

على الإخوان أخذ المخاوف المجتمعية بكل جدية, فقاعدتهم الانتخابية لا تعني أن بإمكانهم تجاهل مكونات المجتمع غير المنظمة, وهي الأكثرية إلا إذا كان القصد فرض رأي وموقف الأغلبية المنظمة وفي ذلك طريق إلى الاستبداد لا إلى بناء مجتمع الحريات والتعددية.

لا يعني ذلك إن إنكار حقيقة أن الاستبداد لا يأتي إلا من خلال التنظيمات الدينية -إسلامية ومسيحية فالتاريخ والحاضر يشهدان أن الظلم و الديكتاتورية تمت ممارستهما بوحشية أحياناً من نظم ادعت وتدعي العلمانية واليسارية والقومية والنهضوية والى ذلك من شعارات أكسبتها شرعية زائفة عرتها الممارسات القمعية.

مع ذلك على قيادة الإخوان سماع والإجابة على التساؤلات المشروعة في الشارع وبين الكثير من الفئات, لأن سيطرة الفكر الديني السياسي, يعني في ما يعنيه السيطرة على كل الجوانب الحياتية للمجمعات لأنه يحتوي في مضمونه شرعية مطلقة قد تقصي وتكفر من يتحداها أو حتى من ينقدها.

قد حان وقت التفكير والإجابة على مثل هذه التساؤلات إذ أن نقابة التعليم ليست كغيرها من النقابات, لأنه محك حقيقي لرؤية الإخوان لمن لا يلتقي معها في الرأي والمعتقدات وبالأخص لموقفها من دور المرأة وحقوقها.

قبل أسابيع كتبت مقالاً بعنوان " الموقف من الإخوان بين النقد والتحريض", رفضت فيه التحشيد والتجييش الإقصائي ضد التنظيم وأتباعه ومناصريه. يومها تعرضت وما أزال أتعرض للعتب و النقد وحتى بعض التجريح من أصدقاء ومعارف وقراء. كان مصدر اللوم هو أنه "لا يمكن التعامل مع أفكار إقصائية بسذاجة مثالية."

لم أغير رأيي اليوم فأنا أصر وبقوة إيماني والتزامي باحترام التعددية وحرية التعبير والرفض القاطع لفكرة الإقصاء, سواء كانت علمانية أو دينية المصدر, لكنني ٍأعارض وأقاوم أية فكرة متعبة أو عصبوية بغض النظر عن أصولها الايدولوجية أو الفكرية. لكن الكرة في ملعب الإخوان, وليس الفرد مثلي, ليس لأنهم متهمون بل لأن انتخابات نقابة العلمين وضعتهم في امتحان استراتيجي ومسؤولية تاريخية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد