المؤامرة الكونية على الثورة السورية

mainThumb

03-04-2012 12:03 AM

 عام ونيف مضى على إتخاذ بعض الشباب قرار التحرر متوسطين سوق الحميدية بقلب دمشق, تلتها فزعة أطفال درعا تحولت بعدها إلى إنتفاضة أغلب المحافظات ضد نظام الأسد والتي جوبهت بعنف عسكري لم يعتد عليه منذ ثمانيات القرن الماضي في لبنان, إلّا أن هذه الإنتفاضة التي قررت أن تثور على نظام مارس القبضة الأمنية الدموية والديكتاتورية المتوارثة على مدى أربع قرون كشفت أكبر عملية تزوير مواقف وكشف حقائق كثير من الدول التي أطلقت على نفسها صديقة للشعب السوري إضافة إلى دول وأحزاب صديقة للنظام السوري من خلال تقييم المواقف وطريقة التعامل مع الإنتفاضة السورية. الدول العربية عبّر عن وضعها أمين عام جامعة الدول العربية السيد نبيل العربي منذ أكثر من شهر عندما صرّح أن الدول العربية قدمت مابوسعها ولاتستطيع القيام بأكثر من ذلك. وطبعا هذا التصريح واقعاً لاننفيه لكنه غير واقعي إذ أن الدول العربية تستطيع القيام بأكثر مما قامت به من أجل الضغط على نظام الأسد لتنحيه لا لإصلاحه فقط. أبسطها التنفيذ الكامل للقرارات الصادرة عنهم أنفسهم من عقوبات إقتصادية ودعم الجيش السوري الحر من خلال آليات سريعة وفورية.

كذلك في زيادة الضغوط التي تعيق حركة النظام داخليا وخارجيا والتفاوض مع الدول التي لها مصالح في سوريا وطمأنتها. لكن الحقيقة كما يبدوا أنها ليست مخولة لإتخاذ إجراءات إضافية أو تطبيق قرارات صادرة كلياً من دون موافقة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الذين بدى واضحاً تراجع أدائهم البطولي في تمثيل أدوار النخوة والشهامة وتقمصهم شخصيات إنسانية حرة نبيلة لسبب دائما نكرره وهو ببساطة أن هذه الدول الأجنبية لم تجد -والحمدلله - ماهو مُغري في سوريا لتكمل الدور الليبي, كما أنها لا تجد مبرراً للتخلص من نظام الأسد حالياً في ظل قيام هذا النظام بدوره الحراسي الأمني على أكمل وجه على حدود فلسطين المحتلة لمصلحة الطفل المدلل العدو الصهيوني. الآن من الضروري معرفة ماتحيكه الدول الغربية في ظل المستجدات والتطورات على الساحة الإقليمية وخاصة الداخلية مع إستمرار نظام الأسد بتدمير معالم وشعب وأرض سوريا واتخاذ قمعه الطابع الطائفي في عملية لتنفيذ مايردده شبيحته إمّا الأسد أو نحرق البلد.

إن التباطؤ الغربي من إتخاذ موقف حازم ضد نظام الأسد وإعطاءه فرصة البقاء لمدة أطول بالإضافة إلى طلب الإحتلال الإسرائيلي من البيت الأبيض تخفيف الضغوط على نظام الأسد يهدف إلى أولاً: عدم وجود البديل المناسب الذي يقوم بدور الحارس على الحدود الفلسطينية المحتلة والصمت من قضية الجولان وإلتزام الهدوء في كل طلعة جوية أو غارة وهمية أو قصف موقع , والتخوف من البديل الإسلامي السني الذي يمثل أكثر من 70% من الشعب السوري وبذلك يكون الربيع العربي مساره لصالح التيار الإسلامي الذي يدعم مقاومة الإحتلال ويرفض التطبيع من القارة الإفريقية إلى الشرق الأوسط الآسيوي. ثانياً: إسقاط الأسد بعد تدمير الجمهورية العربية السورية وإضعافها وتهالكها عن طريق إعطاء نظام الأسد الفرص والمُهل حتى يقضي على خيرة رجال وشباب ونساء سوريا الشرفاء وبذلك تصبح سورية مرتعاً للجواسيس والمخابرات والمرتزقة من كل أقطاع البلاد.

ثالثا: تسهيل مهمة الإقدام على ضرب إيران وإضعاف قدرات حزب الله من خلال السماح للنظام السوري ببسط الخراب على البلد. ولقد كانت مهمة كوفي عنان الأخيرة شكلاً ليس بالجديد وبقالب مختلف من المُهل المُخطَط لها والتي بدورها ستعطي فرصة للنظام السوري للقضاء على الشعب الثائر وإبادة المحافظات المنتفضة وتهجير قصري للمدنيين لشهور أخرى بدأ تقسيمها أمس عند إعلان وليد المعلم وزير خارجية نظام الأسد بمهلة عشرة أيام لإعادة إنتشار الجيش الأسدي وليس لسحب الآليات العسكرية كما تحدث عنان وبالتأكيد ستمتد هذه الأيام لأيام وأيام مابين الآليات للتطبيق والكيف والكم والمتى .. الخ.

الوضع في سوريا لا يمكن أن يُطاق في ظل عمليات القتل الطائفية المُمنهجة والتأييد الطائفي من الأحزاب والدول للنظام السوري.. لايُطاق في ظل عجز عربي واستمتاع غربي في مشاهدة القتل والتدمير. المطلوب أولاً ليس توحيد المُعارضة, بل أن يخلع بعض المُعارضين في الأحزاب المعارضة عباءة الولاء الغربي وإستبداله بالثوب الوطني السوري وأن يكونوا على قدر المسوؤلية والتحدي في إنقاذ الشعب السوري وتسليح الجيش الحر, وهذا يكفي لقبول وإستساغة وجود أكثر من تيار وحزب معارض. كما أنه مطلوب من الدول العربية أن لاتقع مرة أخرى في نفس الفخ الغربي في العراق بسبب تواطؤها وتباطؤها وعليها أن تتنبه من عواقب إمهال النظام السوري بإطلاق عنانه في القتل والتدمير والتشريد, لذلك عليها بدعم الشعب السوري وجيشه فعليا لإسقاط المخطط الأسدي والغربي وعلى رأسه أمريكا, كما أنه من الضروري محاورة روسيا والصين وإيران حول مصالحها مع تقديم ضمانات إقتصادية لما بعد الأسد. لاشك أن الشعب السوري من خلال التقييم والتحليل لآداء الدول الصديقة واللا صديقة يتعرض هو لـ مؤامرة كونية يوميا ولكنه إلى حد الآن مازال صامداً يُربك الدول الأجنبية والدول المؤيدة للنظام بصموده ويُشعِر الدول العربية بالخجل من هذا التباطؤ والتلكك ويُفقد معنويات وقوة النظام السوري. 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد