إن الله لا يصلح عمل المفسدين

mainThumb

05-04-2012 01:23 PM

رسالة إلى رفيق حراك المعلمين والشارع.... "يمام طوالبه"

الربيع العربي الذي اجتاح شقيقاتنا , القادم من المعاناة والتهميش والإقصاء , القادم من الحرمان وغياب العدالة , القادم من تعزيز التبعية وبيع الأوطان , صورة لمشهد يتكرر لحالة حدثت في منتصف القرن الماضي عندما كانت الحركات التحررية للاستقلال التام عن الاستعمار والتبعية للدول الغربية والتي قادتها التوجهات القومية واليسارية , كان لا بد من إجراء يحدّ من انتشارها وقتل فعلها الثوري في مهده في حينها , وإعادة ضبط الشارع المتعاطف معها باستخدام الأسلوب الأمني البوليسي القمعي , بفرض الأحكام العرفية , ومن ثم فتح المجال لفئة تضبط إيقاع الشارع معتمدة على دغدغة العواطف الدينية بتعميق القتل لتيارات الفعل الثوري , بأسلوب انتهازي ممنهج , يعتمد على توظيف حشوده بإطلاق التهم الجزاف التي تبدأ بالعمالة والخيانة والتبعية , وتنتهي بالتكفير , بعيداً عن توفير رؤية بديلة شاملة لجميع نواحي الحياة , بل كان العكس , حيث زادت من التهميش والإقصاء , بعيداً عن فرض الأمر الواقع للجموع البشرية في المشاركة في صنع القرار , وتطوير الرؤى في بيئة تنافسية تعتمد على البرامج , غايتها المحافظة على الوطن ومكتسباته , وحفظ التاريخ الوطني النضالي , وتجذيره في إنتاج الإنسان , ومغمضين بصيرتهم عن النهج الذي صعد وتطور وقاد البلد على مراحل فأوصلنا إلى ما نحن عليه.

تكررت هذه التجربة أيضاً في أحداث هبة نيسان(89) عندما تم فرض ضابط إيقاع للشارع , ليحدّ من الفعل الثوري التاريخي , القادر على إحداث التغيير والتحول بالدولة إلى الحالة المدنية الديمقراطية العادلة , وتحقيق العدالة الاجتماعية بين مكونات الشعب الأردني والتي غُيبت ضمن سياسة تصاعدية أدت إلى التحول من دولة الرعاية إلى دولة الجباية , كانت ذروته في العقد الآخير.

الآن , وفي خضم تسارع الأحداث وطـَرق الربيع العربي لدول المنطقة ساعياً إلى إحداث التغيير الذي يحقق الطموح في عودة امتلاك الدولة من قبل الشعب كونه مصدر السلطة , سعياً لتحقيق العدالة والتنمية الحقيقية الغائبة لكافة المناطق وكافة فئات المجتمع.

تجري الآن , وفي وتيرة متسارعة وكخطوة استباقية لدخول الربيع العربي إلى غرف المواطنين , بإيجاد ضابط لإيقاع الشارع من خلال اختلاق قانون انتخاب يوصل هذه الفئة التي وجدت ليس لتكون صاحبة مشروع وطني وعربي يحقق للإنسان الحرية والعدالة والكرامة , والمشاركة في صنع القرار , بل لتقوم بدور وظيفي محدد تظهر في ذروة الحدث لتحرف بوصلة الفعل الثوري الذي يحمل مشروعاً وطنياً يرفض التبعية , ويتخذ من الوجود الإسرائيلي , حالة صراع ونضال وجودي لا حدودي , كخطوة من خطوات تحرير الأرض والإنسان.

لغة الخطابة تجاه المواطن الأردني هي نفسها , سواء من أصحاب القرار أو من ضابط إيقاع الشارع الذي يدعي امتلاكه له -ولكن بدأ يتكشف هذا السيناريو للكثير- حيث ذهب الإسلاميون في ممارسة دورهم الوظيفي لتكوين مجموعات قادرة على توجيه التهم الجزاف للآخر , بإتباع سياسة الإقصاء , ومستخدمين لغة الاتهام لمن يقابلهم بوجهة نظر مختلفة أساسها برنامج وطني شامل.

"إن الله لا يصلح عمل المفسدين".... هكذا هي لغة الرد من بعض الإسلاميين تجاه من يخالفهم في الرأي أو النهج الذي لا يلتقي مع مصالحهم ودورهم الوظيفي , فأصبح الاختلاف من وجهة نظرهم  مفسدة لا يصلحها حتى الله القادر على كل شيء , أن نصل إلى حدّ التكفير بمجرد التنافس من خلال المبدأ الديمقراطي الذي ينادي به الإسلاميون...!! , فالأصل في المنافسة أن تكون شريفة ونزيهة بعيدة عن الاتهامية والإقصاء للآخر , تعتمد في جوهرها على الطرح البرامجي.

إن الإنسان الذي يقوم بمثل هذه الأفعال لا يحمل في جعبته ما يقدمه لتحقيق رؤية واضحة غايتها أهداف قابلة للتنفيذ تعود بالفائدة على السواد الأعظم ونابعة من احتياجاتهم , قبل أن تـُكفّر الآخر فلتقدّم برنامجاً مقنعاً , بعيداً عن الحجم الوهمي , الذي وضعتك به الحكومة لتمارس دور ضابط الإيقاع للشارع أو أي حراك.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد