قال تعالى :- " أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ "
( فلنعاهد انفسنا بأن لا نستبدل لغة القرآن الكريم بما هو أدنى منها... )
قال تبارك وتعالى " وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ... ".
في الحقيقة إن حديثي ليس عن اليهود الغاصبين فأسأل الله أن يهيئ لهم من يقطع دابرهم من المجاهدين المخلصين ثم إنّ الحديث عن قسوة بني إسرائيل وجبنهم وخوفهم وخورهم يطول ويطول ولا يكفي له مقال واحد وهذا العنوان كما في الأية الكريمة موجها إلى بني إسرائيل ,
ويلاحظ المتأمل لهذه الأية الكريمة عاقبة إستبدالهم الأدنى بالذي هو خير فهي تقريع وتوبيخ لهم على ماسألوا من هذه الأطعمه مع ماهم فيه من العيش الرغيد والطعام الهنئ الطيب النافع فقد ضربت عليهم الذلة والمهانة إلى يوم القيامة ناهيك عن غضب الرب جل وعلا عليهم ، وأيضا نجد اليوم وللأسف الشديد أناس من بني جلدتنا ويتكلمون بلغتنا ،
أناس من أمة العقيدة أمة لا إله إلا الله أمة محمد صلى الله عليه وسلم ولكن مع هذا كله أَتَسْتَبْدِلُوا الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ
الاستبدال :وضع الشيء موضع الآخر. ان هذه الايه عجيبه جدا وخاصتاً اذا ما ذهبنا الى تفسيرها فأنا عندما نقرا تفسيرها نتسائل هل الاستبدال المنهي عنه في هذه الايه كان الطعام ام ان الطعام كان مثالا على اختيار اي شيء آخر غير الذي اختاره رب العزة لنا ولم يترك الخيار مفتوحا به فقد اختار الله جل جلاله انواع معينه من الطعام لبني اسرائيل ولكنه لم يحرم عليهم اي طعام آخر لكنهم لم يقنعوا بما اختار لهم الله تعالى وطلبوا انواع اخرى من الطعام وهنا قال رب العزة أهبطوا اي انكم ستهبطون بخياركم هذا من منزلة عاليه الى منزلة ادنى وذلك بسبب عدم الايمان بأن ما اختاره الله لهم هو الافضل بالرغم من وجود بدائل اخرى قد نراها افضل , قولهم لموسى عليه السلام "لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ" حجه واهيه لكن ليس الموضوع ها هنا الطعام بل الموضوع هو عدم الاعتقاد الجازم بافضليه ما اختاره الله لهم لذلك كان الرد سريعا "اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ "يمكنكم ان تفعلوا ما تريدوا وتأكلو أطعمة أخرى فلن تضرهم الاطعمه الاخرى لكن المشكله بالخيار على خيار الله لهم هنا تكمن المشكله لان طلبهم هذا دل على عدم ايمان وعدم تصديق ولذلك قال الله تعالى "ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ" فان من يختار شيء او يعتقد بشيء انه افضل مما اختاره الله له ستضرب عليه الذله وليس هذا فحسب بل أيضاً سينال غضب الله جل جلاله لان ما فعلوه كفر بالله وعدم تصديق واعتقاد وهنا ايضاً يذكرنا بانهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين وهذا دليل آخر على انهم كانوا مؤهلين لهذه المعصيه وهي اختيار غير خيار الله لهم وان معاصيهم السابقه كانة قريبه من هذه المعصيه كما ورد في آخر الايه "وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ".
الشاهد هنا وهو شيء خطير وخطير جدً غفلنا عنه او تغافلنا , نعم شيء عظيم حذرنا الله جل جلاله منه وغضب اشد الغضب على من فعله قبلنا ورأيت هنا ان أذكره لعلي اعصم نفسي من الوقوع به ان شاء الله , وهو ان الله اختار اللغه العربيه لينزل بها قرآن يختم به الرسالات السماويه وليحفظها بحفظ القرآن , فكما نعلم لا يوجد حاليا تقريبا اي لغة قديمه تستخدم بشكل فعلي ما عدى اللغه العربيه فجميع اللغات القديمه اندثرت وحلت محلها تدريجيا لغات اخرى قريبه او بعيده عنها الا اللغه العربيه التي بقيت على حالها وقد يقول لا عاقل ان العرب كانوا يستخدمون اللغة العربيه قبل الاسلام نقول نعم لكن رب العزة لم يختر اللغة العربيه للعرب فقط بل اختارها للناس جميعا فالعرب الان لا يشكلون من عدد سكان هذا الكون اكثر من 7% ولايشكلون من عدد المسلمين في العالم اكثر من 15% , والبرهان الاكبر ان الله فضل لنا اللغة العربية واختارها لنا كمسلمين هو انزال كتابه الكريم بها والوحي نزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بها بل واخبرنا انها لغة أهل الجنه ولا يتعبد بتلاوة القران الا بها حتى لو كنت اعجميأ فانت لا تنال ثواب التلاوة الا بها وحتى لو قرأت القرأن بأي لغة اخرى فانك في الواقع لا تقرا القران بل تقرا معاني كلمات القران التي قد تصل اليك كاعجمي بشكل سليم او غيره وهذا يعتمد على دقة الترجمة للمعاني والكلمات لذلك لا تطلق كلمة قرأن الا على القران الكريم الذي انزل على سيدنا محمد باللغة العربيه فقط,وهناك الكثير الكثير من الشواهد التي تدل بوضوح جلي لا يقبل الشك بأن الله جل جلاله اختار لنا اللغة العربية كمسلمين موحدين بل أختارها لغة للعالمين لان القرآن الكريم موجه للعالمين وليس فقط للمسلمين ,لغة من الصعب الترجمه الدقيقه لها لما بها من اعجازات لغوية من فنون اللغة العربيه من مجاز وتصوير وغيره تزخر بها اللغة العربيه وتفتقر لها كثير من لغات العالم ومن الصعب ان يتقنها من لم يتعلمها كلغة أم وليس كلغة ثانيه .
وها نحن او كثير منا يقع بما وقع به بنوا اسرائيل سابقا واستحقاهم الغضب من الله وهو تفضيل خيار لهم على ما اختاره الله لهم واستبالهم ما اختاره الله لهم من نعمة الى اختيار شيء أخر قد لا يكون سيئا بنظرهم ,فعندما اختار الله لبني اسرائيل المن والسلوى لم يجبرهم عليها ولم يحرم عليهم غيرها , ليرى والله اعلم هل سيقبلون على ما اختاره الله لهم معتقديم جازمين انه الافضل ولا افضل منه ام انهم سيبحثون عن شيء أخر ويطلبون استبداله بشيء أخر وهذا ما فعلناه بالضبط نحن بالغة العربيه التي اختارها الله لنا فها نحن نستبدلها باللغات أخرى كالانجليزيه والفرنسيه وغيرهما بل اننا لم نكتفي بهذا بل اصبح كثير منا يعلم ابنائه منذ الصغر في مدارس غير عربيه بعيده كل البعد عن العربيه فقط ليتقن الانجليزيه او الفرنسيه بل وتمادى البعض بشتم اللغه العربيه اذا ما رغبت بنصحه , فكثير ما نجد من مسلمين يقول لك ان العربيه ليست لغة علم والبعض يقول ان العربيه لغة عرجاء والبعض يقول انها ليست لغة حضاره وكثير من السخافات الاخرى التي تقال من اناس اقل ما يمكن ان نقول عنهم انهم سذج لانهم لا يعلمون ان لغة عرجاء آن لها ان تحمل كتاب الله الذي حوى اعلى علوم الارض بل وانه حتى اليوم يتم اكتشاف أعجازات علميه عظيمه في هذا القرآن كيف انها ليست لغة حضاره والمسلمون هم اول من اسس حضارة بحق غيرت وجه العالم أجمع كما يشهد بهذا الاعداء قبل الاصدقاء.
واكثر ما يؤلم انا اصبحنا نحن كعرب مسلمين ونحن الاجدر بالتمسك بلغتنا من غير العرب من المسلمين اصبحنا اكثر المسلمين بعدٌ عن لغتنا فها نحن كمثقفين ومتعلمين لا نراسل بعضنا بالبريد الكتروني الا بالغات الاجنبيه فلقد استبدلنا الذي هو ادنى بالذي هو خير نعم استبدلنا لغتنا التي كرمها الله وفضلها على كثير من لغات العالمين ها نحن نقول لرب العزة انا وجدنا ما هو أفضل من هذه اللغة , قديما لم يكن يعتد بعلم عالم ان لم يكن يتقن العربيه اما حديثا فاصبح لا يعتد بعلم عالم ان لم يتقن الفرنسيه او الانجليزيه او ما يسمى الان بلغات العلم عند السذج والجهله اقول جهله عنهم مهما بلغوا من علم وشهادات لانهم جهله بالفعل, فها نحن نرى بعض الشعوب او القوميات التي تعتز بلغتها مثل الالمان والرومان والروس والاتراك والصينيين واليابانيين والانجليز وغيرهم ورغم تمسكهم بالغتهم وعدم استخدام غيرها الا بما يخص الترجمه من اللغات الاخرى وايصال ثقافاتهم الى الشعوب الاخرى اما ما عدى ذلك فانهم لا يستخدمون غير لغتهم في كل مناحي حياتهم وهذا سبب رئيسي كان في تميزهم ونهوضهم في كل مجالات حياتهم وهذا دليل قطعي وجلي بان اللغه العربيه لا يمكن ان تكون سبب في التخلف الحضاري والدليل أيضا ان بعض الشعوب الذي لا يتحدث لغتهم احد في العالم الا هم ولكنهم نهضوا وتميزوا لانهم لم يعتمدوا على لغات أخرى في نهضتهم بل نقلوا العلوم الى لغتهم وطوروها ونهضوا بها بدل من ان يضيعوا وقتهم بتعلم وتعليم لغه جديده بحجة انها لغة علم اوغيره.
بعد ان قرأنا هذا يجب ان نشعر بالخجل بل وبالخوف من غضب الله عندما نراسل اناس اخروون لغتهم العربيه ونراسلهم بالانجليزيه او غيرها الا لحاجة او لكونهم لا يعرفون العربيه, لقد كنت ممن اصيبوا بهذه الافه لفترة وعندما قررت العودة وعدم مراسله من يعرف العربيه الا بالعربيه وجدت صعوبه بالبدايه بأختيار الكلمات وكأني أعجمي! لكني مع الممارسه لفترة وجيزه وجدت نفسي اتقن الكتابه بها بشكل افضل بل وجدت نفسي استطيع التعبير بشكل أفضل عندما استخدم اللغة العربيه.
لقد سالت احد اصدقائي الذي تعرفت به قبل اكثر من عشر سنين وهو استرالي يعمل في مدينة ينبع في احدى الشركات وسبب قدومه الى هنا هو اسلامه , سالته لماذا رغم كل هذه المدة من مكوثك في المملكه لم تتقن العربيه بينما نحن اذا ذهبنا الى احد البلاد الاجنبيه لا نحتاج اكثر من سنه لنتقن اللغه فقد اجابني بحرقه والم لاحظتهما عليه اثناء كلامه قال لي يا اخي انا هنا كاني لست ببلد عربي فلا احد يتحدث معي العربيه رغم اني احاول احيانا لكن دون جدوى وقال لي كلمة آلمتني انا ايضا وتألم كل مسلم لديه حس , قال لي اني اشعر يا اخي ان من يتكلم معي بالعربيه ممن لا يعرف الانجليزيه يشعر بالخجل وكانه يرتكب معصيه كونه لا يعرف الانجليزيه او لا يتقنها وعندما اطلب منه ان يكلمني بالعربيه لاني ارغب بتعلمها اجد انه لا يكترث بل ان بعضهم يقول لي من الافضل ان لا تتعلمها فانت لن تحتاجها وعقب قائلا ان لديكم ضعف كبير في الانتماء للغتكم وحضارتكم وقوميتكم ناهيك عن انها لغة الدين والقرآن .
نعم اخواني انا في خطر عظيم ,فقد سمعت درساً لاحد كبار العلماء ان بعض اللغات في العالم اندثرت وانتهت بسبب استبدال أهلها والمتكلمين بها للغات أخرى وهناك بعض اللغات المهددة بالاندثار ايضا وذكر منه اللغة العربيه , وذكر ايضا ان بلد عربي وهي الامارات لم تعد تستخدم العربيه بها نقريبا الا قليلا جدا وكانها لغة اقليه لا قيمة لها ! , أذا أخواني فلنعاهد انفسنا ان لا نستبدلها بما هو ادنى منها لغة القرآن الكريم فقط تفكروا جيدا بما قرأتم فالموضوع جد خطير , فهناك فرق كبير بان نتعلم لغة اخرى للعلم وان نستبدل لغة مكان لغتنا في شؤون حياتنا المختلفه , كما احيطكم علما اني بحثت عن حديث من تعلم لغة قوم آمن شرهم فلم اجده في اي كتاب حديث على الاطلاق حتى اني لم اجده في الاحاديث الضعيفه وحتى انه ليس من اقوال السلف الصالح رضي الله عنهم لكني قرأت فتوى لابن تيميه تقول "من تكلم بلغة غير العربية لغير حاجة فهو منافق"وردت في كتاب اقتضاء الصراط المستقيم 1 / 461 نقل كراهة السلف ..
وقال "شيخ الإسلام" في الإقتضاء : " وحكم النطق بالعجمية في العبادات , من الصلاة , والقراءة , والذكر كالتلبية , والتسمية على الذبيحة وفي العقود والفسوخ كالنكاح واللعان وغير ذلك معروف في كتب الفقه .
وأما الخطاب بها من غير حاجة في أسماء الناس , والشهود كالتواريخ , ونحو ذلك فهو منهي عنه مع الجهل بالمعنى بلا ريب وأما مع العلم به فكلام أحمد بين في كراهته أيضا فإنه كره آذرماه ونحوه ومعناه ليس محرما " .
و قال في موضع اخر : " وأما اعتياد الخطاب بغير العربية التي هي شعار الإسلام ولغة القرآن حتى يصير ذلك عادة للمصر وأهله ولأهل الدار وللرجل مع صاحبه ولأهل السوق أو للأمراء أو لأهل الديوان أو لأهل الفقه فلا ريب أن هذا مكروه فإنه من التشبه بالأعاجم وهو مكروه كما تقدم " .
و ذكر شيخ الإسلام هذا الكلام في أكثر من موضع من كتبه
راجع مجموع الفتاوى , و الفتاوى الكبرى , و كذلك إبطال الدليل , و غيرها .
والله من وراء القصد والله الموفق
ان كنت قد أصبت فمن توفيق الله لي وان كنت قد أخطات فمني ومن الشيطان...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حقوق النشر لجميع المسلمين مع ذكر المصدر.....