دعما للديمقراطية العربية : لماذا وكيف ؟

mainThumb

30-04-2012 11:20 PM

 هذا هو العنوان الذي وضعه – مجلس العلاقات الخارجية ( الأميركي) لتقرير فريق العمل المستقل رقم 54 . وقد ترأس فريق العمل المستقل ذاك (!!) مادلين أولبرايت و فين ويبر, وكان من ضمن أعضاء فريق العمل عدد من العرب ,إضافة إلى قائمة من  المحاورين العرب    خالي المسؤولية عن محتوى التقرير من كل من الأردن , الكويت ,الإمارات العربية المتحدة , مصرالبحرين والسعودية . مع إشارة مباشرة وواضحة إلى أن التقريرلا يتمحور حول      (النزاع ) العربي الإسرائيلي.

 
وعلى الرغم من خلوالتقريرمن الإشارة المباشرة إلى تاريخ نشره,إلا أن المعطيات ترجح أن  سنة النشر كانت في العام 2005. ويكتسب التقريرأهميته من أكثر من جانب,فهو(أي التقرير) :
 
- يبحث في رؤية جديدة لحكومة الولايات المتحدة الأميركية حول أهمية الديمقراطية في الدول العربية للمصالح الأميركية.
 
- يتساءل عما ينبغي على السياسة الأميركية تطبيقه في المنطقة العربية ,تأخذ في الاعتبارجميع مصالح الولايات المتحدة؟
 
- يأتي توقيت هذا التقرير بعد  صدمة قاسية واجهتها سياساتها الأمنية – الدفاعية بما   تعرضت لها من انتقادات وتورط عسكري وقيمي, بعد أحداث 11أيلول في  العام  2011   ومرور أكثرمن عامين على احتلال القوات الأميركية لأفغانستان وبعهدها احتلال العراق بمبررات كاذبة معروفة ,وما خلفه ذلك من غضب جماهيري عارم    أثار استياء القوى الوطنية والتيارات الدينية في مختلف أقطارالوطن العربي , وأدى   إلى حراك سياسي معارض لسياسات أنظمة الحكم في دول مثل مصر وغيرها أخذ  صفة الديمومة  والاستمرار في المطالبة بالإصلاحات , وفك الارتباط بسياسات  الإذعان لأميركا والروابط مع الكيان الصهيوني.
 
يُقرالتقرير إنه لا يمكن فرض الديمقراطية من الخارج, وهذا أمرمفهوم لنا وواضح الأسباب لأن السياسة الخارجية الأميركية بُنيت في إقامة علاقاتها على اعتبار وحيد وهو المصالح  والمصالح فقط وتقديم الدعم المالي والعسكري والمعنوي لتلك الأنظمة , بغض النظرعن نوع النظام الحاكم وأسلوب تعاطيه مع مواطنيه,وطريقة الحكم وأدواتها القمعية, وهذا ما تؤكده  شواهد تاريخية عديدة في مختلف أنحاء العالم الذي لأميركا فيها مصالح مباشرة أوغير مباشرة.
 
ويعترف التقريربأن التغييرات ( في أساليب الحكم ) المفاجئة والمتسرعة ليست ضرورية ولا مرغوب فيها ويقول : يجب أن يكون هدف أميركا في الشرق الأوسط تشجيع التطور  الديمقراطي وليس الثورة . إلا إنه لم يحدث الالتزام بذلك الهدف  في مجريات الثورة التونسية  الشعبية النظيفة ولم يحدث مثيله خلال مراحل إزالة رموزالنظام المصري السابق .وهذا     بالطبع ما لانراه في المواقف الأميركية من الكارثة الليبية,بتحويل بناها إلى ركام , والسيطرة المباشرة على منابع النفط  (حيث تشير الروايات إلى وجود حوالي 12000 خبير!! أميركي   في حقول البترول الليبية ) بشكل عام ومن الأزمة السورية على وجه الخصوص حيث تنهج   تلك  المواقف نهجا عدائيا سافرا من أبرز سماته إنه متناقض بين تصريح وآخرومتواطئ بين فينة وأخرى مع أطراف ضد أطراف أخرى, ولكن من الواضح إن الهدف المقصود به وهو وجود الدولة السورية المصنف بإنه  خارج سيطرة الإرادة السياسية لواشنطن, والذي يعيق تسهيل إخضاع المنطقة برمتها إلى تلك الإرادة الحريصة على ضرب بؤر تخشى إنها قد تلعب دورا في بزوغ قوى أخرى بقدرات عسكرية ومقدرات اقتصادية تقض مضاجع الأحادية    القطبية التي لم تحافظ عليها الإدارات الأميركية المتعاقبة خلال العقدين المنصرمين ,بلجوئها  إلى القوة في معالجة القضايا الدولية ,ضاربة عرض الحائط بالقيم الإنسانية بصيغها العامة  والقيم الأميركية التي صاغتها وثائق استقلال أميركا من الاستعمار البريطاني.
 
تضارب المواقف وتناقض القرارات حول الأزمة السورية تمثلت نظريا (بالتصريحات غير الدبلوماسية وغير اللائقة في أسلوبها ) وعمليا ( اقتراح قرارات في مجلس الأمن رعناء تصدى لها كل من الاتحاد السوفياتي والصين ) والدعم الإعلامي المباشر (و المالي والاستخباراتي ) للمسلحين الذين يكررون رفضهم لأبسط مبادئ الديمقراطية وهوالحوار بين كل الأطراف دون استثناء أو استقواء أو تهميش لأي كان,ومحاولات الوصول إلى قرارأممي بالتدخل العسكري المباشرفي سوريا (لدعم الثوار!!!وتحرير سوريا !!!!)
 
لا يمكن فهم الإصرارمن المسلحين والمقيمين في الخارج ممن يسمون بالمعارضة الخارجية ,وأقطاب النظام التركي الذي انكشفت نواياه الطائفية العثمانية مُظلمة التاريخ والتجربة, على ضرورة التدخل العسكري الدولي ( قوات أميركا – بريطانيا – فرنسا , وبعض حلفائهم  التاريخيين في المنطقة) كأسلوب وحيد لتغييرالنظام  في الدولة السورية, على الرغم من  وجود ثلاث تجارب مماثلة  معاصرة ومتزامنة بنتائجها المأساوية في أفغانستان والعراق وليبيا ,كافية واحدة منها إلى إشعال الضمير الحي وإيقاظه, حيثما وجد بإدانة مثل هذا السلوك الذي غيّر,ليس النظام كما ادعت أطرافه, وإنما غيّرعن قصد وتعمد, معالم تاريخ كيان البلد وحطم إرثه الحضاري وفسخ نسيجه الوطني, وبدد ثروته القومية وقضى على قواه العسكرية ,لأنه تدخل يبتغي التدميروالتقسيم, وليس التحريرعلى الإطلاق, ويعمد إلى إعادة العرب إلى مرحلة  ما قبل الوعي بوجودها الأخلاقي والحضاري. 
 
أقول لا يمكن فهم مثل هذا الإصرار في المطالبة بالتدخل الخارجي طواعية وقناعة ,إلا على إنه فرض وإجبار على المنادين به ,وشرط لا تتنازل عنه مصلحة إسرائيل أولا وأميركا ثانيا   والنظم المتماشية مع رغباتهما وسياساتهما, والمقصود به,هو ادعاء نووي إيران العسكري وتهديد الكيان الصهيوني , لتنفيذ ضربة عسكرية عامة وشاملة في غمارإحداث ضوضاء عسكرية بتحالفات قائمة في المنطقة لا تستثني سوريا (بحجة التحرير!!) ولاحزب الله (بحجة الإرهاب), تطيح,من ناحية هامة ومباشرة  بطموحات روسيا في الحفاظ على أمن جوارها لتحويله إلى مراكز تهديد جديدة تعزز التهديد بإقامة الدروع الصاروخية في تركيا وغيرها من الدول المجاورة لروسيا الاتحادية, والتفرغ لمواجهة النهوض الحيوي للصين في مواجهة  البرامج العسكرية الأميركية في تقليم أظافرها في جنوب وجنوب شرق آسيا,إلا إن الصحوة الروسية الصينية لمصالحهما في المنطقة وفي العالم و أربكت المخطط الصهيو- يورو- أميركي.........                                     (......إلى الجزء الثاني)


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد