القيادة التربوية ومؤسساتنا

mainThumb

03-05-2012 02:21 PM

 كأي إنسانة تربوية يشغلني كثيراً ما يحدث وما يمكن أن يحدث داخل المؤسسات التربوية التعليمية , وكوني أمتهن مهنة التربية والتعليم فلا استطيع إلا أن أفكر كيف نكون مربين دوماً ونصل إلى بر الأمان مع طلبتنا والذين هم أولاً وأخيراً أبناءٌ لنا أو تلاميذ نرغب ببقاء علاقات وصلات وثيقة بيننا وبينهم دون التأثير على مفاهيم العدل وتحقيقه من حقوق وواجبات ، مع التركيز على الأهداف التي يتطلبها العمل التربوي وما تقتضيها الحاجة له , وأهم هدف هو الرقي بمستوى فكري وعلمي يمتلكه طلبتنا , وتخريج كوكبة منهم للمجتمع يمتلكون من الصفات ما يؤهلهم من الثقة بأنفسهم يحققون بها أهدافهم وأهداف أوطانهم .

 
          ومن منطلق مفاهيم الإدارة والقيادة التربوية التعليمية , كونها أصبحت إحدى أهم اهتماماتي المهنية والشخصية , وضمن تطلعاتي التربوية التي أحب وأتمنى أن يكون نجاح وتفوق الطلبة أهم معيار ومقياس لتفوق المؤسسة التربوية والتعليمية ، وهذا المعيار أرغب أن يكون هاجس كل تربوي وهو ما أفترض وجوده دوماً .
 
         لذا نحتاج إلى الكثير من المفاهيم التربوية والإدارية وعلى رأس هذه المفاهيم , مفهوم تربوي وإداري مهم  ألا وهو " تفويض السلطة " لمن نثق به ليقوم بالأعمال التربوية والإدارية والقيادية , ومجمل الأعمال الإدارية التربوية , من تنسيق وترتيب وتنظيم واتخاذ قرارات ضمن المنظومة الكاملة والشاملة لمفهوم القيادة وتحت مظلة القوانين والأنظمة المعمول بها في المؤسسة التعليمية والتربوية  في الاردن, بحيث لا تخرق ولا تقطع إلا بما يسمح الفكر التربوي نحو الهدف الإداري والتنظيمي من تقديم خدمات إبداعية تطويرية أو تحسينية تهدف وتصب في مصلحة المؤسسة ككل , أو بمصلحة الطلبة أولاً وأخيراً لأنهم هم الهدف الأولي وأهم وأبرز الأهداف , وحاجتنا لتفويض السلطة وعدم تركيزنا على المركزية , هو ما تتطلبه المؤسسات التعليمية مع الحرص على معايير اختيار القيادة لهذه المؤسسات , وخصوصيتها التربوية والتعليمية معا.
 
         تلعب القرارات الإدارية دوراً كبيراً في نجاح وتفوق العمل وتحقيق الأهداف والرقي بما نرغب بالوصول إليه من طموحات إدارية وتنظيمية لمؤسساتنا التعليمية , لذا فلا يمكن أن يتواجد مدير أو قائد إلا ولديه آمال وطموحات بتحقيق أعلى قدر من الرقي في تحقيق أهداف مؤسسته ويعلو سقف هذا الطموح إذا كان قائداً لمؤسسة تعليمية , فسواء كانت المؤسسة التعليمية للمراحل التعليمية الأولى كالمدرسة أو للمراحل العليا من كليات وجامعات , فإن مدير هذه المؤسسات إذا أراد النجاح والتفوق فلا بد له أن يمتلك شيئا من السلطة والصلاحية كي يستطيع الاستمرار بتحقيق الأهداف والوصول بها إلى بر الأمان , وعلى المسئولين الثقة به وإعطائه كافة الصلاحيات والتفويضات المطلوبة لإحداث الإبداع والتميز في مؤسسته أو لا تكون القيود العليا كثيرة , لأنها هي التي تحجم طموحه وتقضي على إبداعه وتميزه في الإدارة اللامركزية والتي تتوافق الآن مع مفاهيم الإدارة الحديثة والمتطورة , وبرائي الشخصي قائد هذه المؤسسات يحتاج إلى تفويض الصلاحيات أكثر من غيره لا لشيء, لكن لخصوصية وطبيعة المؤسسات التعليمية التي تتطلب أن يكون للقائد قدرة واستطاعة في اتخاذ القرارات وتنفيذها وعدم تأجيلها , حيث وجود عدد كبير من المفاهيم التربوية على رأسها " إدارة الإنسان المتعلم " وهذا بالصعوبة في مكان أن يكون هذا القائد يمتلك المهارات والتكتيكات التي تؤهله أن يتخذ قراراته ضمن المنظومة الكلية وقد تكون هذه القرارات مبدعة ومتطورة في نهاياتها , حيث صعوبة بعض المواقف ولكن بسهولة النظر بتطبيقها إذا كانت تصب في تحقيق الهدف النهائي للمؤسسة التعليمية وتحقق الأهداف للجميع ـ طلبة ومدرسين ومسئولين ـ والانطلاق إلى تحقيق الأهداف العامة للوطن عموماً.
 
                وطالما أن أهم مورد للمؤسسات التربوية هو الإنسان سواء أكان موظفا أو مسئولا أو مديراً , فإن الخطورة تكمن في مَن يدير هذه الموارد البشرية بأعلى درجة من التقنية الإدارية والفنية بإدارة الأفراد وتوجيه هؤلاء الأفراد نحو تحقيق أعلى درجات النجاح والتفوق , وعلينا أن لا ننسى أن الطالب هو المحور الأهم والرئيس لكل العمل التربوي داخل المؤسسة , وهذا الطالب يختلف من وضع لوضع ومن شخصية إلى أخرى وتتطلب اختلافاتهم أن يكون للمسئول قدرة على التواصل معهم مع التركيز على الأهداف النهائية من تخريج الطلبة للمجتمع بأعلى مهارة ممكنة ، لان الطالب هو أهم مخرجات المؤسسة التعليمة وسيكون هذا الطالب أهم مدخلات مؤسسات المجتمع المدني . لذا فالخطورة تتضاعف وتتفاقم عندما ندرك أن الطالب هو أهم مدخل من مدخلات مؤسسات المجتمع .
 
         وهنا تكمن حاجة القائد لكل جزئيه من مفاهيم الإدارة , ولكل منهم أسلوبه الخاص في تحقيق الرضا الوظيفي للموظفين وإلى رفع مستوى الطلبة وتحقيق الأهداف المؤسسية العليا بتخريج طلبة ذوي كفاءة عالية ومميزة تؤهلهم لخدمة مجتمعهم كما هو مأمول منهم وكما متوقع أن يحدث .
 
        لذا أتمنى أن يمتلك جميع مدرائنا وقادتنا التربويين قدراً كبيراً من المسؤولية والسلطة وأن يتمتعوا بقدر هائل منها , وأن يكونوا على قدر هذه المسؤولية لأنها هي التي ستقف معهم بتحقيق آمالهم وأهدافهم وهي التي ستؤهلهم للنجاح والتفوق والوصول إلى بر الأمان ، والتركيز على الأهداف القريبة والبعيدة الأمل .
 
         وأتمنى أن يتمتع كل مدير بما يستحقه من ثقة المسئولين كي يحقق القيادة التي يجب أن تكون في مؤسساتنا التعليمية والتربوية على وجه الخصوص , لأنها هي مصنع رجال وسيدات المستقبل , فطلبتنا هم أمل الأوطان , وعليهم تعقد الكثير من الطموحات ويستحقوا منا أن نسعى دوماً لتحقيق أقصى درجات الإبداع والتميز.
 
         وأختم بقول :-  " عندما نفقد الحق في أن نكون مختلفين , فإننا نفقد امتياز كوننا أحرار " ( تشارلز هيوز )


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد