نفهم بكل وضوح موقف الإدارة الأميركية الحالية وموقف من سبقها من الإدرارات السابقة تحت عناوين الديمقراطيين والجمهوريين ومسمياتهما التنظيمية ,وهو الموقف المعلن والمتكرر بثبات وصرامة من القضية الفلسطينية بدعمها للاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني التوسعي النافث لسموم العنصرية العرقية والتشظي الجغرافي والطائفي في المنطقة كلها لما يحققه لها من مصالح جيو- ثرواتية وجيو - سياسية. ونفهم بدون عناء كيف إن المواقف الأميركية تلك مدعمة بمواقف مماثلة لدول الغرب قاطبة تتقدمها مجموعة الدول الأوروبية التي تتبوأ مركزالصدارة منها فرنسا التي اشتهرت بهمجية جيشها في مستعمراتها العربية والإفريقية في حقب عديدة , وبريطانيا في مرات أقل بعد أن انتكست سياسات هذه الأخيرة نتيجة ممارستها الكذب العلني والمراغة والذيلية السياسية للمواقف الأميركية التي اشتهرت عن الساسة البريطانيين في خبث الممارسة الاستعمارية والتقسيمية لقوى التعددية في كل مجتمع أتاح لهم فرصة الهيمنة الاستعمارية في غفلة من تاريخ الحروب الجماعية التي كانت قوى الغرب ودوله أطرافها والمسبب لها لتضارب المصالح الاستعمارية وأغرضها السياسية .ويُبنى فهمنا هذا على حقائق تاريخية ووقائع موثقة خبرناها بأنفسنا وسمعناها عن غيرنا. كما تعلمنا إن الحركة الثورية إن افتقدت إلى المصداقية وتعاطف بيئتها الاجتماعية مع مطالبها ومع وسائلها وأفعالها , فإنها تتحول إلى دربكة أعمال قتل وتخريب وفوضى وإضعاف متانة الرابطة الوطنية وهذا كله يصب في خدمة أعداء الوطن والطامعين فيه.
ما يستعصي على الفهم ,وإن فُهم يصيبنا بالذهول أن نجد من بين ظهرانينا من تنظيمات عقائدية وحركات ديمقراطية وقوى معارضة تحولت إلى مجرد قوى معترضة لتخليها عن مهنية طروحات قوى المعارضة وأهدافها الإيجابية في الإصلاح وأخلاقياتها السياسية والتعسكر خلف مطالب تلغي أهم أطراف القوى العقائدية في المعادلة الوطنية السورية وأكثرها عراقة في النضال التحرري كمقدمة لتتنازع على السلطة وإن كانت هذه القوى التي لا تتفق على شيئ سوى مايربطها من تجاوب مع مطالب قوى الامبريالية والاستعماروتبني هذه المطالب علانية.
يكفي أن نستمع إلى آراء المعترضين في الأزمة السورية من مختلف المشارب السياسية وبمختلف الدرجات العلمية ومن معاهد الدراسة الدولية في واشنطن وباريس ولندن إلى حد أقل لتقلص حدود الدور البريطاني وانكفائه على نفسه بعد تكرر فشل مواقفه السياسية التبعية.فهم متفقون على تكرار محزن ويستهين بالعقل العربي ويستغفل إدراكنا لما نقوى على تمييزه من الكذب والافتراء والادعاءات اليتيمة والمضحكة المصحوبة بقوى التضليل الإعلامي المكثف والمستخف بثقافة المواطن العربي ووعيه الذي تكشفت وسائله واعتذرت عن تداولها كبريات مدارس الإعلام الفرنسية والبريطانية وتصرعليها محطات عربية افتضح أمرمصداقيتها وانحدار مستوى مهنيتها وخواء موضوعها.
ومما يتكرر من مختلف ناطقيهم والباحثين والمحللين والمفكرين !! نأتي على بعضه:-
- النظام السوري يقتل الشعب السوري!
- الجيش السوري يدمرالمدن السورية وأريافها وقراها !!!ويقصفها بالمدفعية والدبابات والصواريخ والطائرات (وعرض صورمنتقاة من حالات في بلاد أخرى).
- النظام السوري يفجر السيارات المفخخة في المدن وفي مراكزه الأمنية والعسكرية ؟؟!.
- الجيش السوري الحر,يحمي المتظاهرين السلميين من الجيش السوري!!!!
- المذابح التي تلتصق بعمل العصابات المعروفة والتي اشتهرت في ارتكابها لإثارة الرأي العام وتكرار تقسيم يوغوسلافيا في سوريا,يقوم بها عملاء الدولة السورية (لاحظ سذاجة الطرح وسخف مبرراته) !
- ضرورة تدخل دولي عسكري لحماية الشعب السوري !!
- لا أحد يسلح العصابات المسلحة , وإنما تحصل على السلاح من مخازن الجيش السوري, وهي في معظمها أسلحة وأجهزة اتصالات لا يستعملها الجيش السوري ؟؟
- الاتصال مع العدو الصهيوني المباشروغير المباشروتلقي المساعدات منه أمر محبب ومطلوب ولا خجل منه !!!!. ورفض التفاوض مع الحكومة السورية, والادعاء بأن الحكومة السورية لا تريد التفاوض, هكذا ودون أي اعتبارللحقيقة المعلنة بكل وضوح.
- ناهيك عن ادعاءات ( الثوار) بأن قواتهم تسيطر على أكثر من 80% من مدن سوريا وقراها وأريافها.ورغم ذلك يدعون إلى تدخل عسكري أجنبي!!.
- كل ذلك يترافق مع إشارات مباشرة تنم عن إثارة الطائفية التي تستثني في شرورها أيا من أطرافها.
ويصرالجميع منهم أن في سوريا ثورة !!,(ثورة الشعب السوري) على الرغم من إن الناطقين الأساسيين باسم هذه (الثورة ) ورعاتها هم ساسة أميركا وفرنسا والناتو وتركيا (العثمانية ) وبعض الدول العربية ( الغارقة في الممارسات الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة الأوطان واستقلالها اللذين تصونهما القواعد العسكرية الأميركية!! ).
أبسط الأسئلة التي نريد عنها إجابة من أصحاب الفكر والتحليل والوصف الذي امتهنه الناطقون الثوريون ويستهزئ بوعينا ,لماذا كل هذا الحماس الأميركي – الغربي – الصهيوني لدعم (ثورة شعبية في سوريا) ؟ وكيف تلتقي إرادة هذه القوى مع إرادة الشعب السوري بما عرف عنه من مواقف تاريخية في الوطنية ومقارعة قوى الشر والعدوان, هكذا فجأة , بعد تدمير ليبيا ( ما عدا نفطها) وإستنزاف قوى اليمن وثرواته,وإدخال الحالة المصرية في مرحلة وجد إزاءها الشعب المصري بفئاته اليسارية والديمقراطية والعلمانية والليبرالية حسبما يقولون إنه أوقع ثورته الشعبية السلمية أمام مرارة خياربين إعادة حكم العسكر التقليدي, وبين قيام حكم دكتاتورية عقائدية متزمتة,وكليهما مهتم بعلاقته مع أميركا والحفاظ على معاهدة السادات – اسرائيل .
لم يبق للعرب الذين لم تيأس نفوسهم من دوام الصراع العربي – الصهيوني في فلسطين وفي التدخل في الشأن الداخلي العربي سوى سوريا بقواها القومية ودورها المحوري في الصراع الإقليمي وفي الصراع العالمي للحد من طغيان القوة الأميركية وتفردها المتسبب بويلات المجتمع الدولي ومآسيه الذي تبلور عناصره قوى الصين والهند وروسيا وجنوب أفريقيا ... وموقفها الصلب من الاستسلام بمعاهدات تقر للمحتل بما جنت يداه من المحتل من الأرض العربية , وما يتم توسعته من احتلال تمتد إلى الأرض الفلسطسينية ولن تنجو منها صحراء سيناء, ولن تبدل أميركا من وضع الدول في المنطقة التي تعتبرها (دولا أفتراضية) يمكن توطين اللاجئين الفلسطينيين فيها كي ترتاح سعة الاحتلال الاستطاني الصهيوني في فلسطين من ضغط المساحة وفي ما تجد لها مأمنا فيه من أراضي الدول العربية المحيطة بها والبعيدة نسبيا عنها.
ملاحظة :شدد الاتحاد الأوروبي من حصاره الاقتصادي وعاقب سوريا بمنع تصدير السيجار والكافيارإليها. ونسأل هل أصبح الرأي العام العربي من السذاجة بأن تستخف به عقول عقائديين وأساتذة جامعات ومحللين سياسيين,أم إن كل هؤلاء هم ضحية أحقاد وضغائن لم يسعفهم العلم ولا السياسة من تصديق أنفسهم فظنوا الشيئ ذاته فينا , نحن المواطنين العرب ؟؟.