هل الجيش والشعب أيد واحده ؟

mainThumb

21-06-2012 04:37 PM

 المجلس العسكري المصري , يثبت أن العسكر هم آخر من يقرأ الشعب قراءة صحيحة , وأن العسكر مجبولون على الجهل السياسي . 

 

لا أقول هذا ظلما لهم , فدعوني أسأل كل من يعرف العسكرية , ما هو أول ما يحدث للمجند أو المتطوع عندما يدخل إلى الجيش ؟ 
 
أول ما يقوم به العسكر هو هدم الشخصية المدنية , من خلال المرور بفترة تدريب قاسي يجب أن يتجاوزها أي شخص مجند أو متطوع , وبعد هدم الشخصية , يبدأ في بناء شخصية جديدة , واهم عنصرين في هذه الشخصية هي 
أولا ,  الطاعة العمياء للأمر العسكري , ثانيا , الإيمان بمقولة " نفذ ثم عارض " . 
 
بعد ترسخ هذه الشخصية العسكرية في العسكري , يبدأ في تعلم العلوم العسكرية , وحتى السياسية , ولكن لا يخرج هذا التعلم عن فهمها فهما عسكريا .
 
ولهذا فان الخطر من عسكرة الدولة هي في أنها هدم للمدنية, فالعسكري لا يؤمن بالمدنية إلا كحالة شخصية غير مستحبة , 
 
فشل العسكر في فهم الشخصية المدنية والسياسة المدنية جعلهم يخطئون في قراءة المجتمع المصري ,
 
ولنرجع إلى النقاط التي أساء الناس فهمها ,
 
- فهم المجلس العسكري هتاف الشعب من يوم 11 يناير 2011 " الجيش والشعب أيد واحده " هو فهمها على أن اليد هي يد الجيش وليست يد الشعب ويد الجيش تلتحم لتبني الوطن . علما بأن هذه حقيقة . ولكن المقصود بها الجيش وليس المجلس العسكري .
 
- المجلس العسكري اخطأ في قراءة كم الأثر الإعلامي المشوه للبرلمان المنتخب , مما جعله لم يتحرك عندما تم حله , واعتبر أن الشعب عاف الثورة المصرية وأصبح يبحث عن الآمان فقط , اكرر وأركز على كلمة " فقط ".
 
- المجلس العسكري أخطأ حين قرأ كم الأصوات التي ذهبت إلى الفريق محمد شفيق , وتصور أنها كلها تصب في صالح المجلس العسكري , وهو كمن كذب الكذبة وصدقها , فمعظم الأصوات التي ذهبت لشفيق في الجولة الأولى هم إما من حشد الأعضاء المتنفذين في الدولة " وهو ما يسمى بالدولة العميقة " , وهي تنتمي للتيار الموجود في النظام السابق ونعلم كلنا أن كل المحليات والمحافظات والهيئات التي تمس الحياة اليومية يقوم عليها أفراد من الجيش , فالمحافظ لواء والمسئول لواء , لا تجد عنصرا هاما في الدولة لا يقوم عليه لواء إلا اقل القليل  , ينظم إليهم بعض قليل من أفراد الشعب الذين تعرضوا للضغط بسبب فشل الحكومة التنفيذية المعينة من المجلس العسكري وتحميل الفشل للثورة , ثم تحميل الفشل للثورة والبرلمان المنتخب , فاعتبر هذه الأصوات تقف إلى جانبه حقيقة , ولكنه نسي أن معظمها لم يكن يؤمن بالمجلس العسكري , بل يبحث عن مصالح آنية وضغوط تعرض لها , وفي الجولة الثانية أضيف إلى هذه الأصوات أصوات المستقطبين من أقباط وكارهين للتيارات الإسلامية مع قصف إعلامي يومي ومكثف وتخويف من الدولة الدينية . هذا الخطأ جعله يخطئ القراءة ويحاول أن يقفز على الثورة , 
 
ولكن مع بداية الانتخابات الرئاسية , وشعور المجلس العسكري باقتراب التيار المدني ولا أقول الإسلامي من الفوز , اصدر المجلس العسكري المواد الدستورية المكلمة في الليل , وذهابها إلى الصحيفة الرسمية في نفس الليلة وعدم الصبر لمرور ال 15 يوم التي تعارف عليها القانونيون.
 
وتشمل هذه المواد أن الرئيس القادم مرفوع اليد نهائيا عن  الجيش , وعن الميزانية , بل وجعل رئيس الوزراء قوة ثالثه تدخل في المعادلة , بالرغم من أن تعيينه يتم عن طريق الرئيس ولكنه يصبح رقما في المعادلة , وذلك لمحاولة ضرب الرئاسة بالوزارة .
 
هكذا نعلم أن ما تمر به مصر السياسة هي لعبة عسكرية , بإعطاء بعض السلطات , ثم تدمير الجزء المدني المستلم للسلطة , ثم  إلغاء السلطة المدنية لأسباب قانونية ودستورية ( علما بان الدستور المحتكم إليه هو من أنتاج المجلس العسكري ) . حتى تأتي السلطة المدنية موافقة لمتطلبات المجلس العسكري , فلقد حل البرلمان قبل أيام من انتخاب الرئيس , وحتى إن جاء الرئيس بغير ما يرتضي المجلس , فسوف يتعرض للفشل , فقواعد الدولة العسكرية ولائها للعسكري , ويبدأ القصف الإعلامي , ثم يزال , وهكذا دواليك , برلمان ثم يحل , رئيس ثم يزال ثم برلمان.
 
سيفشل الرئيس القادم  لو كان مدنيا , بوجود المجلس العسكري , وسيحسب فشله على الثورة , وعلى التيار الإسلامي , كما أفشل وليس فشل البرلمان.
 
أذا أضفنا إلى ذلك القرار الذي صدر بإعطاء حق الضبط القضائية للمخابرات العسكرية , ومن لا يعرف معنى الضبطية القضائية وهي تختلف عن إلقاء القبض على الأشخاص , فالضبطية القضائية حق من حقوق النيابة العامة .  يجعلنا نفهم معنى عسكرة الدولة .
 
الحل هو تكاتف القوى الثورية والقوى المدنية , وبغيرها , سيبقى المجلس العسكري قائما , سوء في الواجهة , أو في الخلفية , ولكنه سيبقى هو المؤثر في الحياة السياسية والمدنية 
 
الحل الذي لا بد منه , وهو التكاتف المدني لإزالة عسكرة الدولة , وهذا هو الفهم الذي يجب أن يكون , فليس هنالك ما يسمى دولة دينية في الإسلام . 
 
وأخيرا يجب أن نعلم أن هنالك فرق بين المجلس العسكري والجيش المصري , كما هو الفرق بين الرئيس السابق حسني مبارك وجمهورية مصر العربية , فالجيش المصري مكون من المجندين وهم مصريون وبامتياز , ولكن القيادة العليا منفصلة عن الجيش . فلا يخطئ احد بالمزج بين الاثنين .
 
خيارك الآن أيها الشعب العظيم , عل تريدها دولة عسكرية , أم تريدها دولة مدنية .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد