«محمّد مرسي» الرئيس المحب

mainThumb

26-06-2012 01:43 PM

 «أيّها الشعب»، و«أيّها المواطنون»؛ نداءان اعتدناهما في خطابات حكام العرب الموجّهة إلى شعوبهم، نداءان تقليديان لم يعد لهما تأثير أو معنى، إنّهما من آثار الحكام المُبادين، وثقافة مَن هم في طريقهم إلى الإسقاط، نداءان يكرراهما في محافلهم المُدّعى أنها وطنيّة أو قوميّة أو إنسانيّة أو دينيّة ... ولو أخرجاهما من قلوبهم، لكان لهما ما كان من قبول وتأثير؛ لأنّهما في ذاتيهما عظيمان.

أمّا كلمات الوداد والأخوّة، فلم نسمعها من أي من الحكام، قبل الأحد الماضي، الرابع والعشرين من حزيران الجاري/2012، وهو اليوم الذي وجّه فيه الأستاذ الدكتور «محمّد مرسي»، أوّل خطاب له، إلى المصريين والأمّة والعالم، بعد ساعات من إعلان فوزه برئاسة مصر، الرئاسة الأولى بعد ثورتها على ظلم نظامها المخلوع وطغيانه، بزعامة «محمّد حسني مبارك».
 
خاطب الرئيس الجديد، جمهوره، بصيغ مختلفة، ولكنها ذات معنى واحد، وهو المحبة والعطف والحنان والمودّة، فبعدما ناداهم بـ: «شعبَ مصر العظيم»، و«أيّها الفرحون المحتفلون بعيد الديمقراطية»، و«أيّها الواقفون في الميادين: ميدان التحرير، وكلّ ميادين مصر»، نقل قلبَه إلى لسانه، ونطق: «أحبائي». رئيس بلد عربي يقول لشعبه: «أحبائي»، وأعادها في موضع آخر، كما أردفها في سياق حديثه بـ: «أيّها الأحباب»، و«أحبابي»، ناهيكم عن «أيّها الإخوة والأحباب»، وتعمق أكثر فأكثر: «إخواني وأبنائي».
 
كم هي قريبة إلى القلب والنفس، مثل هذه الكلمات، زعيم يقول لشعبه: «أحبابي»، و«إخواني وأبنائي»، بل زادهم من شعر القرب والحب، أبياتاً لا بيتاً واحداً، حينما ناداهم بين فقرات خطابه: («أهلي» ـ ثلاث مرّات)، و(«أهلي وعشيرتي» ـ أربع مرّات)، و«أهلي وعشيرتي أهل مصر»، و«الأهل والعشيرة والأحبة».
 
نادى «محمّد مرسي»، شعبه، بأسلوب استثنائي، وحتى النداءات التقليدية طوّرها، حينما قال: («أيّها الشعب المصري العظيم» ـ ثلاث مرّات)، و«شعبَ مصر العظيم»، كما اقتبس من حكام أردننا نداء «الأهل والعشيرة».
وربما نادى «محمّد مرسي»، المصريين، بـ«الأهل والعشيرة»، كونه نشأ في قرية العدوة، التابعة إلى مدينة ههيا في محافظة الشرقية، شمالي شرق القاهرة، وهي بالإضافة إلى سيناء، من المناطق التي يعود جزء كبير من أهلها إلى أصول قبليّة عربيّة، فعائلته «العيّاط» تنحدر من «الرشايدة»، إحدى عشائر قبيلة «بني عبس»، وأصلها من شبه جزيرة العرب، بحسب صحيفة «العربيّة» الإلكترونيّة.
 
«أحبابي»، و«إخواني وأبنائي»، ابتكار رئاسي يسجل حقاً أدبياً لـ«مرسي»، من جهة أنّه أوّل حاكم عربي يستخدمه، وهو بذلك، يؤسس لثقافة رئاسية جديدة في طريقة مخاطبة الحكام شعوبهم، إنه أسلوب ناعم، وراق، وعاطفي، ونابع من قلبه، إنه لا يدخل ضمن أساليب العلاقات العامة واللباقة فحسب، وإنّما ـ أيضاً ـ هو جزء من ثقافته، وتربيته العائلية والإسلامية، وحتى الحزبية، وهذه الأساليب تنم عن ذكاء المخاطِب وقربه من شعبه.
هكذا يجب أن يكون الحاكم؛ يجب أن يخرج كلامه من قلبه، لا أن يقذفه من يديه ويبطش بهما.
 
مبارك لمصرنا رئيسها الثائر المحب، محيي ثقافة الحب الإسلاميّة، التي نأمل أن تكون ثقافة الحكام الجدد كافة.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد