محمية اليرموك .. صفقة مشبوهة بأيدي متنفذة !

mainThumb

08-07-2012 02:11 PM

 نشأت فكرة المحميات الطبيعية , للمحافظة على عناصر البيئة من عوامل عدة من بينها عامل الانقراض والاستنزاف سواء كانت حيوانية أو نباتية من الأنشطة البشرية المختلفة , وخاصة الصناعية منها والتي بدأت تظهر آثارها الضارة على البيئة , ولا أحد يستطيع أن ينكر أهميتها في ذلك إذا كانت الغاية واضحة لتحقيق هذا الهدف.
 
حكومة سمير الرفاعي الحفيد وبتاريخ 6 كانون ثاني من عام 2010م قامت بإعلان منطقة اليرموك محمية طبيعية , وإدراجها ضمن قائمة المحميات الطبيعية في الأردن , وقد تم تكليف الجمعية الملكية لحماية الطبيعة لتقوم بإدارة المحمية وإعداد الخطط الإدارية اللازمة لها , حيث اقتطعت الأراضي المحاذية لنهر اليرموك وعلى امتداد (20كم) لتكون أرض المحمية عليها (فقط للتذكير بأنها جمعية خاصة أسّسها مجموعة من الصيادين من الطبقة الكمبرادورية , طبقة برجوازية تابعة لأجندة خارجية) , حيث تعتبر هذه الأراضي من المحمية في معظمها واجهات عشائرية لأبناء المنطقة اعتادوا على استخدامها كمراعي لماشيتهم ومتنفساً لهم ولعائلاتهم , وبعضها الآخر ملكية خاصة يستغلونها الأهالي في الزراعة , معتمدين عليها كمصدر للرزق وبناء أسرهم.
 
الجمعية الملكية لحماية الطبيعة هي جمعية خاصة , من بين مؤسسيها السيد أنيس المعشر (والد مروان المعشر) بالإضافة إلى السادة سمير المعشر وإكليل الصافي ونصري مكحار وعيسى شاهين وذلك عام 1966 , حيث تقدموا بطلب من المرحوم الملك حسين بأن يكون رئيس الشرف الأعلى للجمعية فقام بمنح الجمعية مباركته بإعطائها الصفة الملكية , ويرأسها حالياً وزير البيئة السابق السيد خالد الإيراني والذي صرح أن من دواعي إنشاء المحمية هو الحفاظ على بعض الأنواع من النباتات البرية النادرة و بعض الحيوانات المفترسة من الانقراض على المستوى المحلي والإقليمي , وهنا نتساءل لماذا لم يتم إنشاء المحمية في الجانب الإسرائيلي بدلاً من الأردن كون الهدف إقليمي..؟!! , إضافة إلى ذلك أفادت المعلومات أن الجمعية الملكية تقدمت بالطلب من وزارة الزراعة بأن تقوم بتسجيل أراضي المحمية باسمها, وهنا يكمن الخطر على هذه الأراضي بأن تـُمنح الجمعية حرية التصرف من البيع والتمليك وكل ذلك على حساب أصحاب الأراضي الأصليين.. وأن المانع لعملية التسجيل حسب المعلومات هو الوضع المضطرب في الأردن والإقليم..!!
 
وبنظرة بسيطة للحدِّ الذي يُحاذي المنطقة المقتطعة نُلاحظ أن الأراضي الواقعة تحت وطأة الاحتلال الصهيوني هي أراضٍ شبيهةٍ كلَّ الشبه بما تم اقتطاعة ، إلا أنَّ الفرق الوحيد بينها أن الأرض الواقعة تحت وطأة الاحتلال الصهيوني هي أراضٍ مستغلَّةٍ زراعيَّاً إلى أقصى الحدود.. وهنا يحقُّ لنا أن نسألَ عن سبب اختيار هذه الأراضي بالذات عن غيرها حيث أنَّ الإجابة المقدَّمة من أنها تحوي نباتاتٍ متنوعة وحيواناتٍ بريَّةٍ مختلفة لا ترقى إلى الإقناع.. حيث يمكن التعامل مع هذه القضيَّة بحلولٍ أكثرَ نجاعةٍ وجدوى ، كتحريم الصيد في هذه المناطق والحدِّ من الرعي الجائر وتوفير كمياتٍ كافية من الأعلافِ لأصحاب المواشي , والسؤال الآخر هل لهذه المحمية أي علاقة مع ما جاء في اتفاقية وادي عربة من أن نهر اليرموك الفاصل بين الأردن والجولان السوري المحتل هو حدّ سياسي طبيعي بين الأردن ودولة إسرائيل..؟!!
 
ومن هنا يتبيَّنُ لنا أنَّ القصدَ من تخصيص هذه الأراضي كمحميَّةٍ عن غيرها ، يحملُ بعداً سياسياً مرماهُ توفيرُ أكبر قدرٍ من الحماية للواجهة المحتلة من قبل الصهاينةِ من أرضنا العربية ، وذلك بمنع المستفيدين من هذه الأراضي من دخولها واستثمارها وتنميتها , فعند إنشاء المحميات يحظر ممارسة أي نشاط بشري فيها أو استخراج أية موارد منها(كالنفط و غيره من الخامات المعدنية) ومثالنا على ذلك , وفي الجنوب تحديداً , محمية ظانا التي تحوي أراضيها على أكبر مخزون من خام النحاس في الأردن حيث تقدر قيمة الأرباح من تصنيع النحاس واستخراجه حسب الأسعار العالمية حوالي 40 مليار دينار , وعند البحث في أروقة الدوائر المعنية تبين لنا أنه قد تم تسجيل حوالي 12 دونماً من أراضي المحمية لصالح جمعية الفاروق , وهنا تظهر نوايا الاستحواذ على هذه الأرض لغايات خاصة من بيع وتنفيع يشوبها الفساد على حساب أصحابها الأصليين , ونذكرّ هنا أن هذه الجمعية قد حصلت على مبلغ يتجاوز ألـ 6 مليون دينار من الجهات المشرفة على المشروع وهي المرصد العالمي لحماية الطبيعة والبنك الدولي , وعند المعاينة نجد أن هذه الأموال لم تأخذ طريقها إلى المحمية , بل ذهبت إلى جيوب أخرى..!!!
 
إن هذه الأرض التي روّى أجدادنا ثراها بدماهم الطاهرة ، هذه الأرض التي سطَّر أبو عبيدةَ وخالد وشرحبيل بن حسنة عليها ملاحم البطولةِ والإباء ، جديرةٌ بأبنائها وهم بها أجدر ، فمن بلوطها نبتَ أجدادُنا وفي أعماقها ثبتت جذورنا ، ومن ماء يرموكها وطينه اغتذينا ونبتنا ، فلا أحد أحقَّ منّا بها.. ولا أحقُّ بها منّا ، وما هذا المشروع المشبوه سوى خطوةٌ أولى نحوَ سلخ أبناء هذه الأرض منها بحُجج واهنةٍ لكل ذي عقلٍ فطين.
ولعلَّ المثل العربي القائل "إنَّ وراءَ الأكمةِ ما وراءها" أدقُّ وصفٍ لحالِ هذا المشروع المشبوه المفتعَلْ ، فقد شهدنا تحولَ أراضي بعض المحميات من قَبْل ، إلى أملاكٍ خاصَّةٍ بُنيت عليها القصور والمنشآت بشكلٍ مفاجئ!
الشاعر أنيس مقدسي بين يدي اليرموك قال:
 
على  اليرموك قف وأقرأ  سلاما // وكلمهُ   إذا   فهم    الكلاما
 
وقل  يا  نهر  هل هاجتكَ ذكرى // شَجَتْ   قلبي  وهيَّجتِ  الغراما
 
بنو  الأردنِ هل يصغون أم هُمْ // على  الفلوات  قد  باتوا  نياما


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد