الانتخابات المصرية بين المدنية و الدينية

الانتخابات المصرية بين المدنية و الدينية

15-07-2012 08:59 PM

 لقد قلتها مراراً و أُعيدها تكراراً أني كم كنت أطمح ان تأتي الثورة بأول رئيس منتخب من قلب الأحداث من ميدان التحرير و هذا رمز لتخليد الشهداء و نجاح الثورة بشكل قاطع ،لكن خلو الثورة من المفكرين و عدم وجود اهداف واضحة جعلتها لقمة سائغة ( طرية) لاجهاض الثورة و تفريغها من مضمونها على يد حفنة من ادوات النظام السابق و نجد ذلك واضحاً بخلق قانون العزل السياسي الذي لم يشمل سوى السيد عمر سليمان الذي يمثل خطرا واضحاً على التيار الديني و بالاخص الاخوان المسلمين . و بغض النظر ان التيار الديني استخدم نفس منهج النظام السابق بعزمه و قتاله الواضح من أجل الاستحواذ على كل المناصب القيادية للبلاد و على الرغم من ان هذه التيارات تجيد العمل في الظلام إلاّ أنها فشلت فشلاً ذريعاً للعمل في النور و ظهر ذلك خلال برلمان مجلس الشعب الذي يُعتير الأضعف في تاريخ الحياة البرلمانية منذ تأسيس النظام البرلماني في مصر سنة 1869.

و بعـد إنتهاء المرحلة الاولى للانتخابات التي وضعتنا أمـام خياريــن ( الديني و المدني) من خلال المرشحين الذي دفعت بهم إرادة الشعب للتنافس للمرحلة الثانية بقدر ما هو امتحان على فطنة و ذكاء 40 مليون صوت مصري . و كم كنت أعلّق من آمال أن تكون إرادة الشعب المصري على وعي و تعلم  تماماً أن خيار التيار الديني يقودنا الى مستنقع ذات حساسية خاصة للتصدي اليه و فشل هذا النموذج في العديد من الدول التي قامت بتطبيقه هو البرهان الاجدر بعدم اقدام مصر على مثل هذه الخطوة .
 
و لقد ساهم مرشحي التيارين بوضع نتائج شبه مبدئية للمرحلة القادمة و بالرغم من ان أحمد شفيق ظهر في بعض الوقت فاقد لجزء من تركيزه إلا أن مجمل مقابلاته الاعلامية بلورت فكره نحو مدنية الدولة و بناء مؤسسات لدولة عصرية بعكس مرسي الذي اعتمد  خطابه على الارتجال و افتقر للفكر السياسي بل و في بعض المرات جاء بعبارات خارج حدود اللياقة ( ندوسهم بالاقدام) و هذا يجسد فكر ديكتاتوري وراء قناع. و لقد استطاع أحمد شفيق اقتناص 6 ملايين صوت من أصوات الاقباط و التي وزعت في المرحلة الأولى بين انصار التيار العلماني عندما قالها صريحة أنه سيختار نائب للرئيس من الاقباط و الذي فشل مرسي في إقناع الاقباط بها . إلى جانب إنخفاض اسهم مرسي في الشارع لان خطابه إعتمد على اللامنطقية ففي الوقت الذي يرسم بصورة زائفة للمدنية يصف لنا عن كيفية تدخله السافر في القضاء  و هذا ينقض فكر الدولة المدنية الذي تنادي باستقلال القضاء.
 
لقد ظهر التيار الديني بأقص نتيجة يستطيع الوصول اليها من خلال استخدام نفوذه و تحت تأثير ضيق ذات اليد للطبقة الفقيرة في المرحلة الاولى بينما شفيق وضعته الاقدار أمام الفرصة الذهبية لأنه احتسب على التيار المدني و الذي اقتنصها بمهارة عالية من خلال خطابه السياسي المعتدل و برنامجه في تطوير التعليم و اعادة هيكلته و بناء دولة المؤسسات فاستطاع أن يجمع في جعبته أصوات التيار الليبرالي التي تشتت في المرحلة الاولى بين المرشحون الاحدى عشر و اهمهم حمدين صباحي بينما ان اصوات المرحلة الاولى للتيار الديني لم تقتسم سوى بين محمد مرسي و أبو الفتوح .اما ان تاتي نتائج المرحلة الثانية بمرسي رئيسا لمصر فهو الخرق الخارج عن معظم التوقعات و إن كنا نحن انصار التيار الليبرالي و منهجنا الديمقراطية علينا فقط الالتزام بنتائج الصناديق سواء كان مرسي هو إرادة الغالبية او حتى إن كان يمثل صورة لفشل الشعب في حماية إرادته من خلال هذه الانتخابات.     
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد