رمضان أبو خمسة

mainThumb

22-07-2012 02:57 PM

 في الليالي الأُوَل والأيّام الأوائل من رمضان، تكتظ المساجد والمصلّيَات بجمهور لم نعهده في غير هذا الشهر الكريم؛ مسلمين يدّعون عودتهم إلا الله تعالى، يصومون، ويصلّون، ويسبّحون، ويقرؤون آيات الله ... يؤدون بعضاً من الشعائر في أوّل خمسة أيّام أو أزيد بقليل، ولا يلبثون حتى يبتعدوا سريعاً، ويرجعوا إلى الحال الذي كانوه قبلها، فرمضانهم ليس ذاك ذا التسعة والعشرين يوماً أو الثلاثين، وفق حسابات شرعنا الحنيف، وإنّما كلّ منهم يحدد أيّامه بنفسه، وفي أحسن الحالات لا تزيد على عشرة أيّام، فيعبد الله وفق هواه هو، وما يرتاح إليه.

هؤلاء عابدون مؤقتون ومزاجيّون، اندفع بعضهم إلى رمضان خجلاً من الناس، أو حثّاً أو خوفاً من أهاليهم، وبعضهم الآخر لصعوبة بقائهم في خارجه، ولا أنكر رغبة طائفة منهم في الاهتداء، إلا أنّ ذلك بلا مرتكزات ولا أساس، وبلا علم ولا صبر، تحركهم عواطفهم لا عقولهم. 
 
ولهذه الفئة أحوال تعرف بها، ومنها: حضور أفرادها إلى بيوت الله متأخرين، وإن بكّروا قليلاً، فإنّهم يجلسون في الزوايا، أو في آخر الجهة المقابلة للقبلة، وكذلك تحدثهم إلى بعضهم بعضاً، وأيضاً إلى غيرهم، في شؤون الدنيا، وتضاحكهم، وشعورهم بالخجل، واختلال ثقتهم بأنفسهم، إلى جانب صلاتهم في الصفوف الخلفيّة، وخروجهم عقب انتهاء الفريضة مباشرة، وتسللهم من صلاة القيام «التراويح»، وتذمرهم من الإمام والحرارة أو البرودة ...
 
إنّهم يزاحموننا في المساجد، ويتسببون بضغط على مرافقها، وكلّ منّا على نيته، فيقول: الحمد لله، المسلمون عادوا إلى الله، لنكتشف بعد أيّام قلّة، أنّ توبتهم كالأطعمة المعلّبة وغيرها من المواد: صالحة من تاريخ كذا وحتى تاريخ كذا، بل أغلب هذه المعلّبات تصلح فترة تزيد على خمسة أيّام، وتصل إلى سنين عدّة.     
 
هذا حال فئة من المسلمين، أعضاؤها من الجنسين، ومن مختلف الأعمار، يعبدون رمضان، بل جزءاً منه، ولا يعبدون ربّ رمضان، وحقهم علينا دعوة التذكير لا دعوة التبليغ، لأنّهم يدركون الحقّ والحقيقة، ولكنهم يسلكون غير مسالكهما.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد