مصر بين العزل السياسي و الجغرافي

مصر بين العزل السياسي و الجغرافي

24-07-2012 09:46 PM

 لم يكن مصطلح العزل السياسي هو إبتكار مصر في عالم السياسة كما يظن البعض  لكنه مصطلح متعارف عليه من قبل السياسيين و قامت بتطبيقه العديد من دول العالم أثناء تحويلها من أنظمتها المختلفة الى الديمقراطية . ففي بولندا و تحويلها من الشيوعية في 4 يونيو 1989 بقيادة ليخ فالينسيا  الذي فُصِل من عمله كعامل فني كهرباء في إحدى السفن وذلك لقيامه باضراب النقابات انذاك و الذي عاد بعد 4 سنوات ليقود بما يُعرف حركة التضامن و الذي قادت حركة التغيير في بولندا و ارغم النظام الشيوعي على أول انتخابات التي عرفت بالانتخابات نصف الديمقراطية ليعود ليخ فالينسيا على رأس أول نظام ديمقراطي في بولندا كاول رئيس دوله منتخب في فترة 1993 الى  1995 وقد قامت الحكومة البولندية الجديدة والتي تمثل ارادة الشعب بإقصاء من الحياة السياسية او الترشح للانتخابات كل القياديين في الحزب الشيوعي و كل من شغل منصب قيادي او سياسي لفترة عشرون عاما كعزل عن الحياة السياسية . لقد استطاعت هذه التجربة ان تغيير شكل الحياة السياسية في بولندا . لقد شغلتني هذه التجربة كثيراً و كم كنت اتمنى أن يطفو على السطح من ميدان التحرير من يقود المرحلة القادمة كاول رئيس لمصر يُمثل إرادة الشعب الحر و أن يكون من ابناء الطبقة الكادحة او المتوسطة حتى يستطيع ان يشعر بنبض الشارع المصري و هنا يكون تطبيق العزل السياسي بمثابة نبض جديد و شريان حياة لشكل الحياة السياسية في مصر .

لقد كنت أول من حلم تحت تأثير التجربة البولندية نحو الديمقراطية بتطبيق قاعدة العزل السياسي لكن سرعان ما تراجعت عن هذه الفكرة لاستحالة تطبيق تجربة كاملة من ثقافتين و زمنين مختلفين و كذلك لاختلاف النتائج بين حركة التضامن في بولندا و ثورة 25 يناير المصرية. فكيف نقوم بتطبيق مثل هذه التجربه و ان المرحلة الانتقالية لحكم البلاد لم يُسلّم الى مجلس قيادة الثورة الذي لم يُشّكل من الاصل .

و عندما قام الاسلاميون بالعمل على تطبيق قانون العزل السياسي لتحقيق مصالح معينة ظهرت في صورة قوانين مهلهلة خرجت عن نطاق الشفافية استخدمت فيها ادوات "الترزية" لانها فصّلت لتشمل شخص معين و بعيدة كل البعد عن المنطق و القانون الذي يتساوى امامه الجميع . فان اعتبرنا قانون العزل السياسي ان عمر سليمان هو من ادوات النظام السابق الم يكن بالاحرى ان رئيس الجهاز الذي عمل فيه هذا الرجل ( المخابرات) و هو المشير طنطاوي من رموز النظام السابق .
 
و هل المجلس العسكري الذي تسلم السلطة بقرار من الرئيس السابق الم يكن جزء من النظام السابق ؟ و هل عصام شرف الذي تولى منصب رئيس الوزراء بعد الثورة و ما تلاه الدكتور الجنزوري ، الم يكونوا جزءا من النظام السابق ؟ هذه علامات استفهام يستحيل معها في الوقت الراهن تطبيق ما يعرف بالعزل السياسي . لان النظام السابق انقض على الثورة كالخلايا السرطانية سريعة الانتشار لنسدل الستار عن وجه مبارك خلف القضبان لنجد انفسنا امام عشرات الصور لديكتاتورية مبارك.
 و لانجاح الثورة تحت شعارها الجديد ( الثورة مستمرة) .
 
 معالجة اخطاء المرحلة الاولى و ذلك عن طريق خلق فكر جديد و مفكرين للثورة .
 
تشكيل مجلس لقيادة الثورة يكون مستعدا لتولي اي مهام سياسية قد توّكل اليه .
 
تحديد اهداف واضحة و منظمة .
 
فعدم نجاح الثورة لن يقود المجتمع عن العزل السياسي فحسب بل سيقودنا عن الانفصال عن آخر بصيص أمل لمواكبة التقدم و بالتالي عزلنا جغرافيا عن العالم. 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد