متى انتصرت القوى الإمبريالية في حرب وأينْ ؟

mainThumb

09-09-2012 09:20 PM

 قراءة التاريخ إنْ لم تكن واجبة من واجبات وعي المواطن لقيم المواطنة,يتعرف بها الفرد على تاريخ وطن ينتمي إليه طواعية بحكم الانتماء القومي,أو كمكان الولادة ,أو في مستقرهجرة طوعية أو قسرية أوإخلاصا لقيم مجتمعية أو لأي سبب كان, بكل تأكيد ضرورية لا لتعزيزموقف ثقافي بعينه ,ولكن لتعميق الصلة بالمعايير الوطنية المهنية وتوثيق الروابط  التي تستوجب على المواطن معرفته بتاريخ شكّل علاقات وطنه السالفة فأثرعليها وتأثر بها .وفهم التاريخ هو تمهيد لفهم طبيعة العلاقات مع الأوطان الأخرى في حاضرها,ويشكل مبتدأ تفسيرالأحداث والوقائع التي تمر بمجتمعه عنما يعزوما ترمي إليه تلك الأحداث والدوافع والمصالح التي شكلت الماضي القريب منه والبعيد.ومن يتقاعس عن قراءة التاريخ الخاص بوطنه منذ نشأته وحتى لحظته الراهنه,يصعب عليه أن يتمثل المواقف السياسية والوطنية التي يختزن تراث قومه عناصرها ويحفظ ذاكرة أسبابها ودوافعها. 

 
وننوه هنا إننا لا نقرأ التاريخ كي نصبح مؤرخين,فهذا مقررترعاه المناهج الأكاديمية,بل نحتاج قراءة التاريخ لنعرف ما نحن فيه وما نحن مقبلون عليه وما يحيط بنا من القوى القريبة منا وتلك البعيدة عنا كي لا  نقع في متاهة تكرارأخطاء الماضي ونتوهم أنه يمكن أن يتحول أعداء أمة تاريخيين إلى أصدقاء أو حلفاء لنا ,لأنهم سيظلون حماة مجنديهم والمستكينين لضغوطهم والتي تغريهم السلطة التي يمارسونها على شعوبهم وهم عاجزون عن حمايتهم بدون استدعاء القوى الإمبريالية الضالعة في إثم التحكم بخيرات الشعوب وثرواتهم, وحتى لا نقع في كمين منصوب بالطرق التقليدية  يستهدف المزيد من خيرالوطن وسعادة مواطنيه,وكي لا نظل منجما تُستغل المزيد خيراته بالنهب والأطماع, وحتى نحفظ للوطن هويته من  محاولات التفتيت والفرقة والتجزؤ ونحافظ على مل تبقى لنا منه, ونحن غافلون نخدم مصالح الطامعين ولا نتعظ بالتجربة المرة التي مررنا بها معهم. والذاكرة التاريخية في عصر تقدم مستويات التعليم لم تعد حصرية على الكتب والمجلات والمخطوطات, بل تظل يقظة في ذاكرة الأجيال ومدونات الناس الشخصية وحكايات تجاربهم الخاصة بهم.
 
والتاريخ مدرسة لكل مستويات التعلم ومراتبه وهو ليس مجرد حكايات للتسلية,بل حكايات تحمل معها العظات والعبر.والأحداث المعاصرة ما زالت ماثلة لأجيال شهدته و تشهد على أحداثه دون تجميل أو   تزييف أوتزوير. وما زالت سياسات الكيل بمكيالين التي تبرع قوى الامبريالية بإدارة مواقفها من خلال تجربتها الواسعة في هذا الميدان,تشكل وصمة خجل من تاريخ الحضارة الغربية التي أشاعت قيما إنسانية في بيتها ,ولكنها لم ترعوي ايا من خلق تلك القيم ومبادئها عند الأخذ بعين الاعتبار مصالح الأمم الأخرى .
 
عاصرت بعض أجيالنا ظلم العثماني وممارساته التجهيلية التي استصغرت من شأن العربي واستطعمت إهانته والسخرية منه.و بعض أجيال عايشت الخبث السياسي االإنجليزي ومداهنة أساليبه المتجردة من كل قيمة من القيم الإنسانية باستباقها وعي الشعوب يإثارة الفتن الطائفية والمذهبية والعرقية والثقافية ودعم أطرافها واستغلال الجهلاء والطامعين وحثهم على النزال في ميدانها في كل بقعة دخلوها عنوة بظلم القوة وبطشها وتشابك مصالح القوى الغربية التي لم تجد ما تنعش به اقتصادها سوى نهب موارد الدول التي استعمرتها.وما زالت همجية القوات الفرنسية في استعمارها الرذيل للجزائرتزخر بالقصص والروايات والآثاروالحكايات,عدا عما ألحقته من أذى واستغلال في دول أفريقية عديدة مستغلة ضعفها, وما زالت تمارس سياسات القتل والترهيب دون خجل من ماضيها الزاخر بالهزائم العسكرية, وكأنها تريد التعويض عن تلك الهزائم المنكرة التي لحقت بها في كل الحروب المتكافئة التي خاضتها في الحربين العالميتين الأولى والثانية ولم تستطح تحرير باريس إلا بواسطة القوى الأوروبية. وفي فيتنام صورة هزيمة أعظم قوة على يد مقاتلين فهموا معنى الوطنية فدافعوا عن قيمها. وفي العراق فرار منظم بعد أن عجزت أبشع الجرائم عن تمكينها من الإقامة التي خططت لها بإنشاء قواعد عسكرية مثيلة ومساندة لقواعدها في دول الخليج وفي اليابان. وفي أفغانستان تعاني هذه القوة من عدم استطاعة  الهرب بسهولة.وفي سوريا عجزواضح عن التدخل العسكري المباشر فأنابت عنها مجنديها في أعمال التخريب والتدمير يستسهلون التسلل إلى سوريا بحماسة ويغضون النظرعن اتجاه يستطلع أرض الجولان المؤدي إلى فلسطين المحتلة  تعففا أو رعبا والله أعلم.
 
المشاهد الحاضرة في الذاكرة هذه كلها تعبير واضح عن نوايا الامبريالية التي جعلت من حياة الشعوب الأخرى مرتبة أدنى بكثير من مراتب تحقيق مصالحها وأطماعها وكشفت فضائح طغيان القوة وغطرستها التي لا تحقق سوى دمار وأذى يملأ النفوس بالغضب والصدور بالحقد , وينتظرالمظلومون اللحظة   التاريخية التي ستبدأ عندها قيم القوة الامبراطوري والهبوط ليعملوا تلقائيا على تسريع عملية السقوط ,كما هي سنة النشأة  والتوسع والتمدد ثم الانحداروالسقوط والأفول في تاريخ الحضارات.
 
وفي التاريخ غير البعيد عن الذاكرة الإنسانية, وقعت تلك القوى فريسة أطماعها وتقاتلت فيما بينها وهزم بعضها البعض في معارك دامية وحروب حامية ذهب ضحيتها عشرات الملايين من البشرومع أنها استطاعت أن تتجاوز,ولو ظاهريا ما حل بها من مآس سببها بعضها للبعض الآخر,لكنها ظلت في صراع اتسم بالصمت بعد أن تحولت أرض هذا الصراع إلى الدول الصغيرة والضعيفة وبعد أن وجدت من بين  سكان المواطن الأخرى من أغرته المكاسب الشخصية وأوقعته في فخ العمالة لتلك القوى واستعداده لخدمة   أهدافها, فجندت من هؤلاء وأولئك قوى تأتمر بأمرها طائعة صاغرة تستعيض بها عند الضرورة لتخوض عنها صراعات هنا وهناك , وتدفع بمجتمعاتها إلى دوامة من التناقضات في المصالح الوطنية بين المواطنين وبين الحكام والمنتفعين وشلل الفساد وممارسيه مستهدفة إضعاف المواقف الوطنية الجامعة ومعززة لانعدام الثقة بين فئات المجتمع مكوناته التعددية لتظل هي المرجعية المؤثرة في السياسات العامة والموجهة لوتائرالتنمية والتقدم وإبقائها في مسار خاضع لتحيق مصالها في كل الظروف ومختلف الأحوال.
 
الانتفاع من التعامل مع القوى الطامعة يظل في أفضل حالاته تبعية , مها تعاظمت وسائل الإعلام المأجورة من رفع وتيرة أنغام الحرية والديمقراطية والتغني بها ,إذ لن يتمكن المنتفعون التخلص منها حسب رغبتهم , وإنما لانتفاء حاجة القوى الطامعة إلى جهدهم وإلى وجودهم .وقد أوضح هنري كسينجربجلاء وجود دول افتراضية من بينها دول عربية!!.
 
والتبعية لا تعفي أزلامها من الامتثال لرغبات الأسياد طائعة راضية,وها هي أموال كل من السعودية  وقطر تهدر في تمويل وسائل تدميربنى مدن عربية وهياكلها الأساسية وتدفع مجندي الإمبريالية إلى التقتيل  والتفجير وتدفع لهم من أموالها بسخاء,وتشتري لهم المواقف التركية الرعناء للتدخل المباشر في الحرب المعلنة على سوريا,وتنتظر قوى الغرب,من جانبها فرص إعادة الإعمار بنهب مزيد من المال العربي,  مقدمة الدعم السياسي والتحريض الإعلامي على المزيد من القتل والتدمير.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد