عذرًا أيّها الإخوان

mainThumb

13-10-2012 12:49 PM

 لست في هذا المقام  بصدد تحليل للواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وإنما ينحصر همّي بتحديد بعض الإشكاليات النظرية التي وقعت من خلال  تبلور مفهوم الحركات الشعبية المتعطشة للإصلاح واجتثاث الفساد من جذوره.

 
        فعذرًا أيّها الإخوان  لقد ابتعدتم  في إنشاء ثقافة إصلاحية إسلامية حقيقية، وأصبحت كتاباتكم مجرد نصوص لاستعراض مواطن القوة التي تؤهلكم لتملّك السلطة ، وغدت خطبكم مجرد أصوات لاستنفار العدد من الحركات    التي تناضل من أجل رفع الظلم واستغلالها لتحقيق مطالب خفية  وهي الاستئثار بالسلطة ، ومن هذا المنطلق حوّلتم  يا (جماعة) المعارك الفكرية  والمطالب الإصلاحية إلي معارك صوتية ، ودخلتم مع الحكومة في  معركة المقالات والمنابر   الإعلامية ومرثون الأرقام الفلكيّة  معيار القوة بها  المكاثرة بالحناجر الجهورية واستعراض العضلات، فابتعدتم بذلك  عن النفس الإصلاحي إلى خطبٍ  في الفوضى السياسية. وأدى هذا إلى البعد عن المبادئ  والفكر الإصلاحي إلى صراع من أجل السلطة وتطبيق لأجندة خارجية بصورة رديئة ، فالإصلاح الذي قاده الإخوان المسلمون في مصر لا يمكن تطبيقه على النموذج الإصلاحي الأردني ، فلكل وطن أدواته من الإصلاح ، ثمَّ إنَّ الأخوان في مصر أفرزتهم صناديق الاقتراع ولم يفرضوا أنفسهم  على الشارع المصري.
 
     عذرا أيها الإخوان إنَّ التغيير الذي تطلبونه لا يمكن استنساخه على الوطن الأردني الغالي ؛ لأنّه  مبني على القطيعة الجذرية مع الوطن من خلال جملة من المطالب التي لا تتلاءم مع استحقاقات المرحلة الحرجة التي يمر بها الوطن .
 
       عذرا أيها الإخوان فالإصلاح إذن، ليس صورة واحدة  في المضمون الديني  الفكري أو السياسي أو الاجتماعي، بل هناك ( إصلاحات) تتعدد بحسب الحاجة الدنية والسياسية والاقتصادية . وهذا ما جعل الشارع الأردني المتعطش إلى الإصلاح _ لا إلى السلطة_ من الابتعاد عن المتأخونين الذين اعتمدوا  تجارب جماعات خارجية واعتمدوا منهجية مستوردة ، لا تتوافق مع مطالب الشعب الذي ينادي بالإصلاح . 
       عذرا أيها الإخوان كلنا نعلم أنَّ  الإصلاح الحقيقي لابد أن يمر بمنظومة دينية وأخلاقية ، وهذا لا خلاف فيه، فمحال أن يقود طريق الدين إلى الفساد , ولكنَّ الإصلاح لا يكون باستيراد نماذج خارجية ، فالإصلاحات التي تتغنون فيها حدثت بطرقٍ شرعيةٍ ، لا من خلال  شعارات أساءت بقصد أو من غير قصد إلى صورة الإسلام .  
 
       عذرا أيها الإخوان كلنا نعلم أنَّ  الإصلاح الحقيقي لا يتحقق إلا بقبول الواقع ومحاولة إصلاحه، لا من خلال التنكر للواقع ووضع شروط هي بمثابة  موانع وعوائق أمام الإصلاح الحقيقي الذي يطلبه الشرفاء الغيرون على أمن وسلامة وطنهم ومنجزاته ومعتقداته؟


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد