الانتخابات ومنح الشرعية للفساد

mainThumb

07-11-2012 08:01 PM

 الفترة التي مضت من الربيع الأردني كانت سجال ما بين النظام وحكوماته من جانب, وبين الحراكات الشعبية وقوى المعارضة من جانب آخر التي تريد إصلاح النظام وتطوير أدواته التنفيذية والتشريعية والقضائية, والانتقال إلى الدولة المدنية المؤسسية ليسود فيها القانون وتضمن الحرية والعدالة, وما نشأ الربيع الأردني _إصراره على هذه الرؤية_ إلا لما آلت إليه الدولة من حالة انسداد في الأفق القريب للخروج من أزماتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها, وما هذا الانسداد إلا للعجز الذي لازم الحكومات المتعاقبة من عدم حملها لبرامج واضحة الخطط سواء قصيرة المدى أو البعيدة كما هي الدول التي تعمل على التطوير والبناء على ما أًنجز, وأيضاً لافتقار هذه الحكومات إلى الشفافية والعدالة في تعاملها مع قضايا الوطن من إيصال الحقائق وعدم إخفائها عن المواطن _إلا المصائب والكوارث والعجز_ وتقديم كل الحقوق دون تمييز مناطقي أو فئوي أو طبقي, بل نجدها قد تفرغت لإرضاء أهوائها السياسية وغرائزها المالية, فعززت الفساد بقوننته وبدأت تدير معركة كسر العظم مع الحراك والمعارضة, والبحث عن كل السُبل في تحييدها عن المشهد في دوائر القرار خوفاً على نفسها ومكتسباتها وليس خوفاً على الوطن.

 
إن الحكومات المتعاقبة لم تقدم أي برنامج إصلاحي يقود الدولة إلى واحة الأمان الحقيقي وليس الأمان الذي تدّعيه, فلا زال المواطن يعاني الفقر والعوز والتهميش وتحييده عن المشاركة في صنع القرار.
 
مشكلاتنا مع العجز المتوارث منذ سنين, وما نتج من مشكلات للطاقة واستيرادها وكُلـَفِها العالية, أو توفير البدائل من مخزونات أرض الوطن, لم يُحفّز أي حكومة لوضع الخطط الملائمة والقابلة للتطبيق على مراحل معلومة الزمن والتكلفة, فهي في قراراتها تعلم إلى أين تتجه عندما تعجز عن فهم المرحلة ومتطلباتها وتصل إلى خزنة خالية, فهي تعرف طُرقها ولا غيرها, إنها جيب المواطن ولقمة عيشه, فيما الفساد الذي استشرى واستقوى على الوطن بقوننته ومأسسته قد أجهز على كل الموارد التي ظهرت وأوقف كل محركات البحث عن الموارد المكنوزة لعوزة مسؤول قادم.
 
الدولة الأردنية توجه الاتهام المبطّن, أن المعارضة والحراك, لا يملك برامج تحمل الحلول لمشكلاتنا التي أصبحت مستعصية باستعصاء المسؤولين في مواقعهم, وهي تهدف من ذلك إيقاع الغُبن على المعارضة لتبقي هواجس العامة نحو ما تقدمه الحكومة, وإن كان تخبطاً ومفتقِراً للشفافية والمنهجية.
 
إن الحراك الشعبي والمعارضة, لا يُراد لهم الوصول إلى السلطة أو حتى المشاركة الحقيقية فيها, وبالتالي عدم الشراكة في صناعة القرارات على مستويات إدارة الدولة العُليا, والسبب أنها تملك مفاتيحاً لحلّ الكثير من مشكلاتنا وتؤسس لسياسات المكاشفة والشفافية والعدالة, وبداية طَرْقها لما تطالب به في صرخاتها الأسبوعية بوقف الفساد...ومحاسبة مرحلة تاريخية من عمر الدولة, فتعيد فتح الكثير من الملفات التي أُغلقت بأوامر مستويات عليا, وليس لعدم توفر أدلة كافية _فالشمس لا تُغطى بغربال_ مما يؤدي إلى عودة مبالغ طائلة إلى خزينة الدولة والزج بأسماء في السجون كانت قد حوكمت شعبياً في الشارع.
 
الحكومات المتعاقبة لم تقدم أية أطروحات تقود إلى حلول جذرية لمشكلة الطاقة والتخلص من العجز, بل لا زالت تستخدم نفس الأدوات التي ستبقى تقودنا من فشل إلى فشل آخر, وتدخلنا في أزمات أكبر من سابقاتها.
 
رئيس الوزراء وفي أحد لقاءاته يقول "أن القضية الاقتصادية في الأردن كبيرة وعميقة, وتحتاج إلى وقفة وطنية من الجميع لتخفيض عجز الموازنة وإزالة التشوهات الاقتصادية الموجودة".
 
إن الاقتصاد الأردني وما وصل له أيها الرئيس, ليس قضية بقدر ما هو فشل حقيقي أورثنا عجزاً لا يُحتمل, ومديونية قادتنا إلى الهاوية وعُمقها أيها الرئيس يأتي من توارثها عبر السنين وكنا خلالها نسمع نفس التبريرات وما تحمله من عبارات استعطافية, بأن القارب يوشك على الغرق ويحتاج إلى الوقفة والفزعة من الجميع, ولم نسمع يوماً أن قارب الوطن أوشك على الوصول إلى برّ الأمان فلا زلنا منذ عقود في دوامة المؤامرات, أما التشوهات أيها الرئيس قد قالها من سبقوك ممن استفحلوا في جيوب المواطن, فلا زالت التشوهات ولا عادت الأيادي من الجيوب.
 
تسعون بخطواتكم الحثيثة إلى الانتخابات فتكون لزمرة الفساد والنهب الشرعية التي اغتصبتموها من الشعب, ولا زلتم تسيرون بانصياع تام لصندوق النقد الدولي وتعليماته الإذلالية, وأداء أدوار وظيفية على حساب الوطن وكرامة شعبه وهويته.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد