نقابة المعلمين وذكرى الخمسينيات

mainThumb

18-11-2012 10:19 AM

 نقابة المعلمين أعلنت الإضراب عن الدوام احتجاجاً على قرار حكومة النسور الذي تطاول على جيب المواطن وكرامته, واستخفت بعقله, من خلال طرحها معادلات تعويض وصفت بأنها فيثاغورسية, قرار جريء سبق النقابات المهنية ذات العمر الغائر في سنين الفساد والنهب لوطن بأكمله, نقابة المعلمين تضع نفسها والمعلم في مقدمة النقابات المهنية للتعبير عن طبقة اجتماعية بدأت تتبلور وتتفاعل مع هموم الوطن وتتجانس مع الحالة العامة للمجتمع, فما عبرت إلا عن غيض العامة وغضبها على حكومة النسور التي توغلت يدها إلى ما تبقى من كرامة المواطن وجوعه, وتاركةً السبب الرئيسي في إفقار الموازنة ومن تسببوا في إنهاك الدولة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.

 
الإضراب المُعلن يؤسس لمرحلة جديدة, مرحلة عودة الطبقات العمالية والمثقفة إلى مقدمة المشهد, بأخذ مواقعها الحقيقية في المشاركة بقيادة المجتمع والتأثير على صانعي القرار _وهو في المناسبة نفس الدور الذي كانت تقوم فيه نقابة المعلمين في خمسينيات القرن الماضي_ الإضراب ونجاحه سيؤثر على مرحلة قادمة تكون فيها النقابة صاحبة الريادة والقدرة على حماية المعلمين وتأمين حقوقهم وحماية كرامتهم.
 
الرأي العام, ومنهم المعلمين انقسم بين مؤيد وبين رافض لهذا القرار, ولا نشكك بنوايا الاتجاهين ومبرراتهم في التأييد أو الرفض, فكل طرف له مخاوفه أو دوافعه, ولكن ما تم رصده من خلال الاحتجاجات الشعبية المندفعة عفوياً إلى الشارع للتعبير عن غضبهم والتي رافقها في بعض المناطق أعمال عنف وتخريب, وهو ما تم رفضه من الجميع, وقد أكد على رفضه أيضاً الحراك الشعبي الذي وجه له الاتهام, وقد فهمنا من اتهام الحراك ما كان إلا لأجل أن يتوقف عن ممارسة الرفض والعودة إلى منازلهم والقبول بقرارات الحكومة بحجج الخوف على الوطن ومؤسساته العامة والخاصة, ونعلم أن الحراك الشعبي وعفوية الناس هي براء من هذه التهم, فالحراك الذي دام 20 شهراً لم يخدش خلالها حياء الشارع أو الاعتداء على الممتلكات, بل على العكس من ذلك, كان دائم الحرص في المحافظة على سلمية الحراك, ويرفض العنف رغم تعرضه في أكثر من مكان للاعتداء.
 
ولكن هل لنا أن نعرف ممن يذهبون في تخوفاتهم ورفضهم للاحتجاجات الشعبية وكذلك رفضهم للإضراب, كيف نستطيع التأثير والضغط على الحكومة للعودة عن قرارها؟؟
 
ذهب البعض في تفسيره للإضراب بأنه يخدم الإسلاميين في الشارع, وخاصة أن غالبية مجلس النقابة مرجعيتهم الإخوان, ولكن أتساءل ألا يوجد في الشارع مجموعات بشرية أخرى؟؟ ألا يوجد أحزاب وتيارات أخرى مشاركة في الاحتجاجات؟؟ والجموع البشرية غير المؤطرة أليسوا هم أهلنا ورفاقنا ويحتاجون إلى الدعم من كل الأطراف للضغط على الحكومة؟؟ القرار يخدم الإسلاميين, نعلم ذلك, ولكن نرفض تصدرهم للمشهد أو اختطاف جهد وتضحيات الشباب لصالح مكاسب سياسية, (وكذلك نرفض اختطافه لأي طرف آخر) وعندها أسأل ما هي الطريقة للقيام بعمل على مستوى النقابة يضغط على الحكومة ولا يخدم الإسلاميين؟؟
 
الإسلاميون في الشارع شئنا أم أبينا, والتخريب المُمَنهج تقوم به أطراف مرتبطة مع بعض الأجهزة الحكومية لتفريغ الشارع من كل القوى السياسية, وهذا ما لا يجب حدوثه, وبنفس الوقت نعلم بأن الإسلاميين سيكونون أول من يجلس على طاولة الحوار والتفاوض أو عقد الصفقات, ولكن يكمن الحل بالاستمرار في الاحتجاج حتى تتحقق مطالب الشارع بعودة الحكومة عن قرارها الجائر, وتعهدها بتقديم رؤوس طالما انتظر الشارع رؤيتها خلف القضبان, والتعهد بمراجعة النهج الاقتصادي الممارس منذ أكثر من عقد من عمر الدولة, من خلال حوار وطني يضم كل الأطراف وليس الإسلاميين وحدهم.
 
المعلمون إذا أرادوا لنقابتهم أن تضع لنفسها مكاناً متقدماً بين مثيلاتها المهنية, وأن تكون في مقدمة القيادات المشاركة في صنع القرار, وأن تكون بحجم المعلم ومهنته, أن يدفعوا باتجاه إنجاح الإضراب والمطالبة باستمراريته لعدة أيام, فقد بلورت النقابة لدور تاريخي للطبقة العاملة في المجتمع الأردني للتخلص من عبودية الرأسمالية, والمشاركة في صياغة الاقتصاد الاجتماعي الجديد.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد