الخصومة المفتعلة مع مؤسسات الدولة

mainThumb

09-12-2012 08:00 PM

نفهم أن في الحالة الثورية التي تفجرها حراكات شعبية سلمية التي تمر بها مجتمعات بنظم غير ديمقراطية,أو نظم امتهنت ممارسة الديمقراطيات الشكلية كالحالة في مصر العربية وفي تونس بالتحديد, نفهم الحاجة إلى إجراء التغييرات التي تتماشى مع أهداف الثورة ومع تطلعات المكونات المجتمعية إلى ممارسة حقوقها الطبيعية والقانونية في عصرالحريات التي شقت طريقها بعد معاناة طويلة مع الاستئثار بالقراروتقييد حدود الاختيار أمام المواطنين,وتشويه قيم المعارضة وسمعة المعارضين ومحاولات تضييق منابر التعبير الحروالاستهتار بالرأي الآخروالاستهانة بقوة إرادة التحررعند الفرد المستمدة من دعم محيطها الجمعي الشعبي وامتداد قيمها بالقيم الإنسانية في عالم اليوم الذي تلاقت فيه الأمم في ثقافاتها وفي عاداتها وفي معتقداتها وفي منجزاتها بما يسته وسائل الاتصال وتناقلته وسائل الإعلام بمهنية تتفاوت في مهاراتها بين مصدر إعلامي وأخر.

القيم الإنسانية ليست وليدة حضارة خاصة بأمة,وليست من ابتكارفكر جماعة تخص قوما لوحده,وليست ثقافة أنجبتها عذابات صراع مع مجهول طاغ ومستبد,وأفرزها العقل في صراعه مع الشر والرذيلة  والطمع والجشع واستغلال الإنسان لأخيه الإنسان وامتهان القتل والتدمير بين والحروب بين الأقوام في حضاراتها البدائية ,وحفز الاستقراروحب الحياة والتمسك بالسلام بين الناس صراع العقل المتنور والمنفتح على رؤى ينفذ منها على تحقيق مستويات أكثر اعتدالا وأوسع مساحة للتعايش بسلام واحترام.

القيم الإنسانية ترسخت بالأديان السماوية منها والوضعية وتوثقت بدعواتها وتعاليمها التي انتشرت بين  كل الأمم وأقوامها.الخير والشر ليسا من ابتكار ثقافة مغلقة على أصحابها,ومخرجات علوم البيولوجيا والفيزيولجيا لا تنفرد بها قوميات بعينها تتفوق فيها على غيرها , وليست هي ملكا للعالِم أو لعشيرة العلماء المبدعين في البحث في أسرارهما وعشائرهم وجمعهم وجماعاتم.والعقل العضوي في رأس الإنسان أينما كان. القضية إذن ليست في ما نظن إنه فكريتعلق بنا دون غيرنا وقيم نتعوذ بالشيطان من غيرها أو بدائلها أو ما جدده العقل والحاجة منها.

لم يعد الخلاف في صراع الأفكارالمنبثقة من العقول الحرة في التفكير وفي البحث وفي الاكتشاف حول مقومات الدولة الحديثة ومكوناتها المؤسسية الرئيسة,وإنما يتركزهذا الخلاف على التجاوزات التي تتجرأ على القيام بها مؤسسة منها والتغول على المؤسسات الأخرى بطريقة فجة بدائية المرجعية الأخلاقية والسلوكية,لضيق من المعارضة أو سذاجة رد الفعل أو عسف الخبرة المحدودة في الإدارة والتصرف بحنكة ودراية.

تتفق كل المناهج في العلوم السياسية والإدارية ونظمها منظوماتها في كل التشكيلات لبنى الدولة ومؤسساتهاعلى إن السلطات الرئيسة في الدولة أي دولة حديثة ثلاث سلطات وهي المعروفة والمتداولة في كافة دول العالم وهذه : السلطة التشريعه : السلطة التنفيذية : السلطة القضائية,وهي سلطات في المجتمعات الديمقراطية الحقيقية, مستقلة كل منها استقلالا سياديا,يحرم تدخل الواحدة منها في أمورالأخرى ويرفضه كل طرف, وتحترم كل منها قرارات الأخرى بما لا يتعارض والتشريعات السارية في الدولة,ويمكنها تنسيق ما ترى من جهود تخدم الصالح العام والتعاون على تثبيت الحقوق العامة والخاصة للمواطن .

أخذ القضاء موقعه الاستقلالي بسيادة القانون وعدالة تطبيقه أهمية خاصة جعلت منه في موقع أسمى من  غيره من السلطات الثلاث,لأن إقامة العدل سباقة على صلاحيات السلطة ونفوذها , وهي متقدمة على دور السلطة التشريعية التي لا تقدم على عمل من شأنه أن يمس شرائع العدالة ومقتضياتها التطبيقية      والتشريعية.ويضع البعض الصحافة (الإعلام) في موضع السلطة الرابعة,ولكن ذلك له محاذيره القيمية والتشريعية,فلا يجوزفي دول الحرية والتعددية والديمقراطية وضع قيود أو محددات أو محظورات على الصحافة والإعلام ويترك للتشريعات العامة سلطة الاحتكام في وقوع المخاللفات والتجاوزات,وهذا المنظور يعطي للإعلام دورا محسوسا ومبشرا في الرأي العام وأثرا ملموسا في الوعي العام وإضاءة تنويرية في الضمير الوطني للمواطنين.

ونسأل المبتدئين في علوم السياسة وفي كليات الإعلام وفي كليات الحقوق,والمتدربين منهم في مراحل مزاولة مهنتهم الأولى,والناشطين في الدفاع عن  الحريات وفي السعي لحياة حرة كريمة ,لو إن نظاما احتكررئيسه السلطة التشريعية,وأعلن عداؤه السافر للقضاء واتهمه هو وحزبه ومؤيديه بالقضاء الفاسد,وحصن قراراته ضد الطعن بها أو الاعتراض عليها,ويواجه الإعلام بالقرارات العدوانية بإغلاق محطات البث التلفزيني أو التهديد والوعيد بالتوقيف لمنع بث مقابلات مع زعماء المعارضين وقادتهم والمطالبة بتطهير الإعلام وتطهير القضاء,فكيف تصنفون مثل هذا النظام وبماذا تصفونه؟؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد