ما عدنا نشرب قهوة الصباح على أنغام فيروز

mainThumb

27-02-2013 07:31 PM

 عفوا فيروز ،ومعذرة ،لم نعد نرتشف قهوتنا في الصباح ،على أنغامك الشجية،والإنبهار بطلتك الأبهى،ملكة الطرب الأصيل،والكلمة الطيبة ،والصوت الملائكي.

ما عدنا نفعل ذلك ،ليس لشيء يتعلق بملكة الفن والطرب الأصيل فيروز،وليس لأننا شعرنا بالملل من الإنبهار بما يصدر عن فيروز الملكة،فنحن من الذين أدمنا على حب ،بل وعشق فيروز الطلة والأداء والشموخ والعزة.
عذرا فيروز ومعذرة ،ما عدنا نهتم بهذه الطقوس ،وما عاد فنجال القهوة يمنحنا المتعة التي كنا نجنيها إبان عنفواننا الثوري،الذي كنا فيه نمتلك الوقت لنمارس هذا الطقس المحبب لنفس.
 
لم تعد صباحاتنا السابقة ،كماهي اليوم ،رغم تجذر الهزيمة فينا،لكننا آنذاك كنا نمتلك الأمل بالتغيير والتحرير،فلم تكن القدس قيد التهويد،ولا بغداد تحت الإحتلال ،ولم نذق حسرة إحتلال بيروت،على مرآى ومسمع من أصحاب الشعارات القومية والأممية، وها نحن نشرب نخب شامنا دما سفح على قارعة المؤامرات ،بل كانت هناك مساحات من الأمل بغد أفضل،وحياة غير حياة الذل.
 
صباحاتنا اليوم نمضيها بلا قهوة على أنغام فيروز ،وحتى القهوة لم نعد نتلذذ بإرتشافها وتذوق هيلها،وربما مضغ حبات القهوة الطازجة من قبيل الرفاه.
 
صباحاتنا اليوم نقضيها بكاء ودموعا وحسرة على واقعنا الذي إتسم بالدمار الشامل ،فلا القدس عادت ولا قاهرة المعز نجت ،ولا بغداد تحركت لنجدتنا ،فأي أناس نحن؟
 
نحن نقضي صباحاتنا بمتابعة جراحاتنا النازفة في فلسطين والعراق ولبنان واليمن ومصر والسودان وموريتانيا والجزائر وتونس وسوريا ،ونتمعن بلحمنا كيف يتم تقطيعه إربا إربا ،على أيدي "الأعدقاء" جميعا  الذين تحالفوا ضدنا ،وإستباحوا لحمنا ودمنا،ونحن لا حول لنا ولا قوة،وألدهى من ذلك اننا ننفذ ذبحنا بأـيدينا.فأي بشر نحن؟
 
عفوا فيروز ومعذرة،لم نعد نمتلك ترف المزاج لنرتشف فنجال قهوتنا الصباحي في حضرة صوتك الفخيم ،بل ضعنا  في واقعنا المرير ،وأمسنا القاسي وغدنا المجهول.
 
كنا في حروبنا مع إسرائيل ،والتي كانت تفرض علينا، نتفاخر بالأدب أمام جحافل جيوشها، إذ لم يكن لدى جيوشنا الجرارة الأوامر للمواجهة مع إسرائيل ،لذلك كان إحتلال أراضينا أسهل على الجيش الإسرائيلي من سقوط حبة التين عندما تنضج مليا.
 
لكننا في مواجهاتنا مع بعضنا البعض، نكون غير ذلك ،ونتلبس الرجولة قهرا  ونحرق الأرض تحت أقدامنا ،ونتحالف مع الشيطان لنحقق أهدافنا، وهنا يحق لي التساؤل :لماذا يحرقون ويدمرون دمشق، وهم لم يحركوا ساكنا في مواجهة إسرائيل في كل حروبها الممسرحة؟
 
لماذا تعاقدوا مع حلف الناتو لتدمير طرابلس وبنغازي؟ لماذا تحرك سنة العراق هذه الأيام؟ لماذا يمنع الفلسطينيون من إنتفاضة ثالثة؟أسئلة لا حصر لها تعصف بالذهن وتحرك زواياه الساكنة ،فهل من مجيب؟
عفوا فيروز ومعذرة، ما عدنا قادرين على الإستمتاع  بحضورك البهي ،مع فنجال القهوة ،فقد مات فينا الإحساس،وأصبحنا جثثا تتحرك لكن دون روح وثابة .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد