رسائل موسكو عمّان

mainThumb

09-05-2013 02:49 PM

الغارات الإسرائيلية على سورية صباح الأحد والتي تباينت حولها الأهداف والغايات هي واضحة المقاصد للإسرائيليين دون غيرهم واستطاعوا من خلالها توجيه الكثير من الرسائل إلى كافة أطراف الملف السوري بدءا من نظام الأسد والمعارضة السورية إلى أمريكا وروسيا.

 بعد الغارة مباشرة يغادر نتنياهو إلى الصين ويصل وزير خارجية أمريكا إلى موسكو في رسالة واضحة للطرف الدولي الذي يدعم نظام الأسد ويمنع صدور قرار من مجلس الامن، هذه الزيارات هي ضغط صريح لتحسين المواقع التفاوضية أو أي سيناريوهات أخرى لإنهاء الملف السوري، فالأوراق الأمريكية كثيرة وبعضها لا زال خارج الاستخدام والغارات الإسرائيلية ليست آخرها، مع احتمالية دخول أطراف إلى معادلة الأزمة السورية كانت خارج حسابات موسكو وحلفائها، هذه الرسالة الأمريكية وبتوقيع إسرائيلي واضحة إلى الروس والصينيين، بأن الجماعات الإسلامية المتشددة قد تعصف باستقرار المنطقة إذا ما تمكنت من السيطرة على سورية أو أجزاء منها إضافة إلى إمكانية امتلاكها لأسلحة متطورة وفتاكة ستخل بموازين القوى في المنطقة وتهدد إذا ما استمرت هذه الفوضى الحالية والقابلة للتمدد أكثر مما قد يُخرجها عن سياق السيطرة مستقبلاً، فكانت الضربة الإسرائيلية لإظهار مشروعية المخاوف من هذه الجماعات وعدم التأكد من ضمان بقاء الأسلحة الخطيرة في يدّ نظام الأسد أو عدم القدرة في ظل عدم وجود قرار دولي للتدخل والسيطرة على هذه الأسلحة وعلى واقع الصراع بين أطرافه وتخندقها في مواقفها وبالتالي وتوجيه نتائجه بما يخدم مصالح الكبار ويضمن أمن إسرائيل وشكل الدولة السورية القادمة، ولذلك لا بُدّ من الحسم الدولي الذي أصبح أكثر ضرورة والسيطرة على هذا الاضطراب وهذه الفوضى ووقف تناقضات بعض الأطراف في المعسكرين مع وضد وعكس ذلك فإن مصالح كل الأطراف ستتضرر وقبل ذلك فإن الشعب الإسرائيلي سيكون المُستهدف الأول.
 
في المقابل وبمحاولة تعتبر نوعاً ما بائسة وشعوراً بفقد زمام المبادرة لاحتواء التطورات والمعطيات لصالح أمريكا وحلفائها تأتي زيارة وزير خارجية ايران إلى الأردن لأن البوابة الأردنية هي ورقة قوية لم تُستخدم بعد قادرة على تغيير الكثير من المعطيات السياسية والإنسانية وحتى العسكرية إذا ما وظّفتها أمريكا في الوقت المناسب، فكانت الرسالة الإيرانية التي حملها وزير خارجيتها تحمل صيغة التحذير شديد اللهجة الذي عبر عنه الوزير الإيراني بأن إيران لن تسمح بتدخل عسكري ولن تقف مكتوفة الأيدي وعليه فإن الأردن إذا ما أصبح طرفاً أو داعماً لأي عمل عسكري من أراضيه سيكون هدفاً بمتناول الإيرانيين .. وبنفس الوقت تقدم للأردن الثمن المُجزي لدفعه نحو الحياد من الأزمة والمعارك التي تدور في جوارها الشمالي وإيران تعلم أن الأردن لا زال بين رغبات عدة أطراف تنظر إليها باباً لعدة سيناريوهات ستكون حاسمة في إنهاء الأسد ونظامه.
 
الردّ الأردني كان واضحاً من خلال وزير خارجيّتها ناصر جودة والذي اتّصف بالحسم في انتقاء كلماته لبيان ثبات موقف الأردن من الملف السوري المُتمثل في رحيل الأسد ومواجهة الجماعات الإسلامية المتشددة والسيطرة على الأسلحة وخاصة الكيماوية وإمكانية توظيف ملف اللاجئين إذا لزم الأمر، ورفض لغة التهديد الإيراني بأن الأردن سيكون هدفاً لإيران كونها لن تبقى مكتوفة الأيدي إزاء أي تدخل عسكري ومن أي طرف، وهذا ما دفع الأردن إلى إظهار موقفه بعدم مغادرة الجانب الأمريكي والذي يؤشر عليه ردود وزير خارجية الأردن في المؤتمر المُشترك مع وزير خارجية إيران، حيث كان صوته حاداً ومرتفعاً وغير دبلوماسي، فعند التطرق إلى وزير خارجية إيران في سياق الحديث يكون بالإشارة دون ذكر اسمه ودون النظر إليه، وبالتالي رفض العروض الإيرانية الترغيبية لبقاء الأردن محايداً من الملف السوري، أما ما تبقى من لقاءات أو أحاديث أخرى لا تعدو أكثر من بروتوكولات إعلامية ومجاملات سياسية.
إيران التقطت الإشارة بأن الأردن لن يغادر المعسكر الأمريكي ولا يزال ملتزم برؤيته للأزمة السورية فارضاً نفسه طرفاً أساسياً في المرحلة القادمة مهما كانت السيناريوهات والاحتمالات، فكانت مغادرة الوزير الإيراني مباشرة إلى الأسد لنقل الصورة كاملة له عن الموقف الأردني.
 
الأسد بدوره ردّ على الغارات الإسرائيلية بهجوم عسكري هو الأعنف على مقاتلي المعارضة بالقرب من الحدود الأردنية من أجل استعادة السيطرة على كافة الواجهة المحاذية للأردن، فالنظام السوري يعلم بأن الأردن لن يغادر المعسكر الأمريكي وبالتالي ستبقى الأردن بوابة حاسمة إذا ما استخدمتها أمريكا في الوقت المناسب، فكان لا بُدّ من السيطرة على هذه المناطق وقطع الطريق على المُعسكر الآخر من إقامة المنطقة العازلة، لأن الهدف الأمريكي إيجاد جغرافيا مثالية كنقطة انطلاق عسكرية باتجاه الداخل السوري ولقربها من دمشق ستكون أداة ضغط لفرض سيناريوهات تفاوضية على المرحلة القادمة، إضافة إلى تأمين الجانب الإسرائيلي من كل الاحتمالات، الملف السوري في نهاية الأمر يتجه إلى فوضى أكبر على الأغلب ستفضي إلى عمليات عسكرية ولو بحدودها الدنيا لتأمين الأسلحة الكيماوية ومنظومة الصواريخ المتطورة، علينا الاستعداد لفوضى ومعارك قادمة من الشمال الملتهب..!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد